تضاربت الأنباء في وسائل الإعلام المصرية حول سبب عودة السفير الجزائري في مصر ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية "نذير العرباوي" إلى الجزائر، بعدما غادر مصر الاثنين الماضي على متن الخطوط الجوية الجزائرية باتجاه الجزائر، دون إعطاء إيضاحات حول أسباب الرحلة. أشارت وسائل إعلامية مصرية إلى كون انتقال السفير الجزائري يعد بمثابة العمل العادي الذي يدخل في عمل أي ديبلوماسي تجاه بلده من خلال إعطاء توضيحات وصورة حول ما يدور في الشأن المصري للسلطات الجزائرية. ونشر الموقع الإلكتروني المصري "فيتو" أن السفير دخل في إجازة لمدة أسبوعين، حيث أكد العرباوي للموقع على أنه "يسافر في إجازة تستغرق أسبوعين، يعود بعدها لممارسة مهامه، بعدما قضى العيد في مصر". وهي الفترة التي يدخل أغلب المسؤولين الجزائريين فترة العطلة الصيفية على غرار رؤساء الدوائر والولاة. فيما أوعزت مصادر أخرى إلى استبعاد فرضية الانسحاب، بسبب عدم وجود أي تصريح رسمي للسلطات الجزائرية عن سحب وتعليق عمل سفيرها في القاهرة، إضافة إلى تزامن هذه السفرية مع زيارة نائب وزير الخارجية للشؤون الإفريقية، إلى الجزائر لعقد عدة لقاءات مع المسؤولين الجزائريين. وكان وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي قد استقبل يوم الاثنين بالجزائر العاصمة نائب وزير الشؤون الخارجية المصري المكلف بالشؤون الإفريقية علي الحافني. وأوضح المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية الجزائرية أن السيد حافني جاء حاملا لرسالة من وزير الشؤون الخارجية المصري نبيل فهمي إلى وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي. وأكدت الجزائر في كل مرة "انشغالها بالأحداث الجارية في مصر وتدعو كل الأطراف المعنية المصرية إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس من أجل إبعاد شبح العنف الذي يهدد استقرار وأمن هذا البلد الشقيق، وتشجعيها الأطراف على العمل بعزم من أجل انتقال سلمي قائم على البحث عن تسوية توافقية ودائمة للأزمة الحالية" من خلال ما جاء في البيانات السابقة وما جاء على لسان المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الجزائرية التي تلت مجريات الأحداث المصرية، حيث حاولت السلطات الجزائرية التحلي بموقف الوسط بين جميع أطراف النزاع المصري. وستسعى القاهرة من خلال هذه الزيارة، إلى استمالة الموقف الجزائري للتقرب من حكومة الببلاوي التي جاء بها الانقلاب ودعم خريطة الطريق التي وضعها الجيش بقيادة السيسي. تجدر الإشارة إلى كون الجزائر من الدول الموقعة في إطار مواثيق الاتحاد الإفريقي بل والسباقة إلى ذلك، التي تنص على رفض الوصول إلى الحكم عبر الانقلابات العسكرية. حيث قام الاتحاد الإفريقي بتعليق عضوية مصر في الاتحاد كردة فعل مباشرة على خطوة المؤسسة العسكرية المصرية، مرجعا ذلك إلى انتزاع السلطة بشكل غير دستوري من طرف السلطة الشرعية التي يمثلها الرئيس المعزول الدكتور محمد مرسي. وذلك نظرا إلى الوزن الذي تملكه مصر في الاتحاد الإفريقي ودورها الإقليمي والدولي الذي تلعبه في المنطقة. وتعيد الأحداث الجارية في مصر طيلة الأيام الماضية، المشهد الجزائري في التسعينات بعد توقيف المسار الانتخابي الذي أفرز على فوز حزب إسلامي متمثلا في حزب جبهة الإنقاذ، حيث أشار بعض الخبراء إلى إعادة استنساخ ما حدث في الجزائر على الساحة المصرية التي يمكنها تفادي ذلك واستفادتها مما حدث في الجزائر. ووجه الشبه بين الحالتين المصرية والجزائرية يكمن فيما أقدمت عليه المؤسسة العسكرية في البلدين من تدخل مباشر لإبطال نتائج انتخابات برلمانية شهد لها المراقبون الدوليون بالشفافية والنزاهة. وأشارت مجلة تايم الأمريكية في أعدادها السابقة إلى أنه رغم وجود اختلافات في تاريخ البلدين فإن صراع الجزائر يقدم بعض المقارنات المثيرة التي بدأت عندما عدل الدستور الجزائري للسماح للأحزاب السياسية الأخرى غير جبهة التحرير الوطنية للتنافس في الانتخابات، لكن عندما فاز الإسلاميون فيها تدخل العسكر منذ البداية وحلوا البرلمان وحظروا الجبهة الإسلامية للإنقاذ، في حين أن الإخوان المسلمين المتمثلين في حزب الحرية والعدالة في مصر حكموا طوال سنة كاملة. وقالت المجلة لو أن هناك درسا مستفادا من التجربة الجزائرية فينبغي على الطرفين في مصر أن يعودا خطوة للخلف ويتوقفا عن تصعيد المرارة.