توصل علماء في بريطانيا إلى كيفية قيام البكتريا المقاومة للعقاقير ببناء دفاعاتها والحفاظ عليها، الأمر الذي من شأنه أن يمهد الطريق لابتكار عقاقير حديثة يمكنها اجتياز الحواجز لتقتل هذه الكائنات الفتاكة. وتزايدت أنواع البكتريا المقاومة للعقاقير خلال العقود الأخيرة لتمثل خطرا بالغا على الصحة العامة، فيما صارت سلالات أخرى معدية، ما يسبب الالتهاب الرئوي والسيلان وعي غير قابلة للعلاج. وقال الباحثون في دراسة نشرت نتائجها في دورية (نيتشر)، إن التعرف على الآلية التي تستخدمها البكتريا للحفاظ على دفاعاتها تجعل العلماء قاب قوسين أو أدنى من حل مشكلة مقاومتها للعقاقير. وأوضحوا أن العلاجات الجديدة مصممة بحيث تضعف هذه الدفاعات بدلا من مهاجمة البكتريا ذاتها. وقالوا إن ذلك من شأنه أن يمنع البكتريا تماما من إبداء مقاومة للعقاقير. واستعان الفريق البحثي تحت إشراف تشانج جيانغ دونغ بجامعة إيست أنجيليا البريطانية، بآلة تسمى مصدر شعاع الألماس -الذي ينتج ضوءا مكثفا أكثر إبهارا من ضوء الشمس بعشرة مليارات مرة- لفحص تفصيلي لطائفة من البكتريا تسمى "السالبة لجرام". وهذه البكتريا السالبة لجرام مقاومة عادة للمضادات الحيوية، لأن الغلاف الخارجي لخلاياها يحتوي على غشاء دهني غير نفاذ يعمل كحاجز دفاعي ضد هجمات مكونات الجهاز المناعي للجسم ومن المضادات الحيوية. ووجد الباحثون أن هذا الجدار الدفاعي مكون ومدعم بوحدات مجمعة برميلية الشكل تحتوي على خمس وحدات فرعية. وتوصل العلماء إلى الطريقة التي تتعاون بها هذه الوحدات الفرعية لتكوين غشاء الخلية الواقي والحفاظ عليه مع معرفة كيفية القضاء عليه. وقال دونج إن هذه الوحدات البرميلية "مسؤولة عن بناء بوابات في جدار الخلية ومنع هذه الوحدات من استكمال آلية التجميع يسبب موت هذه الخلايا". ووجدت الدراسة أن الوحدات الفرعية الموجودة في الغشاء الخارجي والمواجهة للجانب الخارجي من الخلية من المكونات الرئيسية لهذه الآلية ما يجعله هدفا كبيرا لابتكار عقاقير جديدة. وتحدث مقاومة المضادات الحيوية عندما تتحور البكتريا من خلال الطفرات لتصبح مقاومة للمضادات الحيوية المستخدمة في علاج العدوى، ويؤدي الإفراط في استخدام المضادات الحيوية أو إساءة استخدامها إلى زيادة كبيرة في نمو البكتريا المقاومة للعقاقير. وتؤدي العدوى بالبكتريا المقاومة للعقاقير -بما في ذلك الصور المقاومة لعدة عقاقير تعالج الالتهاب الرئوي والتيفود والسيلان- إلى وفاة مئات الآلاف من البشر سنويا.