شكيب خليل حذر مزيان من تحمل نتائج العقود المخالفة للقانون مر اليوم الثاني في محاكمة المتورطين في ملف سونطراك في هدوء تام، بعد أن تميز بقراءة قرار الإحالة، الذي اطلع عليه المحامون بشكل مفصل ما جعل أغلبهم يتغيب عن الجلسة. فيما تابع المتهمون تفاصيل الملف لاستدراك بعض المعطيات، والتحضير لبداية المواجهة مع القاضي الذي قرر استجواب المتهمين تباعا، حسب الصفقات المتابعين لأجلها ومسؤولياتهم هذه هي الصفقات التي سيرد عليها مزيان ومن معه تواصلت أمس لليوم الثاني على التوالي محاكمة المتورطين في فضيحة سوناطراك 1 في أجواء فاترة، ميزها غياب هيئة الدفاع وأهالي المتهمين وحتى ممثلي وسائل الإعلام الذين اكتظت بهم قاعة الجلسات عن آخرها في اليوم الأول من المحاكمة، حيث استأنف كاتب الضبط تلاوة قرار الإحالة الذي امتد إلى ساعة متأخرة من نهار أمس، في انتظار انطلاق المواجهة الساخنة بين المتهمين اليوم على أقصى تقدير. وكشف قاضي محكمة الجنايات محمد رقاد محمد في رد على سؤال للمحامي بوشاشي مصطفى عن توقيت الشروع في استجواب المتهمين، أنه سينطلق اليوم وقد أعدت هيئة المحكمة خطة من أجل ضمان السير الحسن للجلسة من خلال تقسيم عملية استجواب المتهمين حسب الصفقات المتورطين فيها، حيث سيتم مناقشة كل صفقة والأطراف المتابعين فيها على انفراد، ويدخل القرار في إطار تنظيم المحاكمة. وتضمن قرار إحالة المتهمين 293 صفحة تم تلاوته بداية من الصفحة 209، حيث كشف عن جملة من التجاوزات، ومن المنتظر أن يتم حسب قرار القاضي محمد رقاد أن تكون مراحل المحاكمة مقسمة بناء على الصفقات المشبوهة المتابع لأجلها المتهمون، والتي تبين من خلال قراءة غرفة الاتهام أنها تتمثل في 5 صفقات أبرمها المجمع البترولي طيلة 5 سنوات بداية من 2005 إلى غاية 2010 مع شركات أجنبية كانت كافية لتكبيد سونطراك أزيد من 1100 مليار سيكشف المتهمون كيفية استنزافها وحقيقة الصفقات المبرمة، وكيفية الحصول على فيلا، وعقارات، هربت وحولت لفائدة أباطرة المجمع البترولي بعقود خارج القانون ظلت طيلة سنوات محل تحر من قبل القضاة. وكان تقرير مجلس المحاسبة قد سلط الضوء على خروقات قانونية صارخة في تنفيذ ميزانية التسيير لوزارة الطاقة المناجم ووقف على عدم احترام قانون الصفقات العمومية فيما يخص الاستشارة وعدم تسجيل الممتلكات المقتناة في سجل الجرد، إضافة إلى غياب تام لإجراءات داخلية تسمح بتأطير ومتابعة الاتفاقية المبرمة بين سوناطراك ووزارة الطاقة والمناجم في إطار تنفيذ برنامج تحلية مياه البحر، في عقود الشركة الالمانية بعد 4 أشهر من الموافقة عليها رغم عدم تأهيلها لإعادة مقر غرمول. نظام المراقبة البصرية والحماية الالكترونية بين قرارت شكيب وتلاعبات المسؤولين توصلت التحريات إلى أن سونطراك أمضت 5 صفقات مشبوهة مع مجمع الشركة الالمانية كونتال ألجيريا فون وارك بليتاك في إطار مشروع نظام المراقبة البصرية والحماية الالكترونية لجميع مركبات مجمع سوناطراك على مستوى التراب الوطن، وتبين وجود اتفاق بين الرئيس المدير العام مزيان محمد رضا نجل المدير العام وأل اسماعيل، مسير الشركة ذات المسؤولية المحدودة كونتال ألجيري على العمل سويا للحصول على مشاريع في مجال المراقبة