بنظرات جد معبرة تصف لوحدها معاناة عائلة دراجي العائدة من قطاع غزة بعد أكثر من عشرة أيام تحت القصف والدمار وبعد أن دمر منزلها بالكامل واستشهد اثنين من أفراد العائلة، استقبلتنا العائلة بمستشفى مصطفى باشا بعد أن فقدت المأوى والرزق لتجد نفسها مضطرة للسفر والعودة إلى الجزائر بحثا عن الأمن والأمان بعيدا عن دبابات وقصف العدو، بعد أن تكفلت السلطات الجزائرية بنقلها من غزة وبالتحديد من مدينة رفح جنوبغزة إلى الجزائر والتكفل بعلاجها، بسبب قلة الامكانيات وندرة الأدوية داخل مستشفيات غزة ومع التزايد الكبير في الجرحى والذين قدر عددهم بالالاف، يوما بعد يوم جراء همجية وعشوائية قذائف العدوان التي لا تفرق بين طفل وشيخ ولا بين رجل وامراة . "البلاد" قامت بزيارة ميدانية إلى مستشفى مصطفى باشا لتقف عند معاناة ومرحلة علاج بعض أفراد عائلة دراجي المتوزعين بين مستشفيي مصطفى باشا والدويرة لاستكمال العلاج. استشهاد الوالدة والطفل عبد الله بصاروخين رغم جراحه وأحزانه على فقدان زوجتة وحفيده وعلى الدمار الذي حل بغزة، إلا أن عبد الجبار دراجي القادم من غزة رفقة عائلته المتكونة من 11 فردا تحدث بثقة منبعها الإيمان بالله وقال تم تدمير المنزل فوق رؤوسنا بثلاثة صواريخ وذلك دون أي سابق إنذار وهو نفسه ما يتعرض له الفلسطنيون في غزة يوميا وذلك بشن العدو الصهيوني آلاف الغارات الجوية البرية والبحرية والجوية، وقد استشهدت زوجتي نجاح وحفيدي عبد الله صاحب الثلاث سنوات رحمة الله عليهم. كما تحدث عبد الجبار عن التعليمات التي أوصى بها وزير الصحة لتكفل الكامل بهم والعناية اللازمة وحتى من أجل توفير أطباء نفسانيين، نظرا لحالتهم النفسية المتدهورة. كما تشكر السلطات الجزائرية التي قامت بمساعدته وعائلته. وخلال حديثه معنا عرج على موضوع ابنته مريم التي ترقد حاليا بمستشفى الدويرة لإصابتها بحروق في بعض من مناطق جسدها، يقول إنها بحاجة إلى مزيد من العناية والاهتمام نظرا لخطورة إصابتها. أما عن إصابته فقال إنه كان يعاني من بعض الجروح وقد تلقى العناية الخاصة واللازمة نظرا لأنه يعاني من داء السكري. وفي حديثه عن الإقامة، قال ان إقامته هنا لفترة وجيزة ودعا الجميع لمساندتهم لإعادة بناء منزلهم المدمر، وعبّر عن أمله في إيجاد سكن أو مساعدة لتوفير منزل بالجزائر لبعض أفراد الأسرة الذين ليسوا في حاجة إلى رعاية طبية ولأن إقامتهم في المستشفى زصبحت تسبب لهم الازعاج، نظرا للدخول المستمر للأطباء والممرضين، مما يسبب الاحراج لنساء متحجبات في العائلة وهذا يضطرهم إلى البقاء طوال النهار بالحجاب وعدم أخذ راحتهم. آلاء تروي معاناتها بعيدا عن اهلها ألاء دراجي هي البنت الكبرى لعبد الجبار دراجي والشهيدة نجاح، دكتورة في الصيدلة، متزوجة وام لطفل مقيمة في السويد، بكثير من الدموع والتحدي وعزة النفس وصفت في حوار لها مع "البلاد" معاناتها التي قالت إن كل الكلام لا يمكن أن يعبر عما بداخلها فأن تقول