أتمنى التعاون مع أحلام مستغانمي وزيارة الجزائر حلم يراودني الشراكة الجزائري السورية في الدراما خاضعة لإرادة المنتجين أبدى المخرج السوري المثنى الصبح انبهاره بفيلم "خارجون عن القانون" للجزائري رشيد بوشارب والذي يتحدث عن مظاهرات، ويرى في الحوار الذي جمعه ب"البلاد"، أن الساحة السينمائية العربية خاصة، بحاجة إلى هذا المستوى الذي وصفه بالعالمي. وأظهر المتحدث رغبة جامحة في الإشراف على إخراج فيلم "الأمير عبد القادر" المطروح بقوة في "السوق الجزائرية" حاليا، معتبرا الشخصية حلم أي مخرج في العالم لتجسيدها. ويعرب الصبح، عن إعجابه بموهبة الجزائرية آمال بوشوشة، مشيرا إلى أنها استطاعت إثبات قدراتها على الساحة في وقت وجيز، وأنها فاجأته، بالاندماج في العمل. ستدخل شهر رمضان بعملين الأول تحت عنوان "ياسمين عتيق"، والثاني "سكر وسط".. حبذا لو تطلعنا عن تفاصيل أكثر عن المسلسلين؟ الأوّل "ياسمين عتيق"، للكاتب رضوان شبلي، هو عبارة عن دراما دمشقية من الطابع التاريخي، الذي يحكي عن تفاصيل اجتماعية كانت تعيشها البيئة الدمشقية في عصرها الذهبي، وفي ظل نجاح هذا النوع من الأعمال أردنا أن نسير وفق طلب المشاهد العربي الشغوف لمثل هذه المسلسلات التي تروي فترة خاصة نوعا ما، وتدور أحداثه خلال فترة الحكم العثماني لدمشق، ويوثّق للحالة الاجتماعية السائدة بين مختلف أطياف المدينة العتيقة في ذلك الزمان، حيث حاولنا من خلال هذا العمل التوثيق لفترة لها من الخصوصية ما يكفي لمئات الأعمال، كما يرصد التلون الطائفي والتعايش الإنساني بين المسلمين والمسيحيين واليهود، ليصل إلى صيغة اجتماعية كانت سائدة في مرحلة زمنية هامة من دمشق. ويضم العمل كوكبة من الفنانين، أذكر منهم سلاف فواخرجي، غسان مسعود، منى واصف، بسام لطفي، وغيرهم. أما عن مسلسل "سكر وسط" فهو دراما اجتماعية تحاكي الواقع المعيش، وتلامس الروتين اليومي للفرد العربي بشكل عام والسوري بصفة خاصة.. هو عمل اجتماعي لكاتبه مازن طه يتحدث عن قضية هامة وحساسة وآنية، ألا وهي انحسار الطبقة الوسطى في المجتمع وتكبدها هزيمة ساحقة في ظل المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية الأخيرة والتي أسفرت عن زيادة الهوة التي تفصل بين طبقتي المجتمع واتساعها الحاد. حقق مسلسلك "جلسات نسائية" السنة الماضية نجاحا كبيرا خلال شهر رمضان، وتعاملت فيه مع الفنانة الجزائرية آمال بوشوشة.. هل يفكر فريق العمل في جزء ثان له، وكيف وجدت بوشوشة، خاصة وأنها أدت دورها باللهجة السورية؟ سعيد بما حققه "جلسات نسائية"، وحاليا لا أفكر في جزء ثان لهذا العمل، وأرى أن الفريق يكتفي بجزئه الأول، عدا ذلك تفرغت هذه السنة للمسلسلين اللذين حدثتك عنهما آنفا، ولا أخفيك.. ليس من السهل أبدا، إخراج عملين في وقت واحد لشهر رمضان، خاصة أن خلاله تحتدم المنافسة، بين الأعمال العربية المعروضة على القنوات، لذلك واجبنا، أن نكون بمستوى السّوق الدرامية، وأن نكون مختلفين وأن نقدم الجديد دائما، وألا نكرر الأعمال التي قدمناها سابقا، سواء بالنسبة لي أو للفريق الذي معي ب"الياسمين العتيق" و"سكر وسط". وبالنسبة لأمال بوشوشة، كانت أكثر من رائعة بل مفاجأة، خاصة أنها أجادت اللهجة السورية دون تكلف وعناء، كانت الاكتشاف أيضا، خاصة أنها أثبتت نفسها كممثلة محترفة على الساحة، وعلى ما أظن فهي توجهت إلى الدراما المصرية حاليا، على كل أتمنى لها التوفيق دائما، ومستعد بل أحب التعامل معها في أي وقت، فقد فرضت نفسها كوجه مهم على الساحة، وأثبتت أنها تصلح لأداء مختلف الأدوار وأنها قادرة على كل اللهجات، وحتى اللغة العربية الفصحى، الأمر الذي يثبته أداؤها بذاكرة الجسد. في سياق الحديث عن مسلسل "ذاكرة الجسد"، هل تفكر في التعاون مع الروائية أحلام مستغانمي أو غيرها، من الكتاب الجزائريين الكبار؟ الرواية في حد ذاتها حدث، خاصة إذا كانت مكتوبة بطريقة جميلة، والحديث سيصبح آخر، حينما نتكلم عن قلم روائية بقامة الكبيرة أحلام مستغانمي، من من المخرجين لا يحب ولا يتمنى التعاون مع نص راق رقي نصوص صاحبة "عابر سرير" و"الأسود يليق بك" وغيرها من الأعمال الأسطورية، في مجال الأدب، المخرج يستلهم من النص الكثير، وأهمية "النص"، لا تقل أبدا عن مكانة الإخراج، بل هما متكاملان، وأطراف لجسد واحد اسمه العمل الدرامي، ولو عرض علي عمل لنص روائي من كاتب جزائري فسأكون سعيدا، خاصة إذا كان من طينة مستغانمي، والنص من وزن "فوضى الحواس"، وحوار بعذوبة اللغة العربية المكتوبة بإبداع.. إن النص الروائي يعطي المخرج نفسا مختلفا للإبداع بطريقة جديدة، لا تشبه التعامل مع السيناريو، رغم أن كليهما نص لعمل درامي وكليهما تألق، إلا أن التعامل مع كل واحد يختلف عن الآخر، فلكل نفسه ورونقه الخاص، والاختصار بقدر ما كان النص مكتوب بطريقة جمالية، بقدر ما ساعد المخرج على الإبداع أكثر والعطاء، وبالتالي عمل متكامل وناجح. تشهد الجزائر في الفترة المقبلة، فعاليات مهرجان الفيلم العربي بوهران، هل سيكون لك حضور في التظاهرة بحكم أنه خلال فترة الفعالية ستتواجد بمراكش في المغرب كما ذكرت لنا سابقا؟ أتمنى لو أتلقى دعوة من قبل محافظة مهرجان الفيلم العربي بمدينة وهران التي أسمع عنها الكثير، فإلى جانب أنها ستكون زيارتي الأولى إلى الجزائر، ستسمح المشاركة بتبادل الخبرات وبالإطلاع على السينما الجزائرية التي أكن لها مكانة خاصة في نفسي من خلال بعض الأعمال التي شاهدتها، ولن أنسى أبدا ما ترك في فيلم "خارجون عن القانون"، للمخرج المبدع رشيد بوشارب، حيث إنني شاهدت العمل بدهشة واعتزاز، بالفيلم ككل، بحكم جنسيته الجزائرية، وتمعنت وأنا أتابع "خارجون عن القانون"، وانتابني للحظة شعور الفخر بعروبتي، أنني أنتمي إلى أمة عربية، مازالت تقدم للبشرية، من الفن، فنحن لا نملك فقط التاريخ المشرف، وإنما الحاضر أيضا الذي يعي العالم كله، أنه في قبضتنا مادام فيه أمثال بوشارب وغيرهم. وسعدت بأن الفيلم الذي نال إعجابي شارك في مهرجان "كان" بفرنسا، وأخذ رواجا كبيرا، ولفت الانتباه، رغم أنه يتحدث عن الثورة الجزائرية، وعن مقاومة الاحتلال الفرنسي. وأعتقد أن السينما الجزائرية تحتاج إلى تسويق كي تصلنا، ولكنها لا تحتاج إلى فنيات لأن الجزائر تملك فنانين ومخرجين بارعين في المجال وبإمكانهم إيصال أعمالهم إلى العالمية كما فعلها من قبل لخضر حمينة، حينما افتك "السعفة الذهبية" وأدهش العالم بفيلمه "وقائع سنين الجمر".. أحاول دائما الاطلاع على جديد الدراما والسينما بالعالم، وأهتم بشكل خاص بما ينتج في بلداننا العربية كي أكون مع الحدث. إعجابك هذا بالسينما الجزائرية أو على الأقل ببعض الأعمال، يجعلنا نتساءل عن سبب قلة إن لم نقل انعدام الأعمال المشتركة السورية الجزائرية؟ صحيح، هناك فقر في التعاون الدرامي والسينمائي بين الجزائر وسوريا، ولطالما طالبنا باستحداث جسور التبادل الثقافي والفني بين البلدين، ومثل هذه المساعي، لا يخفاكم، تحتاج إلى إرادة من قبل المنتجين في كلا البلدين، وتحتاج إلى نصوص خاصة، ليكون التعاون مبررا ولو أن الشراكة الإبداعية لا تحتاج إلى مبررات، تعاونت قبلا مع الممثلة الجزائرية آمال بوشوشة، وهي مثال حي عن المواهب الموجودة، في الجزائر، كما أن مرونتها في الاندماج مع أي نص، وأي لهجة يشجع على التفكير في خطوة الشراكة بين الشقيقتين، سوريا والجزائر. طيب، تطرح في الجزائر العديد من الأسماء العربية والعالمية، لإخراج فيلم عن شخصية "الأمير عبد القادر"، هل نراك تدخل في السباق لإخراجه؟ نعم، طبعا، وبالتأكيد، لا أظنني أجد مخرجا عربيا كان أو عالميا، لا يطمح إلى إنجاز فيلم عن شخصية الأمير عبد القادر، هذا الرجل التاريخي العظيم الذي قدم للأمة العربية، وللإنسانية جمعاء الكثير، والذي كتب اسمه حروفا ذهبية، وستظل إنجازاته مطبوعة في الذاكرة الجماعية العربية والعالمية، كيف لا وهو العلامة والمقاوم وصاحب الشخصية الصلبة، الطيبة، هو عبارة عن مزيج من الحضارات والثقافات، بحكم احتكاكه بمختلف الأجناس والأطياف، كان متسامحا، متعايشا، محاورا جيدا، هو من الشخصيات المغربية التي تستفز أي مخرج للإبداع والعطاء ولتقديم الأجمل دائما.