كشفت القضية الأولى من نوعها على مستوى التراب الوطني، التي عالجتها الوحدات التابعة للقيادة الجهوية للدرك الوطني بقسنطينة، واستمر التحقيق فيها أزيد من تسعة أشهر، بخصوص تفكيك شبكة خطيرة تحترف المضاربة بالإسمنت، تنشط على محور ولايات الشرق، عن حقائق جديدة تضاف إلى الأسباب الأخرى التي كانت وراء تعطل بعض ورشات الإنجاز الضخمة المسجلة ضمن برنامج المخطط الخماسي 2005/ 2009 لرئيس الجمهورية، وتعطل أخرى. وفي هذا الصدد، أوضح رئيس أركان القيادة الجهوية الخامسة العقيد بن نعمان محمد الطاهر، أن هذه القضية تسببت في تعطل إنجاز حوالي 9 آلاف وحدة سكنية. كما أدت إلى إلهاب سوق العقار عبر جميع ولايات الوطن، باعتبار أن المتورطين فيها انتقلوا إلى جريمة أخرى تتمثل في تبييض الأموال من عائدات بيع الإسمنت بالمضاربة، حيث قاموا بشراء أملاك عقارية بالعاصمة وضواحيها وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار العقار في هذه الولايات. وأضاف ذات المتحدث الذي اعتبر القضية سابقة خطيرة من نوعها، أن هؤلاء المتورطين تسببوا أيضا في تعطيل وتأخير وتوقيف مئات ورشات الإنجاز لمختلف المشاريع التي أطلقها رئيس الجمهورية ضمن المخطط الخماسي المنصرم، لا سيما السكنية منها التي حرمت مئات الآلاف من المواطنين من أن ينعموا بسكنات لائقة. وأكد العقيد بن نعمان، الذي نشط ندوة صحفية أول أمس، أن التحقيقات في القضية لا تزال متواصلة لمحاصرة جميع الأشخاص الذين تورطوا في استغلال أزمة الإسمنت التي شهدتها السوق الوطنية سابقا، لا سيما وأن 35 من أفراد الشبكة يوجدون في حالة فرار. تجدر الإشارة إلى أن هذه القضية، أدت إلى توقيف 258 شخصا، بينهم 27 مقاولا وإطارات بالبنك الجزائري وأصحاب مصانع للإسمنت، وعدد من الحرفيين وحتى بطالين وكبّدت خزينة الدولة خسارة مالية ضخمة تقدر بملايير الدينارات، اتضح من خلال تحويل 266 ألف طن من الإسمنت استُخرجت خلال السنوات الثلاث الماضية بقيمة مالية تفوق 169 مليار سنتيم، وأعادوا بيعها في السوق السوداء بأكثر من 398 مليار سنتيم كهامش ربح استفاد منه المضاربون، الذين ألهبوا أسعار الإسمنت ليصل سعر الكيس الواحد من 50 كلغ إلى أكثر من 800 دينار.