إنك فقدت أمك بهذه الطريقة البشعة فهذا لوحده يكفي، خصوصا أنها لم ترها منذ ثلاث سنوات بسبب إقامتها خارج فلسطين وغلق معبر رفح. كما تحدثت آلاء عن حالة عائلتها الصحية قائلة "أفراد العائلة أصيبوا بجروح خطيرة وهم تحت الرعاية الطبية"، وذكرت "أن يوسف والد الطفل الشهيد عبد الله الذي كان قد أصيب في حرب 2008 وفقد البصر، تعرض هذه المرة إلى جروح بليغة في قدمه ورأسه وظهره، فيما تعرض باقي أفراد العائلة لإصابات متفاوتة، وخضع منذ يومين الرضيع إبن خليل، لعملية جراحية على مستوى العين بعد تلقيه شظايا أثناء قصف منزلنا بغزة. أما بالنسبة للطفل محمد فإصابته خفيفة". أما عن وضع مريم الصحي المتواجدة حاليا في مستشفى الدويرة والتي التقينا ألاء مباشرة بعد عودتها من عندها وهي في حالة هستيرية من الغضب والبكاء بسبب الحالة المتدهورة وعدم الاهتمام بها، قالت "خرجت من المستشفى وأنا مهانة، لأننى طالبت بتوفير النظافة لأختي ووضعها يحتاج إلى عناية فائقة وأنا أضطر يوميا إلى الذهاب عندها إلى مستشفى الدويرة وتنظيفها والعناية بها وحتى أفرشة الأسرة نحن من نقوم بتغييرها ولأنني طالبت بأدنى الحقوق تم تسجيل خروجها يوم الخميس وهي لم تتماثل بعد للشفاء وتعاني من حروق بالغة" مضيفتا "نحن جزائريون ومن حقنا التمتع بحقوقنا كغيرنا من المواطنين لكن هذا لا يجعلني أخلط الامور فالشكر موصول لكل من ساعدونا، لكن نريد أن يكملوا خدمتهم". أما عن تلقيها خبر استشهاد والدتها فقالت كنت أتابع للاخبار بشكل مستمر ومتواصل ورأيت في التلفاز القصف الذي كان في المنطقة التي نقطن بها واستهداف منزل دراجي ورحت أتابع وكالات الانباء التي جاء في أحد عناوين أخبارها استشهاد نجاح دراجي والطفل عبد الله يوسف دراجي، لكنني لم أستوعب الأمر حتى قرأت تعليق زوجي الذي كان في العمل وطلب منهم محو الخبر لمدة قصيرة إلى غاية وصولي إلى المنزل عندها تأكدت من الخبر وكنت في حالة لا يمكن وصفها فأمي هي صديقتي وكل شيء في حياتي، كنا نتواصل باستمرار عبر الانترنيت وفقدانها يعني أنني فقدت كل الحياة. الشهيدة نجاح دراجي كانت توزع أكلا على الفقراء والمتضررين من القصف قبل يومين من الكارثة التي حلت بعائلة دراجي، كانت الشهيدة نجاح توزع طعاما رفقة زوجها وباقي أفراد الأسرة وتتقاسم رغيف الخبر مع العائلات الفقيرة التي تعيش ظروفا صعبة وازدادت معاناتها مع القصف. الجزائريون يقفون وقفة رجل واحد مع عائلة دراجي كما تحدث زوج آلاء عن مساندة الجزائريين في الشارع لهم بمجرد معرفة أنهم قادمون من غزة بسبب الحرب، وقد اشاد بالمبادرة التي وصفها بالجميلة من طرف الصيدلية التي رفضت أخذ النقود منهم عند شراء الدواء وغيرها من الوقفات التي تعبر عن نخوة الشعب الجزائري ووقفته مع أخيه في أحلك الظروف والمحن. أما أم الشهيد عبد الله يوسف عبد الجبار، فقد كانت في نفسية جد صعبة ولم تتمكن من الحديث معنا واكتفت بتلك النظرات التي لا تحتاج إلى لغة لتفسر