محمود جهاد حرب.. هو اسم طفل فلسطيني من قطاع غزة، ولد وعلى صدره وحمة على شكل خريطة فلسطين الأصلية مقلوبة بكل تعرجاتها، قبل أن يقسمها ويعبث بها الكيان الصهيوني. هذه الوحمة تشعره بتميز كبير.. وعلى الرغم من صغر سن الفتى الغزاوي المتيّم بحب فلسطين، إلا أنه يحمل في قلبه الصغير قضية كبيرة.. إنها قضية تحرير الأرض من العدوان الإسرائيلي الغاشم.. ويتمنى أن يسقط شهيدا ويروي بدمائه تراب فلسطين. أم محمود. غزّاوية صامدة تبكي فراق فلسطين تقول أم محمود التي تقيم رفقة أسرتها في أبو ظبي بعيدا عن الوطن، منذ أكثر من 25 عاما، أنجبت خلالها ثلاثة أبناء وثلاث بنات غير محمود.. كنا نعيش في غزة، أين الأهل والخلان ورحلنا عن غزة الحبيبة نهاية سنة 1992 ليستقر بنا المقام في إمارة أبو ظبي، قبل أن نعود إلى الأرض الأم في زيارة.. تتنهد.. أتذكر أن أحداثا كثيرة شهدتها الساحة الفلسطينية في تلك الزيارة.. يحضرني الآن منظر جنود الاحتلال الإسرائيلي..لدى هجومهم على بيتنا واعتقالهم لابن أختي بزعم انتمائه لصفوف المقاومة، أتذكر حين هجم الأعداء بكل همجية على البيت وكيف تصديت لهم، وقام أحد جنود الاحتلال بضربي بمؤخرة ''الكلاشنكوف'' في كتفي، وأصيب شقيقي بطلقة نارية في ساقه.. وتكررت مرات الاعتداء على حرمات المنازل واعتقال الشباب بالقوة تحت أي ذريعة، وإطلاق القنابل المسيلة للدموع دون سبب، وفرض حظر التجول، والاعتداءات الوحشية المتكررة، وصور المضايقات والإذلال بهدف تركيع صمود الشعب الفلسطيني البطل وهذه كانت آخر زياراتي للأراضي المحتلة..وفي الهجرة حين استقر بنا المقام بأبو ظبي.. أصبحت أحلم بالعودة التي تلازمني كظلي.. كنت أبكي فلسطين وشهداءها بحرقة شديدة..كان الحنين إلى تراب غزة وزيتونها وخبزها وهوائها وطيبة قلوب أهلها، يقتلني في اليوم ألف مرة، لم يكن في وسعي فعل شيء وأنا أشاهد عبر الشاشات الدولية ما تفعله الأيادي الصهيونية القذرة بإخوتي في الأرض الطاهرة.. وشاء القدر أن أحمل بمحمود.. كانت فترة حملي به جد صعبة.. وبعد الولادة وجدت الطبيب يفاجئني.. بوجود الوحمة التي أثارت استغرابه واستغراب جميع من كانوا في ''مستشفى الكورنيش'' بأبو ظبي، فالكل كان يردد ''سبحان الله..وما شاء الله.. هذا فأل طيب بأن الأرض ستعود لأصحابها بإذن الله''. وتستطرد أم محمود قائلة ''كم أنا سعيدة بتلك الوحمة التي تقارب في شكلها خريطة الوطن الغالي فلسطين، وكم أبكي حين أشاهد تلك الإشارة على صدر ابني والتي تضاعف من حنيني وشوقي أكثر إلى وطني المفقود''. لا يلعب كما الأطفال ويعشق القتال والمسدسات.. كبر محمود حتى أصبح في عمره 15 سنة، وكانت الوحمة تتسع ويكبر حجمها شيئا فشيئا تقول الأم وأصبح يشعر كلما نظر إليها بالتميز، لكن ما كان غريبا في تصرفاته هو أنه لم يكن يهوى اللعب و''العفرتة''، ويميل كثيرا إلى اقتناء ألعاب على شكل مسدسات ورشاشات..