بعد ما يقارب ال18 شهرا من الغياب، ومغادرة عمال شركة ستات أويل مقر نشاطاتها بعين أميناس بولاية إليزي الجزائرية، قررت الشركة النرويجية العودة الى استئناف عملها رسميا، بعد أن غادر طاقمها الأجنبي الجزائر أياما قليلة بعد وقوع الهجوم الإرهابي على منشأة استخراج الغاز مطلع 2013. وأشار بيان صادر عن الشركة نقلته وكالة الأنباء الفرنسية أمس "إن الشركة قررت استئناف نشاطاتها بصورة عادية في المشروع المشترك بينها وكل من سونطاراك الوطنية الجزائرية وشركة بريتيش بتروليوم البريطانية بكامل طاقمها الأساسي". ولكن بيان الشركة لم يخل مما تصفها الشركة ب"المخاوف الأمنية" الناتجة عن الوضع الأمني المضطرب بالمنطقة، وهو ما يتطلب تقييما دائما للوضع من أجل وضع خطط للتعامل معها". أما فيما يخص أهلية المنشأة للعمل مجددا بعد شهور من التوقف، فقد أكد المتحدث باسم الشركة أن الإنتاج لن يكون بكامل الطاقة، بل سيتطلب الأمر عدة شهور أخرى من أجل القيام بإصلاحات الأعطاب والأضرار الناجمة عن الهجوم الإرهابي. ويحمل قرار الشركة العودة الى نشاطاتها بالجزائر رمزية كبيرة خصوصا أمام الظروف الأمنية التي تعيشها المنطقة، خاصة في ليبيا وما قرأت فيه العديد من المصادر الغربية تهديدا محتملا على أمن منطقة المغرب العربي، ومصالح الدول الأخرى فيها، الذي قابله إعلان للجيش الوطني الشعبي ومختلف المصالح الأمنية الأخرى بإعلان استنفار على مستوى الحدود لمنع عبور الخطر الأمني الليبي الى الجزائر. ويمثل الجانب الآخر المهم في عودة الشركة، هو أنها تنهي شهورا طويلة حاولت خلالها هي والعديد من الشركات الأجنبية الأخرى العاملة بالجزائر، فرض شروط جديدة في العقود التي أبرمتها لدى قدومها لإنجاز المشاريع التي فازت بها في قطاع المحروقات، وأهم المطالب التي استجدت عقب هجوم تيڤنتورين استقدام أفراد حماية من شركات الأمن الخاصة لتأمين مناطق نشاطاتها، لكن هذه المطالب لقيت ردود فعل شديدة رافضة من قبل السلطات الجزائرية. وبالمقابل لقي موضوع تأمين المنشآت والمصانع النفطية في الجنوب اهتماما أكبر من الجيش الوطني الشعبي الذي أعلن عن خطط أمنية خاصة بهذه المناطق النفطية، ودحض كل الادعاءات التي تسوقها الشركات الأجنبية باستعمال المخاوف الأمنية في الضغط على الجزائر اقتصاديا. وبعودة الشركة الى العمل بالجزائر دون أن تغير من شروط التعاقد بعد شهور من الابتزاز، تكون الجزائر قد نجحت في "حرب الأعصاب" التي مارستها هذه الشركة ونظيراتها الغربية لفرض بنود جديدة على عقودها، خصوصا أن ستات أويل كانت قد اعترفت منذ مدة بأن السلطات الجزائرية اتخذت تدابير معتبرة خلال الهجوم الإرهابي، إلا أنها ظلت تمارس "حرب البيانات تحت عنوان الخاوف الأمنية". وبهذا تكون الجزائر قد تخلصت من آخر الآثار التي خلفها الهجوم الإرهابي في تيڤنتورين قبل ما يقارب السنتين، الذي كلفها الكثير على الصعيد الاقتصادي وسمعتها الأمنية لدى الشركات الدولية الكبرى التي تبحث عن استثمارات في قطاع الطاقة.