البصرية والحماية الإلكترونية عن طريق مساعدة نائب الرئيس المدير العام المكلف بنشاط المنبع بعدما كان يشغل منصب مدير قسم الإنتاج المدعو "ب بومدين"، حيث جاء هذا الاتفاق بعد إعطاء وزير الطاقة والمناجم تعليمات ألحت على ضرورة تأمين المنشآت التابعة لشركة سونطراك وتجهيزها بنظام مراقبة جد متطور والحماية بإشراك الشركة الألمانية FUNKWERK المختصة في المراقبة البصرية والحماية الإلكترونية والتي يعد ابن مزيان بشير فوزي شريكا فيها ويملك 200 حصة بقيمة 2 مليون دينار إدخالها كطرف في العقد المبرم بين سوناطراك وشركة كونتال ألجيري، بحكم أن هذه الأخيرة لا تملك المؤهلات المهنية والتكنولوجية لإبرام عقود مع سوناطراك في مجال نظام المراقبة البصرية، وتمت الصفقة بعد موافقة الوزير شكيب خليل، وإعطاء تقييم مالي لحاجيات سوناطراك لتأمين منشأتها، خاصة المركب الصناعي الجنوبي بحاسي مسعود كنموذج. مع العلم أنه تم الاستعانة باستشارات ومكتب دراسات يضم إطارات جزائريين. وجاءت الموافقة بعد أن طلب بلقاسم بومدين من مزيان محمد منحه تفويض لأجل إمضاء العقد مع المجمع الألماني ومنح في 04 /06 /2006 من قبل مزيان محمد إلى حساني مصطفى مدير قسم الإنتاج لإمضاء عقد بالتراضي مع مجمع كونتال فوكوارك بليتاك بمبلغ 1.960.760.816.79 دينار بتاريخ 12 /06 /2006 تنفيذا للتعليمات، رغم أنه لم يسبق للمجمع الألماني وأن تحصل على أي صفقة في هذا الميدان وجد نفسه متحصلا على الصفقة بمبلغ قدره 197 مليار سنتيم، دون نشر العقد بنشرة الإعلان عن المناقصات على أساس أن تأمين المنشآت أمر سري، حيث تبين من التحقيق أنه لم تحصل أي مفاوضات حول العرض التجاري الذي قدمه المجمع الألماني قبل إمضاء العقد كما هو معمول به. 200 مليون دولار رشاوى مقابل تمكين سايبام من مشروع أنبوب الغاز غالسي يعتبر مشروع إنجاز أنبوب الغاز غالسي الرابط بين الجزائر وسردينيا من بين الصفقات التي طالها الفساد، حيث تحصلت الشركة الإيطالية سايبام على المشروع بطرق ملتوية، حيث قام مجمع سوناطراك بإعلان مناقصة وطنية ودولية لإنجاز المشروع الخاص بالبر وتم تقسيمه إلى ثلاثة أقسام ومنها عين جاسر، تملوكة، كوديت والدراوش على طول351 كم، وتبين أن هذا القسم سجل تأخرا في الإنجاز بسبب غياب المنافسة في جلسة فتح الأظرفة بتاريخ 07 أكتوبر2008. ويشير الملف إلى أن وضعية هذه الصفقة تم إبرازها في مراسلة من رئيس قسم الدراسات المكلف بالمشروع "ل? كمال" الشاهد المتوفي والمرسلة إلى نائب الرئيس المدير العام السابق المكلف بالنقل عبر الأنابيب "ش? حسين" في شركة سوناطراك، وأوضح لهم أنه لا يمكن إتمام الصفقة نظرا لوجود متنافسين فقط، لكن الرئيس المدير العام لشركة سوناطراك محمد مزيان وافق في الإرسالية التي بعثها له نائبه بلقاسم بومدين على إتمام الاستشارة في هذا المشروع بخصوص متنافسين فقط، ليتم منح شركة سايبام الصفقة مقابل امتيازات غير مبررة حصل عليها مسؤولو سوناطراك، وهي الامتيازات التي كشف عنها مسؤول شركة سايبام لدى استجوابه من قبل المحكمة الإيطالية، حيث صرح أنه دفع الرشاوى عن طريق حساب بنكي أجنبي وتلقاها مسؤولون في سوناطراك وحتى وزير الطاقة شكيب خليل. وتذهب تصريحات هذا الأخير إلى أنه تم