غرفته وإلى اليوم مليئة بتلك الألعاب، ويعشق القتال ويتمتع بسرعة بديهة عالية، تفكيره يسبق عمره، لا يتعامل مع الصغار، فهو يصاحب الكبار ويعاملهم وكأنهم في عمره ودائما يخاطبني وهو يصوب أحد المسدسات البلاستيكية إلى الحائط ''أمي.. كم أرغب أن يكون هذا المسدس حقيقيا لأقتل به الجنود الإسرائيليين''.. محمود فلسطيني حتى النخاع ويرغب في الشهادة تقول أم محمود في اتصال هاتفي مع ''البلاد'' ابني يشعر بالتميز عن باقي الأطفال، وتمده بطاقة عجيبة ملؤها الإرادة والقوة والعزيمة وحب المقاومة، والأكثر من ذلك فإنه يلح على أبيه في العودة إلى فلسطين وتأثره يكون بالغا كلما شاهد ما يقترفه الجيش الصهيوني من جرائم في حق الأبرياء بفلسطين.. خصوصا الأطفال منهم، ودائما يكرر أنه سيذهب يوما ما إلى فلسطين ليقاوم حتى يسقط شهيدا لأجل الوطن.. ''ابني غزاوي فلسطيني حتى النخاع''. ماذا قال الداعية الإسلامي أحمد الكبيسي عن هذه الوحمات من بين من تكلموا عن رأي الدين في مثل هذه الوحمات التي يعتبرها الكثيرون إشارات ورسائل من عند الخالق عز وجل، الشيخ الدكتور أحمد الكبيسي في أحد البرامج التلفزيونية، حيث ذكر أن المسلمين حين تضعف قواهم ويفقدون الدليل ومصدر الخبر الصادق، يتولاهم الله سبحانه وتعالى بشكل مباشر كما جاء في الخبر عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في قوله ''لا تقوم الساعة حتى لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب''، وهذا يعني أنهم في حال ضعفهم وانهزام حكوماتهم وقصور إعلامهم؛ يوجههم الله سبحانه علا شأنه عن طريق الرؤى الصادقة.. والرؤى الصادقة هي البشرى التي قال الله تعالى فيها ''ألا أن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.. الذين آمنوا وكانوا يتقون.. لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة''، قالوا: ''يا رسول الله.. البشرى في الآخرة هي الجنة، فما هي البشرى في الدنيا؟ فقال عليه الصلاة والسلام: هي الرؤيا الصالحة.. يراها المؤمن، وترى له''، فهناك قلب خُلق مكتوبا عليه لفظ الجلالة ''الله''، وهناك وجه طفل مكتوب عليه لا إله إلا الله وهناك شجرة مكتوب عليها أو على ورقها لا إله إلا الله محمد رسول الله، وقد عرضت إحدى الفضائيات العربية طفلا أشد دقة من الحاسب الآلي، ورأيت طفلا في الثالثة من عمره يحفظ القرآن كله، وهناك غير ذلك من الخوارق التي تدل على قدرة الله سبحانه وتعالى المطلقة، وهذه الحالة ربما تكون من هذا القبيل، أو لعلها إشارة تؤكد ما عندنا من بشائر أخرى تتفق وما جاء عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بأن فلسطين جميعها ستعود للمسلمين، وهذا لا نشك فيه على الإطلاق إن شاء الله، فقد عاش الصليبيون في فلسطين واحتلوا المسجد الأقصى والقدس لمدة تزيد عن سبعين عاما، ثم هيأ الله صلاح الدين فأخرجهم منها بعد أن أسقط جميع الحكام المتخاذلين أمام الصليبيين مثل حكام حمص وحلب ودمشق والموصل وكل الدويلات المتباغضة المتناحرة فقهر الصليبيين وحرر فلسطين والتفت حوله الأمة وقادهم إلى النصر.فما أشبه اليوم بالبارحة، ومثل هذه العلامات أو الظواهر أن شاء الله تكون إرهاصات للنصر الذي ينتظره العرب والمسلمون.. ولا غرابة فيه.