هل وضعية الصحة عندنا بخير؟ الإجابة لا تحتاج إلى كثير من البحث، لأن مستشفياتنا التي تستقبل آلاف المرضى كل يوم مصابة بمرض أعراضه واضحة الملامح . يكفي أن تتجول في أقسام ومصالح تلك المستشفيات والعيادات لتكتشف أن قطاع الصحة هو من يحتاج إلى العلاج. قد يكثر الوزير وإطاراته من أرقام الاستثمارات والتجهيزات، لكن كل ذلك مجرد أرقام تزيد من دواعي النقد لهذا القطاع. لا أدري هل يحدث في بلد يسخر ملايير الدينارات للصحة أن تلد فيه النساء بأروقة مصحات التوليد، وأن تقطع رؤوس المواليد تحت ذريعة ''الخطأ'' الطبي، وأن ترتكب مئات الأخطاء الطبية كل عام، وأن تخلو صيدليات المستشفيات من أدوية الأمراض الحساسة والمزمنة، وأن تخلو العيادات من اللقاحات إلى درجة أن ''يفر'' المواطن نحو البلدان المجاورة بحثا عن لقاح لأبنائه. ولماذا يعجز القطاع العمومي عن تقديم خدمات مماثلة لتلك التي يقدمها الخواص، برغم الإمكانيات المادية والبشرية والخبرة المتوفرة في المستشفيات والعيادات والمستوصفات؟. لماذا يبدع الأطباء في العيادات الخاصة و''يموتون'' في مستشفيات القطاع العام؟. لماذا ترتفع نسبة وفاة الحوامل في مستشفياتنا، وتنتشر الأمراض الخطيرة التي تعالج بأدوية مشكوك فيها ويهاجر خيرة أطباء هذا القطاع بل ويتحول بعضهم إلى تجار ومستثمرين صغار بدلا من ممارسة مهنتهم الأصلية؟. قد يحدث هذا في إحدى دول العالم المتخلف أو في بلد يفتقر لمداخيل مالية يمكن أن تساهم في رسم خطط إصلاح وتطوير القطاع، وتحسين مستوى القدرات البشرية فيه. لكن كيف يحدث هذا في بلد يسخر ميزانية ضخمة كما هو الحال عندنا؟؟ إن البحث عن تشخيص حقيقي لأمراض الصحة عندنا أصبح ضروريا، وهذا لتفادي كارثة يمكن أن تؤدي إلى حالة مرضية يصعب علاجها..بعدما تعددت الوصفات الطبية غير المجدية رغم إضافة عنوان جديد لوزارة الصحة اسمه ''إصلاح المستشفيات''..