وبينما تشق العربة طريقها وسط الزحام في الجانب الفلسطيني من مدينة رفح الحدودية، أطلق رمزي أبو شوارب تنهيدة قوية وهو يطرح غطاءً على فتاة صغيرة شاحبة الوجه من شدة المرض وينضم للساعين إلى عبور الحدود. يحكم أبو شوارب قبضته على التصريح الذي حصل عليه بشق الأنفس لعبور الحدود مغادرًا غزة لعلاج ابنته المريضة في إحدى المستشفيات بمصر. ساحبًا حقيبة أمتعته خلفه، يسير رمزي إلى جواري وهو يخبرني قصة ابنته ريماس، 4 سنوات، مع المرض وكيف أصيبت باضطرابات عصبية جراء تناول العلاج الخطأ الذي وصفه لها الأطباء المحليون في غزة. قال رمزي أبو شوارب إنه "منذ عام مضى، أخبرني الأطباء هنا أن ابنتي لابد أن تُعرض على إخصائي في مصر، ولكننا حتى الآن لم نتمكن من الوصول إلى هناك. فالحدود مغلقة في أغلب الأحيان." ويُعتبر معبر رفح الحدودي هو البوابة الرئيسية التي تنفذ منها غزة إلى العالم، ولكن السلطات المصرية غالبًا ما تغلقه. حتى أنها أغلقته لأشهر عدة ذات مرة. يُذكر أن العلاقات بين مصر وغزة قد ساءت إلى أبعد حد في أعقاب الإطاحة بمحمد مرسي، الرئيس المصري المنتخب، الصيف الماضي بعد احتجاجات حاشدة، إذ أن حماس من الحلفاء المقربين لمرسي وجماعة الإخوان المسلمين. ويتهم النظام الحالي حماس بالتدخل في شؤون مصر وقامت السلطات المصرية بالفعل بحظر أنشطة الحركة. ولا يشعر بوطأة تبعات تدهور العلاقات وتلك القرارات سوى المواطنين الفلسطينيين. وتطور الأمر إلى أن قامت السلطات في مصر أيضًا بهدم مئات أنفاق التهريب التي تخترق الحدود مع غزة بمعرفة القوات المسلحة. وكانت تلك الأنفاق طوق نجاة يتعلق به الفلسطينيون ويلتفون به على الحصار الإسرائيلي لغزة، الذي يخضع له القطاع منذ سبع سنوات بعد وقوعه تحت سيطرة حماس وانتزاعه من قوات حركة فتح الموالية للرئيس محمود عباس أبو مازن. الكساد ودخلت التجارة في جنوب قطاع غزة مرحلة الكساد. ويقول وليد، أحد الباعة الجائلين إنه "لم يعد أحد يستطيع إدخال البضائع إلى القطاع". ويضيف أن "الاقتصاد انهار تمامًا". يُذكر أنه بعد هدم الأنفاق، شهد معدل البطالة ارتفاعًا حادًا في غزة علاوةً على معاناة القطاع من نقص صارخ في مواد البناء. كما شح الوقود المصري المدعوم الرخيص مما يلقي بظلاله على تراجع المعروض في سوق الطاقة. تقول جميلة، ربة منزل كانت تتسوق، إن "التيار الكهربائي يعمل ثمان ساعات وينقطع ثمان ساعات أخرى وربما أكثر." وأضافت "أطهو الطعام في الظلام ويقوم أولادي بالواجبات المدرسية في الظلام أيضًا."