في الوقت الذي تحاول فيه حكومة عبد المالك سلال، السعي لإيجاد بديل استثماري عن قطاع المحروقات، التي تشهد أسعارها انخفاضا في الأسواق العالمية، تأتي التقارير الدولية عن سمعة الاقتصاد الوطني بما لا تشتهيه الحكومة في عصر التقشف. فالتقرير الأخير لمؤسسة "دابليو بي بي" العالمية المرموقة المختصة في العلاقات العامة الواقع مقرها في العاصمة البريطانية لندن، والمالكة لشبكة كبيرة من المكاتب على المستوى الدولي، والمختصة في البحث عن جودة الدول في مجال قابليتها للاستثمار وإقامة المستثمرين وعائلاتهم، يؤكد بأن الجزائر تتذيل الدول التي شملتها دراسة معمقة عن مختلف النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، إذ تمركزت في المرتبة ما قبل الأخيرة قبل إيران، والتي تقاسمت معها نفس الترتيب (60)، مع تفاوت بسيط في بعض التفاصيل. التقرير الذي استهل بالإشادة بما تمتلكه الجزائر من تاريخ وجغرافيا متنوعة مع مزيج عرقي بين الأمازيغ والعرب، وتلاحم ديني ومذهبي نظرا لتوفر غالبية واضحة من المسلمين السنّة، ركز على التبعية المفرطة للاقتصاد الجزائري للمحروقات، وتراجع مؤشرها في تقارير الشفافية العالمية ومكافحة الفساد. واعتمد التقرير على 9 مؤشرات أساسية تمثلت في المغامرة وحس المواطنة، والنفوذ الثقافي والمقاولاتية، والتراث والحركية، والانفتاح الاقتصادي والقوة وجودة الحياة، والملفت حصول الجزائر على تقدير قارب الصفر في مجال حس المواطنة والنفوذ الثقافي، حيث أبرز "تدني اهتمام" الجزائريين بقضايا البيئة و«الأفكار التقدمية"، أما في شق المقاولاتية، فقد أشار التقرير إلى ضعف في الحس الابتكاري للمشاريع في الجزائر وتدنٍّ لليد العاملة المؤهلة. وارتفع تصنيف الجزائر نسبيا في محور القوة، حيث أشار إلى القوة العسكرية ومتانة تحالفاتها الدولية وتوفرها على نفوذ اقتصادي، لتعود أسهم الوضع الاقتصادي والاستثماري للجزائر إلى التراجع مجددا في الشق المتعلق بالانفتاح الاقتصادي، ليشير إلى تدني نسبة الشفافية وارتفاع حاد في نسب الفساد والبيروقراطية وعدم ملاءمة البيئة الضريبية. وتقدمت عدة دول عربية على الجزائر منها المملكة العربية السعودية ومصر وتونس والأردن، فيما تصدرت ألمانيا وكندا وبريطانيا والولايات المتحدةالأمريكية التصنيف العالمي. تقرير مؤسسة "دابليو بي بي" العالمية حول اقتصاد الجزائر، سيزيد من هواجس حكومة سلال، في وقت تسعى فيه الأخيرة لتنويع الاقتصاد والخروج من التبعية المفرطة للمحروقات، لاسيما وأن مثل هذه المؤسسات الاستشارية في مجال العلاقات العامة، تعد أول من تستنجد بها الشركات العالمية في دراسة قابلية الدول للاستثمار ومدى نجاح مختلف المشاريع بها.