ظهر في الساحة المسرحية خلال السنوات الأخيرة توجه إلى فن ''الوان مان شو'' أو''المونولوغ'' الذي يعرفه النقاد بأنه نوع من المسرح يحاكي فيه الممثل ذاته، ويتناول عادة بعض القضايا الاجتماعية والثقافية وحتى السياسية بطريقة غالبا ما تكون هزلية، لكنها مع ذلك لا تخلو من معان ورسائل مشفرة. ويعتقد كثير من النقاد أن الساحة المسرحية في الجزائر تفتقر إلى فنانين يجيدون نوع ''الوان مان شو''، والقلة الموجودة لا تملك الموهبة الكافية لتقديمها، كما أن مايتم تقديمه، حسبهم، لا يرقى إلى ما كان يقدمه عز الدين مجوبي أو حسان الحساني اللذان يعدان أحد أهم رموز هذا اللون المسرحي في الجزائر. وعلى الرغم من هذا، فقد اشتهر العديد من الفنانين المسرحيين الجزائريين بفن ''المونولوغ'' على غرار محمد فلاق وحكيم دكار وكمال بوعكاز و''عبد القادر السيكتور'' وآخرون شقوا طريقهم في هذا اللون المسرحي صانعين أسماء ومجدا منقطع النظير، وإن اختلفوا في طرحهم للواقع الجزائري. ومن هذا المنطلق يعتقد الفنان المسرحي حكيم دكار في حديث ل''البلاد'' أن فن ''المونولوغ'' بالجزائر مرتبط بالمسرح من حيث التطور والتراجع، وأنه ليس بإمكان أي كان أن يؤدي ''منولوغا'' على خشبة المسرح دون أن يكون له رصيد كاف من الأعمال المسرحية التي تعزز موهبته؛ إذ يشترط هذا اللون قدرات فنية كبيرة تشد انتباه المتفرجين وتعزز من ثقتهم في الفنان الذي يقف على الخشبة، مضيفا أن هناك ممثلين مسرحيين اقتحموا هذا الفن من خلال أدائهم لبعض العروض التي ليست في مستوى ''المونولوغ''، كون هؤلاء لا يملكون خلفية مسرحية ''أعتقد أن المونولوغ وحده لا يصنع الاسم الفني''. وفي السياق ذاته، يبدي دكار الذي يعد واحدا ممن صنعوا مجدا استمر لعشر سنوات من خلال ''المونولوغ'' الشهير ''خباط كراعو''، تخوفه من تكرار هذه التجربة التي أوصلته إلى القمة، حيث يقول في هذا الصدد إنه من السهل الوصول إلى القمة ولكن من الصعب الحفاظ عليها''. ويعد محمد فلاق من أهم الأسماء الجزائرية التي ارتقت بفن ''المونولوغ'' داخل البلاد وخارجها، إلا أن طريقته جعلته من أكثر الأسماء الفنية التي تعرضت للنقد خاصة في عمله الأخير ''كل الجزائريين ميكانيكيون'' الذي قدم من خلاله المجتمع الجزائري للأوروبيين في صورة سوداوية قاتمة. وبالرغم من إعجابه بموهبته وبإبداعه الفني على خشبة المسرح من خلال أعماله التي سلط فيها الضوء على العديد من المشاكل الاجتماعية في الجزائر، إلا أن دكار يعتقد أن طريقة ''فلاق'' توصف ب''عنيفة''، ولهذا يختلف معه في تناوله للمواضيع ''لكل منا طريقته الخاصة في طرح أفكاره''، على حد تعبيره.