"قنبلة غادرة" لعناصر إرهابية تقتل مراسل "البلاد" "أمين تومي" وصديق له بششار بخنشلة تُوفي صحفي "البلاد" أمين تومي البالغ من العمر 26 سنة، في حدود الساعة منتصف الليل والنصف من صبيحة الجمعة، في إثر انفجار قنبلة غادرة زرعتها جماعات إرهابية على الطريق المؤدي إلى صحراء خنشلة على مستوى منطقة "البياضة" التي تبعد بحوالي 3 كلم عن قرية "سيار" ببلدية ششار التي تبعد بحوالي 70 كلم عن عاصمة ولاية خنشلة، وتُوفي إلى جانبه صديقه المدعو "عامري" البالغ من العمر 32 وهو متزوج وأب لولدين. تفاصيل هذا الحادث المؤلم الذي حصد خمس ضحايا من أصدقاء الزميل المرحوم أمين تومي أحدهم لفظ أنفاسه في عين المكان رفقة أمين والآخرين أُصيبوا بإصابات خطيرة من شدة الانفجار، يعود إلى صباح أمس الجمعة، حيث حسب ما أكده رفقاء المرحوم الذين أصيبوا بجروح خطيرة ولا يزالون تحت الصدمة بمستشفى سعدي أمعمر، فإن الحادث وقع أثناء طريق عودتهم من رحلة صيد خرجوا إليها بعد الإفطار، قاصدين منطقة "البياضة" الجبلية المعروفة بصيد الغزال والأرانب تبعد عن مدينة ششار أين يقطن المرحوم ب 20 كلم، وهي الرحلة التي إعتاد أمين وأصدقائه القيام بها رغم خطورة المنطقة التي تعدّ من بين المواقع التي تعرف تحركات إرهابية متكررة، وباعتبار أن الطريق المؤدي إلى هذه المنطقة، هو طريق يشقّ صحراء جنوبخنشلة وأيضا بمثابة مسلك وحيد ومختصر يربط بين ولاية خنشلة وولايات وادي سوف وتبسة، إتخّذت منه الجماعات الإرهابية مسرحا لها لتنفيذ هجومات تستهدف كل مستعملي الطريق سواء قوافل الجيش ومختلف قوات الأمن الأخرى وحتى المواطنين مما جعل هذا المسلك خطيرا وتستحيل فيه حركة المرور ليلا. ويُضيف صديقه الذي لم يتمكن من الحديث عن تفاصيل الحادث، بأن الحادث وقع في حدود منتصف الليل والنصف، كانوا قد خرجوا إلى الطريق على بعد 3 كلم من قرية "سيار"، وفجأة لامست العجلة الأمامية للسيارة ملك لأمين من نوع "4×4" كان يسوقها حينها صديقه عامري" لتهتز المركبة على إثر اندلاع دويّ قوي وترتفع إلى السماء لعدة أمتار ثم تسقط، وأشار المتحدث أنه في تلك الأثناء وجدوا أنفسهم متناثرين كل في مكان، مؤكدا بأن المرحوم وميلنا أمين تُوفي بعد حوالي 10 دقائق من الحادث وعماري بعد ساعتين لفظ أنفاسه الأخيرة، وكانت الاتصالات غير ممكنة في تلك المنطقة لتبليغ مصالح الأمن إضافة إلى كونها منطقة معزولة لا يوجد فيها سكان إلا على مسافة أزيد من 10 كلم، أين سُمع دويّ الانفجار لكن دون معرفة المكان بالضبط. وبعد تحديد المكان، تدخلت قوات الجيش المشتركة وقامت بعملية تمشيط واسعة بالمنطقة لملاحقة العناصر الارهابية المتورطة في هذه العملية، لتقف عند حجم الكارثة التي خلّفها الانفجار، ونقل الضحايا على جناح السرعة إلى مستشفى سعدي أمعمر بششار، أين قُدمت الإسعافات الأولية للمصابين الذين نفذوا بأعجوبة من الحادث لكنهم ما يزالون تحت وقع الصدمة. قنبلة قوية المفعول كانت تستهدف قوات الجيش أفادت مصادر متطابقة تنقلت إلى مكان الحادث، أن الحُفْر الذي خلّفه الانفجار كان عميقا وتحوّل السيارة إلى قطع