الكاتب رفقة صحفي الشروق أهملت عائلتي وفواتير الماء والكهرباء من أجل هذه القضية وعلى الحكومة الجزائرية مساعدتي ما الذي حصل مع الكاتب الجزائري المقيم بفرنسا محمد قرن حتى يصدر كتابه الأخير "رسالة إلى هذا الأب الذي قد يكون أنت"؟ ولماذا كلّ هذا السخط على السلطات الاستعمارية الفرنسية؟ هل يستحقّ الذي حصل أن يكون مادة دسمة لكتاب يتداوله القرّاء على ضفتي البحر الأبيض المتوسط؟ في هذا الحوار الذي خصّ به المؤلف الشروق اليومي على هامش توقيعه للبيع بالإهداء للكتاب السالف ذكره بمقر اتحاد الكتاب الجزائريين بالجزائر العاصمة، العديد من الأجوبة للأسئلة المطروحة، ولأسئلة أخرى كثيرة قد تكون غابت عنّا ، ولم نطرحها في مقدمة هذا الحوار.. الشروق: هل ما جاء في كتابك "رسالة إلى هذا الأب الذي قد يكون أنت" قصة حقيقية..من هول ما فيه لا نكاد نصدّق؟ ج: أجل إنّه قصّة حقيقية عشتها بكلّ تفاصيلها، وبكلّ آلامها وأحزانها، منذ ما يزيد عن 21 سنة وأنا أكتوي بنارها.. - هل من الطبيعي أن يكتب الإنسان عن امرأة اغتصبت وعن معاناتها، خاصة إذا كانت هذه المغتصبة هي أم الكاتب البيولوجية؟ كنت أعلم عند كتابتي لهذا المؤلّف أنّي أقوم بكسر أحد الطابوهات، لكن ماذا أفعل لقد أقحمت نفسي في هذه القصة لأنّ أمي ضحّت بشرفها، وهي زوجة شهيد، وكنت مضطرا للدفاع عنها، وعن شرفها الذي دنّسه أحد الجنود الفرنسيين إبان الحقبة الاستعمارية. لقد كانت أمي تقول لي كلما واجهتها بالألم الذي يعتصرني جراء هذه الحادثة المؤلمة القاسية يجب أن تتذكر ما عاناه الأنبياء والرسل لتهون عليك مصيبتك..، أؤكد لك أنّه لو لم تكن غيرتي على الثورة وتاريخها المشرق بكلّ تضحيات الجزائريين نساء ورجالا، لما أصدرت هذا الكتاب، ولما أقدمت على كتابة حرف منه.. - كثر الحديث منذ مدة عن اعتماد مشروع قانون يجرّم الاستعمار الفرنسي، وما يزال المشروع يراوح مكانه..السؤال ماذا تقول في مشروع كهذا، وما الذي تقوله لمن يقف وراء تعطيله أو في الجهة المقابلة للذين يريدون الدفع به لرؤية النور؟ بصراحة كان من المفروض أن يتم اعتماد هذا القانون في سنة 1962 ولا يتأخر إلى اليوم، وإذا كان الفرنسيون قد سنّوا في وقت سابق قانونا تحدّثوا فيه عن إيجابيات الاستعمار الفرنسي في الجزائر، فكتابي أمامك يوضح أنّ الاستعمار لم يكن إيجابيا، وأنا وأمي ضحيتان للاستعمار الفرنسي، يجب أن يعلم الجميع بأن مسألة تجريم الاستعمار مسؤولية الجميع، ونحن مسؤولون أمام الله عن أرامل الشهداء وأبنائهم، وعن تاريخنا المثقل بالتضحيات..لا يجب أن ننسى، أنا ضد العنف لكني مع كتابة التاريخ ووضعه بين أيدي الأجيال اللاحقة. - أتساءل بجدية كيف تمّ استقبال كتابك؟ لقد طبعت كتابي بفرنسا وصدر عن دار "لا تيس" ولم يوزع بالشكل الكافي، لكني كنت مضطرا لدفع الأصدقاء إلى قراءته، لكن الإعلام الفرنسي تناول مضمون الكتاب بشكل واسع، وأنا أؤكد لك أن كتابي هو عبارة عن قفة مليئة بالتاريخ أضعها بين أيدي القراء على ضفتي المتوسط، وقد عملت كثيرا لإيصالها إلى الجمهور، وبسبب نشر هذه القصة فقدت الكثير من الحقوق في الجزائروفرنسا. يجب أن تعلم أيضا أن العنوان الأصلي للكتاب كان صادما أكثر وهو "فرنسي بالعنف" وقد رفضت دار النشر الفرنسية إصدار الكتاب بعنوانه الأصلي، وبعد أخذ ورد توصلنا إلى الاتفاق على أن يوضع هذا العنوان على الصفحة الأخيرة.. - أعيد السؤال بصيغة أخرى هل وجدت تضامنا من أحد وما هي الأطراف التي تضامنت معك؟ لقد راسلت الرئيس بوتفليقة في 2006 وأجابني بأنه متضامن معي في معركة الاعتراف التي أخوضها ضد السلطات الفرنسية، كما وجدت تضامنا من قنصلية الجزائر في فرنسا. لا أخفي عليك سرا إذا قلت لك بأن المؤرخ الجزائري محمد حربي يقيم في نفس الحارة التي أقيم بها في فرنسا، وهو يعرفني لكنه لم يبد أي تضامن معي وهو مثقف.. المشكلة أنّ التضامن غير موجود بين الجزائريين في المهجر. - هل توجّه دعوة بالمساعدة لأي كان من خلال الشروق وما الذي تنوي القيام به لحيازة الاعتراف الذي تريد الحصول عليه؟ معركتي ما تزال قائمة، وقد رفعت دعوى قضائية ضد الحكومة الفرنسية في 8 مارس الجاري بمحكمة باريس بتهمة ممارسة التعذيب، وبعد يومين سأذهب إلى فرنسا لمواصلة معركتي القضائية، أنا أدفع اليوم للمحامين من جيبي الخاص، وقد أهملت عائلتي وفواتير الماء والكهرباء من أجل هذه القضية، وأنا أتساءل لماذا يتركونني وحيدا أقاوم، أنا لا أستطيع القيام بكلّ ذلك بمفردي على الحكومة الجزائرية مساعدتي.