الوزارة استدعتها للتحقيق بعد زيارة مفاجئة لعبد المالك بوضياف للمستشفى تمثل اليوم مديرة المؤسسة الاستشفائية بزرالدة أمام لجنة تحقيق على مستوى وزارة الصحة، على خلفية الوضعية الكارثية للمستشفى التي وجدها عليها وزير القطاع عبد المالك بوضياف، خلال زيارة مفاجئة قادته إليها الجمعة الماضي، ورجحت مصادر مسؤولة بمستشفى زرالدة ل«البلاد" أن تكون "مداهمة" بوضياف للمؤسسة، جاءت بناء على معلومات استقاها من الشكاوى المرفوعة ضد المسؤولة الأولى عن هذه الأخيرة، والتي اشتم منها رائحة فساد وتلاعب بقانون الصفقات العمومية، وهو الأمر الذي تؤكده قطعا وثائق رسمية محررة باسم المشفى تحوزها "البلاد"، بالإضافة إلى تسجيل فيديو يظهر مديرة المؤسسة الاستشفائية بزرالدة المدعوة ك.ز متلبسة بتزوير محضر صفقة عمومية، بالاستعانة برئيس لجنة تقييم العروض، قصد تسوية الأمور المالية العالقة مع أحد ممولي المستشفى بمواد غذائية. ديون المستشفى نحو الممولين بلغت 6 ملايير سنتيم في أقل من سنتين!! وحسب مصادر "البلاد"، فإن عدة مشاكل مالية توالت في الظهور فور تعيين هذه المديرة على رأس المؤسسة الاستشفائية بزرالدة، والتي كانت سابقا مسؤولة مصلحة بمستشفى الجلفة، غير أن مدير الصحة طردها من المنصب بعد مدة قصيرة من شغلها له، وتم تحويلها إلى مستشفى زرالدة، لكن كمديرة، وذلك بفضل المعرفة التي تجمعها بأحد المقربين من الأمين العام السابق بالوزارة، والذي توسط لها لدى هذا الأخير ليتم تعيينها بداية 2012 في منصبها الحالي كمديرة. وقد بلغت ديون مستشفى زرالدة في هذه الفترة الوجيزة 6 ملايير سنتيم تقريبا، تدين بها لصالح 12 ممولا للمواد الصيدلانية والتجهيزات الطبية والغذائية ومواد التنظيف، ولا تزال الأمور المالية عالقة بالنسبة لجميع هؤلاء الممولين لغاية اللحظة. في حين يظهر فيديو تم تسجيله دون انتباهها، المديرة متلبسة بالقفز على القانون والتلاعب بصفقات عمومية من أجل تسوية وضعية أحد الممولين، ودفع مستحقاته. وفي الوقت الذي تدين به المشفى ب6 ملايير سنتيم للممولين، قامت المديرة بتحويل غلاف مالي قدره 1 مليار و800 مليون سنتيم من ميزانية التجهيز نحو ميزانية الأشغال والإنجاز، وهو ما يعتبر خرقا وتحايلا واضحا على قانون التسيير، حيث يحظر تحويل ميزانية التجهيز نحو الأشغال إلا إذا سجل فائض في الأولى ونقص في الثانية، غير أنه في حالة مستشفى زرالدة فإن ميزانية التجهيز كانت تعاني عجزا في الأغلفة المالية، وبالتالي فإن التحويل الذي قامت به المديرة غير قانوني. جهاز طبي قيمته الحقيقية 13 مليون سنتيم يباع للمشفى ب49 مليونا!! ومن بين التلاعبات التي قامت بها مديرة المستشفى والمثبتة بالوثائق، محاولة تمرير صفقة اقتناء مكيفات هوائية بمبالغ خيالية تصل إلى 13 مليون سنتيم. في حين أن سعرها الحقيقي لا يتعدى سقف 3 مليون سنتيم، أي أقل من ربع الثمن الذي تقدم به الممولون. ويشير قرار لجنة تقييم العروض في ملاحظته بخصوص هذه الصفقة والموقع بتاريخ 10 جويلية 2013 إلى رفض تمرير الصفقة لأن "السعر مبالغ فيه بالنسبة لمكيفات مجهولة العلامة". وإلى جانب هذا توجد صفقة اقتناء جهاز طبي خاص بالكشف عن وضعية الجنين داخل الرحم، حيث إن الممول استفاد من العرض بطريقة غير قانونية، حسب مصادرنا، حيث لم يحترم بنود ومراحل الاستفادة من الصفقة العمومية، من إيداع للعروض وفتح للأظرفة ثم تقييم للعروض، نظرا للمعرفة الشخصية التي تربطه بالمديرة، والتي اتصلت بنائب مدير الشؤون الاقتصادية والمالية والمدير الفرعي للمالية