ركام وقطع، يدلّ على قوة ومفعول القنبلة التي كانت موضوعة لتستهدف قوافل من عناصر الجيش الوطني الشعبي التي تسلك هذا الطريق، وكان مرور مركبة الزميل أمين رفقة أصدقائه في تلك الساعة بمثابة مانع أراده الله لتجنيب سقوط عناصر من الجيش العازمة على اجتثاث فلول الإرهاب. وأضافت مصادرنا أن بعض المواطنين أكدوا أن دويّ الانفجار سُمع على بعد حوالي 10 كلم وتيقنوا حينها أن هذا الصوت لا يمكن أن يكون إلا عملا ارهابيا على غرار ما اعتادوا عليه. صحراء ششار معقل الجماعات الإرهابية ذكرت مصادر مُطلعة أن صحراء منطقة "ششار الواقعة أقصى جنوب ولاية خنشلة، أصبحت تعرف حركية كثيفة للجماعات الإرهابية باعتبارها منطقة جبلية وتضم تضاريس طبيعية قاسية، وقامت بعدة عمليات إرهابية، لم تستنِ أيّ أحد، وكانت آخر عملية تلك التي نفذّتها منذ حوالي شهر بمحاولتها الهجوم على برج مراقبة للجيش وتلقت ردّة فعل قوية من طرف عناصر الجيش، وكانت ذات المنطقة مسرحا لعدة انفجارات، من خلال زرع قنابل يدوية على حافة الطريق راح ضحيتها عناصر من الجيش والحرس البلدي ومواطنين ورعاة وحتى قطعان الأغنام لم يسلمُ منها. شهادات زملاء المرحوم أمين تومي بخنشلة أمين تومي من مواليد 10 أفريل 1987 تنحدر أصوله من ولاية خنشلة، اعتنق مهنة الصحافة باكرا وقدم الكثير مما يملك في سبيلها، هو شاب أعزب يقطن بششار ولاية خنشلة، وعائلته تقطن بولاية باتنة، محبوب في وسطه المهني ومشهود عليه بجرأته ومواقفه النبيلة، حيث أجمع زملاء المرحوم "أمين تومي" الذي كان مراسلا لجريدة "البلاد" منذ عدة سنوات، على أنه كان من بين الصحفيين المقتدرين الذي يملك الحسّ الصحفي ولا يخشى العودة للوراء فيما يتعلق بالمواضيع المهمة والحساسة، وكان يتطرق إليها بكل جرأة وشجاعة، ويقف إلى جانب زملائه في كل الظروف مهما كانت ويُساندهم ويتقاسم معهم الاهتمامات. في هذا الصدد يتحدث رئيس جمعية المراسلين الصحفيين لولاية خنشلة "فتحي مهناوي" في اتصال ب "البلاد"، عن أمين ويقول "لم نصدّق إلى هذه اللحظة أن أمين تُوفي، سبحان الله، التقينا جميعنا قبل حوالي أربعة أيّام خلال الزيارة التي قام بها مدير الأمن العمومي بالمديرية العامة للأمن الوطني بخنشلة، ولم نكن نعلم أنها ستكون آخر زيارة، لكننا نؤمن بقضاء الله وقدره"، وأضاف المتحدث قائلا "كان أمين يتطرق إلى جميع المواضيع وحتى الحساسة بجرأة ومن دون خوف من الإدارة أو خشية مسؤول، وكان يقدّم كل ما أُوتي من مساعدات للجمعية، رحمه الله". زميل له بجريدة "آخر ساعة" عمران بلهوشات يتحدث وهو في حالة صدمة قوية: "تعرف على أمين منذ أكثر من 6 سنوات، وهو زميلي في مهنة الصحافة وصديقي ونقطن في نفس الحي ببششار، وكان آخر لقاء بي معه، ساعات قليلة قبل وقوع الحادث، أي بعد الإفطار قبل انطلاقه في رحلة الصيد إلى منطقة "البياضة". مامن طارق من جريدة "الشروق": "لم نصدّق هذا الخبر الذي نزل علينا، فقدناه ومازلنا لم نصدق ذلك، أمين شاب متقدم ونشيط يُخاطر ولا يعرف التراجع للوراء، اعتدنا العمل سويا وتبادل المعلومات والوقوف جنبا إلى جنبا في كل الظروف".