يهدد تصاعد أعمال العنف في العراق استمرار استثمار أهم احتياطي نفطي عالمي، في حين كان يتوقع أن يكون هذا البلد ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك دولة نفطية أساسية في المستقبل. ووظفت مجموعات نفط غربية كبرى منها بريتيش بتروليوم البريطانية، وإكسون موبيل الأميركية وشل البريطانية الهولندية، وشركتا تشاينا ناشونال أوفشور أويل كوربوريشن وتشاينا ناشونال بتروليوم كوربوريشن الصينيتان مليارات الدولارات لتطوير حقول النفط العراقية. واليوم يعني هجوم المسلحين أن عملية تحديث حقول النفط الكبرى تتراجع يوما بعد يوم. ويؤكد رئيس قسم صناعة وأسواق النفط في وكالة الطاقة الدولية أنطوان هاف أن العراق باستثناء أمريكا الشمالية، هو البلد الأهم فيما يتعلق بالإنتاج النفطي المستقبلي. وبسبب هجوم المسلحين تم إغلاق مصفاة بيجي أكبر مصفاة نفط في البلاد لكنهم لم يصلوا بعد إلى حقول النفط الكبرى في الجنوب التي تؤمن 90٪ من صادرات النفط. وتسببت أزمة العراق في ارتفاع أسعار النفط إلى 114 دولارا من 109 دولارات لكن لم تصل إلى الحد الذي يتوقعه المحللون في حال توقف العراق عن التصدير. وتفترض مؤسسة كابيتال إيكونوميكس البحثية أنه "في سيناريو سيئ" يتوقف معه القسم الأكبر من الإنتاج النفطي العراقي قد يزيد سعر نفط برنت عن 140 دولارا للبرميل بسهولة. وعلى المدى البعيد قد تعرقل المعارك استمرار إمدادات النفط العراقية. وقد كثف العراق إنتاجه في السنوات الماضية ليصل الإنتاج حاليا إلى نحو 3.3 ملايين برميل يوميا. وتقدر وكالة الطاقة الدولية فائض الإنتاج النفطي لأوبك لعام 2014 ب3.52 ملايين برميل يوميا، يمثل الفائض السعودي 80٪ منه. ومن الناحية النظرية، يمكن لأوبك تأمين كل الإنتاج النفطي العراقي تقريبا. لكن ذلك قد يترك هامش خطأ محدودا جدا خصوصا إذا زادت معدلات التنمية في العالم بحيث تدفع الطلب على النفط بوتيرة أسرع من المتوقع. ومن المستبعد استيلاء المسلحين على حقول النفط في جنوبي العراق لكنهم قد يستهدفون مقار شركات النفط في العاصمة بغداد. كما يمكنهم نشر الفوضى باللجوء إلى أعمال تخريب كما فعلوا في محافظة الأنبار حيث تم تخريب أنبوب نفط أساسي منذ مارس/آذار الماضي. وسلطت الأزمة في العراق الأضواء على صادرات إقليم كردستان التي تقول بغداد إنها غير مشروعة، لأنها الجهة الوحيدة المخولة لاستثمار النفط في العراق وتصديره. ويريد الإقليم زيادة الإنتاج النفطي إلى 400 ألف برميل نفط يوميا بحلول نهاية العام الحالي من 125 ألف برميل يوميا حاليا, وتقول حكومة الإقليم إنها بدأت نقل النفط عبر تركيا. وكانت الجهات التي تشتري النفط مترددة في الحصول على هذه الشحنات لأن حكومة بغداد هددت بملاحقة كل من يشتريها, لكن الأزمة قد تغير هذه المعادلة. من ناحية أخرى، قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في بغداد إن التقدم الذي حققه المسلحون السنة إلى الشمال من العاصمة يشكل "تهديدا وجوديا" لدولة العراق، مضيفا أن "هذه هي لحظة مصيرية بالنسبة للقادة العراقيين". وتعهد كيري بعد لقائه عددا من الزعماء السياسيين العراقيين الاثنين بأن الولاياتالمتحدة ستقدم دعما "مركزا" للعراق لمساعدته في التصدي للمسلحين.