والوسائل لتطلب منه تجهيز وصل لشراء جهازين من هذا النوع بقيمة 49 مليون قيمة الجهازين معا، أي 24.5 مليون سنتيم للواحد، لكن وبعد تجهيزه للوصل، اتصلت به ثانية لتطلب منه تجهيز وصل ثاني لأنها أخطأت في الثمن، حيث إن سعر الجهاز الواحد 49 مليون سنتيم وليس الاثنين، لكن رئيس مصلحة طب التوليد اتصل بالمعني بتجهيز الوصل لينبهه إلى أن نفس الجهاز لا يتجاوز سعره 13 مليون سنتيم عند ممولين آخرين، غير أنها وبمواجهتها بالسعر الحقيقي للجهاز تحججت المديرة بكون الجهاز البالغ ثمنه 49 مليون سنتيم من ماركة معروفة، إلا أنه في الواقع منتوج كوري جودته أقل من المنتوج نفسه الذي تم اقتناؤه ب13 مليون سنتيم فقط. كما قامت المديرة أيضا بإعادة تلبيس سطح المستشفى والذي كلف 660 مليون سنتيم. في حين أن هذا الأخير تم تلبيسه سنة 2011، والقانون ينص على أن مدة الضمان 10 سنوات وبالتالي في حال كان هناك فعلا مشكل تسرب المياه عبر السقف، يتعين على المقاولة التي قامت بإنجاز أشغال التلبيس في 2011 أن تعيد تصليحه على حسابها احتراما لشروط الضمان. فيديو يكشف المديرة متلبسة بالتحايل على قانون الصفقات وتظهر المديرة في فيديو مدته 10 دقائق و 38 ثانية، والذي سجل دون انتباهها وهي في اجتماع داخل مكتبها مع أحد الممولين والمدير الفرعي المكلف بالمالية والتجهيز، وهي تحاول بكل السبل بما فيها غير القانونية تسوية وضعية مالية تقدر بحوالي 70 مليون سنتيم لأحد ممولي المستشفى بالمواد الغذائية، مستغلة رئيس لجنة تقييم العروض لتمرير هذه التسوية، حيث أرادت تغيير محضر التقييم الذي لم يكن في سنة 2012 أصلا بآخر جديد على حساب القانون، تسجل فيه هذا المبلغ وكأنه نظير صفقة واحدة، في حين أن المبلغ تراكم عن صفقات سابقة، ولكن بالنظر للعجز في الميزانية لم يتم دفعه. وتعد بالتكفل بالمشكل شخصيا وتسوية الأمر ودفع للممول ما تدينه لسنوات 2011 و2012 و2013، وتقول حرفيا "أنا مستعدة للذهاب بعيدا إذا لزم الأمر، اتصل ببولرجان وأطلب مجيئه لحل الأمر"، كما تتعهد ب«لملمة" القضية حتى تصبح وكأنها في إطارها القانونين مضيفة "الحمد لله أن محضر المناقصة لم يسلم للجنة المالية حتى نستطيع صياغة مناقصة جديدة نقيد فيها المبلغ بما يخدم مصلحتنا"، مؤكدة "سأتكفل شخصيا بعمل اللجنة وفتح الأظرفة وتقييم العرض الذي سيكون عرضا واحدا يجمع كافة المبالغ التي ندين بها للممول في مدة سنتين". وفي الدقيقة السادسة و40 ثانية من الفيديو، تتصل المديرة برئيس لجنة تقييم العروض لتطلب منه إعادة تسوية وضعية هذا الممول، وصياغة ملف جديد بالكامل وصفته في كلامها ب«ملف مرتب"، ثم تتأسف خلال حديثها الهاتفي مع مدير تقييم العروض لأنها "لم تستطع تسوية ملفات مماثلة السنة الماضية لأن المحضر كان قد حول إلى اللجنة وبالتالي لا يمكن إعادة صياغة محاضر أخرى جديدة"، قبل أن تنهي المكالمة في الدقيقة 10 و15 ثانية وقد تحصلت على رد مرضي من رئيس اللجنة حسب طريقة كلامها، حيث تشكره على "المساعدة"، وتضرب له موعدا مع المقتصد وشخص آخر اسمه عباس يحضران له الملف كاملا للتصرف فيه في أقرب وقت "حتى ترتاح". من جهة أخرى، ذكرت مصادرنا أن المديرة ستمثل اليوم بوزارة الصحة للتحقيق معها، وذلك بعد زيارة مفاجئة لوزير القطاع عبد الملك بوضياف الجمعة الماضي، وقف خلالها على وضع كارثي بالمشفى، حيث وجد نظام التدفئة معطلا والصيدلية المناوبة مغلقة، بالإضافة إلى الأشغال التي انطلقت منذ مدة ولم تنته، وقد وجه الوزير توبيخا قاسيا للمديرة، حسب من كان حاضرا بالمكان.