دفع المبالغ المالية الكبيرة على مراحل إلى غاية 2010 وهو تاريخ اكتشاف الفضيحة في الجزائر، وكل هذه الرشاوى كانت بغرض الاستفادة من 35 بالمائة من مشروع أنبوب الغاز غالسي. بتاريخ 23 مارس 2009 تم فتح الأظرفة الخاصة بالمناقصة الوطنية والدولية بخصوص القسم الثالث عين جاسر/ تاملوكة، وبعد فتح العروض تبين أن عرض المجمع الإيطالي والمقدر بحوالي 668 مليون دولار أمريكي مرتفع جدا، والشيء نفسه بالنسبة لعرض الشركة الفرنسية وتم تحرير تقرير بخصوص عدم ملاءمة عرضهما وبالتالي عدم جدوى المناقصة، لكن رغبة المسؤولين في سوناطراك إتمام الصفقة كانت أقوى من قانون الصفقات ومن كل التقارير التي تفيد بأن عرض الشركة الإيطالية مرتفع جدا، أي ب5 مرات مقارنة بسعر المشروع الحقيقي. وفي هذا السياق، يشير الملف إلى أن رئيس لجنة فتح الأظرفة "ي. م. مسعود" راسل نائب الرئيس المدير العام "بلقاسم بومدين" بخصوص صفقة إنجاز مشروع أنبوب الغاز غالسي وعرض عليه مجموعة من التوصيات لتسوية الصفقة وتخفيض السعر بنسبة 40 بالمئة، غير أن ما حصل هو اللجوء للتفاوض مع المجمع الإيطالي، رغم أن ذلك مخالف لقانون الصفقات بسوناطراك. صفقة إعادة تهيئة مقر غرمول ب8 آلاف مليار تبين أن لجنة دراسة العروض التقنية التي كان يرأسها المتهم أ. مولود، رئيس مشروع ترميم وإعادة تهيئة مقر غرمول ورئيس لجنة العروض التقنية، مكنت الشركة الألمانية IMTECHL GMBH من الفوز بمناقصة تهيئة وترميم مقر غرمول بقيمة 73 مليون أورو، أي 8000 مليار سنتيم رغم أن القيمة المالية جد مرتفعة والتكاليف باهظة حسب تقارير اللجنة المشرفة على دفتر الشروط، والتي لم يأخذها شكيب خليل بعين الاعتبار، وأصرَ على منح الشركة الألمانية الصفقة رغم عدم أهليتها، وأشرفت المتهمة نورية ملياني، صاحبة مكتب الدراسات على التحضير وبعد انسحاب 6 من أصل 8 أهلت الشركة المذكورة من الناحية التقنية رفقة شركة BERRY اللتين كانتا قد تقدمتا بعروض، رغم وضعيتها المالية التي لا تسمح لها حسب ما ورد من تصريحات باستلام مشاريع مهمة من قبل سوناطراك، حيث تم الموافقة قبل انتهاء عمل لجنة دراسة العروض الذي كان مقرر في 08 /03 /2009، وتأكد من الملف أن هذه الملاحظات رفعت في استشارة لوزير الطاقة والمناجم الذي تلقى تقريرا حول عروض الشركات المتقدمة للمناقصة بموجب إرسالية وأشر عليها في 17 /07 /2009 شركة IMTECH فازت بالمناقصة ولم يبق أمامكم إلا التفاوض من أجل التخفيض بنسبة 10 بالمائة أو أكثر وهو ما حصل لتحدد قيمة المناقصة كما ذكر سابقا، وبعد مباشرة فرقة الشرطة القضائية تحرياتها في الملف عمل محمد مزيان على إلغاء العقد بتاريخ 16 /11 /2009، أي إثر مرور أربعة أشهر من عقده بعد الحصول على موافقة وزير الطاقة. إن كنتم تعتبرون أن المناقصة تمت خلافا لقوانين سونطراك، فلابد من إلغاء العقد، وإلا فإنكم سوف تعترفون بخطأ لم ترتكبوه.. "هذا ما قاله شكيب خليل في مراسلته للمدير العام لسونطراك محمد مزيان بعد أشهر من تأشيره بالموافقة على إبرام صفقات ترميم مقر غرمول بقيمة 64.675.000 أورو والذي أبدى أعضاء لجنة العروض تحفظات بشأنها، حيث أمر الوزير بإلغاء الصفقة بعد 4 أشهر من التحريات التي فتحتها مصالح الأمن في سونطراك.