كان "ثلاثي التحالف الرئاسي"، أحمد أويحي، أبو جرة سلطاني وعبد العزيز بلخادم، إلى وقت قريب، قبل سنة أو أكثر، من أكثر المعنيين برئاسة الجزائر خلال مرحلة ما بعد 17 أفريل 2014، فرغم عدم تصريح أي منهم بترشحه لهذا الموعد إلاّ أنّ سلوكاتهم كانت إلى وقت قريب وما تزال عند واحد منهم على الأقل تنضح بكل ما يعبر عن حلم الاستقرار في قصر المرادية. البعض كان يرى في أحمد أويحي، الرئيس المقبل، كما رأوا ذلك أيضا في عبد العزيز بلخادم و "الشيخ" أبوجرة سلطاني، تحليلات هؤلاء لم تكن مجرد تحليلات ولا قراءات، بل كانت انعكاسا لتصرفات وسلوكات "الثلاثي الرئاسي" الذي طبع الحياة السياسية والاعلامية طيلة عشرية كاملة في إطار التحالف الرئاسي، والذي جمعهم الطموح الكبير لتولي أسمى منصب في الدولة. الملاحظ والمراقب للساحة السياسية الجزائرية، يعرف جيدا بأنّ أحمد أويحي، وزميليه في التحالف الرئاسي عبد العزيز بلخادم وأبو جرة سلطاني كانوا جميعا يخططون ويعملون من أجل تحقيق ذلك الطموح الذي جمعهم، كما جمعتهم طاولة "التحالف الرئاسي"، وكل واحد منهم كان يجدف على طريقته الخاصة من أجل الاستقرار يوما ما في قصر المرادية. أبو جرة سلطاني، "الشيخ" الذي لم يخف يوما في أحاديثه الخاصة عن رغبته في الترشح للانتخابات الرئاسية الربيع القادم، بل كان العديد من المراقبين للشأن "الحمسي" يرون في أن جميع المواقف والقرارات والخيارات التي انتهجها سلطاني خلال السنوات الماضية كان الهدف منها خلق الظروف المناسبة للترشح لرئاسيات 2014، بدءً من خيار الدخول في "تحالف رئاسي" ودعمه المستمر والكامل للرئيس عبد العزيز بوتفليقة خلال عهداته الرئاسية الماضية، وحتى قراره الأخير بالانسحاب من رئاسة حركة مجتمع السلم وعدم الترشح لرئاسة "حمس" من جديد خلال المؤتمر الخامس الأخير، وما صاحب ذلك من حديث حول "صفقة" بينه وبين زعيم "حمس" الحالي عبد الرزاق مقري، الذي يتكفّل بترشيحه لرئاسة الجزائر، مقابل دعم سلطاني له في مؤتمر الحركة الذي توجّه رئيسا على "الحمسيين". أما أحمد أويحي، فقد سئل يوما في إحدى ندواته الصحفية عن رغبته في الترشح، غير أنه اكتفى بالتلميح الإيجابي دون التصريح الواضح، محيلا سائله إلى ما قاله الرئيس الفرنسي جيسكار ديستان "إن الرئاسة موعد بين رجل وقدره"، ما يعني أنه مؤمن بأن القدر قد يحمله يوما إلى كرسي المرادية. وكان يخطط لذلك منذ جوان 2002 أين عينه الرئيس بوتفليقة وزير دولة ممثل شخصي لرئيس الجمهورية قبل أن يدخل من جديد بتاريخ ماي 2003 إلى قصر الدكتور سعدان لرئاسة الحكومة فيطبع الواجهة السياسية والإعلامية في الجزائر لغاية 2012. أحمد أويحيى، ذلك الرجل الذي عرف من أين تؤكل الكتف، وعرف كيف يشق طريقه في صمت، فبقي بعيدا عن الضجة السياسية، وظلّ يتدرج في سلم السلطة وصناعة القرار شيئا فشيئا إلى أن وصل لأعلى مناصب الحكومة، وصنع لنفسه اسما ومجدا حتى صار حديث العام والخاص، وعكس أبو جرة وبلخادم "الاسلاميين" المحافظين، كانت استراتيجيته "الرئاسية" تمتاز بالحذر والغموض، بحيث يبقى مرشحا لتولي منصب رئيس الدولة دون أن يبين طموحه الكبير للوصول لقصر المرادية. أما بلخادم، فكان أبرزهم في مسألة الترشح لرئاسة الجزائر في 2014، وحتى الصراع الذي شهده الأفلان مؤخرا لم تكن حسابات الرئاسة بعيدة عنه ، بحسب ما قاله ويقوله معارضوه داخل الحزب. ويرى ملاحضون أنّ بلخادم وعلى خلاف ما كان عليه خلال السنوات الماضية، أحاط نفسه خلال العامين الأخيرين بما يسمى ب "أصحاب المال" ما فسرّه البعض على أنّه توجّه جديد لبلخادم الذي بدأ يظهر معالم رغبته في الوصول لقصر المرادية، خاصة اذا احجم الرئيس عن الترشح مجددا لعهدة رابعة باعتبار أنّ الرجل يعرف جيدا ماهية الحملات الانتخابية، وما تتطلبه من أموال، وأيضا الدور الكبير الذي يلعبه "أصحاب وأرباب المال" في الحملات "الرئاسية"، ليس فقط في الجزائر، إنما في مختلف دول العالم. أبو جرة، أويحي، وبلخادم، ثلاثتهم كانوا يخططون ويعملون من أجل موعد أفريل 2014، غير أنّ المثل يقول "وتجري الرياح بما لا تشتهي سفن"، وهنا جرت الرياح بما لا تشتهي طموحات أبو جرة "'الرئاسية" الذي غاب وغيّب عن الساحة السياسية وأصبحت حظوظه " معدومة" "، وبشكل أقل بالنسبة لأويحي الذي تضاءل كثيرا "اسمه" أمام أسماء أخرى مرشحة للعب دور "أفريل 2014"، ولكن بقي عنصر المفاجأة مرتبطا به، بحيث ما تزال له حظوظ في انجاح خطته "الرئاسية"، في حين بقي "عبد العزيز بلخادم" الوحيد الذي قد يكون له كلمة في استحقاق 2014 "، بحيث ما يزال اسمه لحد الساعة مؤثرا في الساحة، كما يجري تداوله على نطاق واسع بين الإعلاميين والسياسيين والمراقبين، كمرشح "محتمل " وبديل جاهز،في حال احجام الرئيس بوتفليقة عن الترشح طبعا.