تشهد مسيرة الكرامة للأساتذة المتعاقدين المحاصرة من طرف مختلف المصالح الأمنية ببلدية بودواو في بومرداس حالة جد مؤسفة لما آلت إليه من تدهور صحي للأساتذة المتعاقدين المضربين عن الطعام الذين يتم نقلهم إلى المستشفى بصفة دورية لدرجة عدم توفر سيارات الإسعاف في كثير من الأحيان والذين فاق عددهم العشرين يوم أمس. أضف إلى ذلك الزكام الذي أصاب معظم المشاركين في الاحتجاج نظرا لنومهم في العراء يفصل بينهم وبين الأرصفة سجادات لا يتجاوز سمكها الميليمتر الواحد. لكن تضامن المواطنين معهم والجلوس إلى جانبهم لمواساتهم حتى ساعات متأخرة من الليل قلل من معاناتهم خاصة حين يرون دموع النساء الطاعنات في السن لأجل قضيتهم والذي قابلوها بتقبيل رؤوسهن، والحملات المنظمة على مواقع التواصل الاجتماعي المنظمة من طرف الشباب التي تناشد القاطنين في مختلف بلديات الولاية تقديم مساعدات لهذه الفئة طالما هي في ولايتهم. التضامن مع القضية لم يقتصر على المبادرات الفردية فقط بل تجاوزها ليصل إلى المبادرات الجماعية خاصة مع قدوم عديد الأساتذة المرسمين الذين يدرسون في بلدية بودواو للتضامن معهم، مؤكدين في حديثهم ل«البلاد" أن لهم كل الحق في الإدماج وحرية التعبير مطالبين السلطات العليا في البلاد بالنظر فيما إذا كان هناك خطر في قدوم الأستاذ إلى العاصمة، فهم لم يتعدوا على مصالح الأمن حتى بالكلام، مستنكرين المكانة المنحطة للأستاذ في الجزائر مقارنة بالدول الأخرى. وشهدت عدة مؤسسات تربوية في ولاية بومرداس إضرابا تاما عن الدراسة مساندة لهم في قضيتهم مؤكدين أنهم في انتظار الضوء الأخضر من النقابات لشل كل مؤسسات الوطن في إضراب مفتوح حتى إدماجهم. مسيرة الكرامة بعد ثلاثة أيام من الإضراب المفتوح عن الطعام شهدت قدوم الأحزاب السياسية بمختلف تياراتها والاستماع إلى انشغالاتهم مع غياب الإسلاميين الذين مثلهم نائب واحد الذي قال إنه قدم بصفته برلمانيا، وشخصيات ناشطة وإعلاميون نددوا بالحالة التي أجبرت الأستاذ على ارتداء كيس القمامة بدل المئزر قصد الاحتماء من الأمطار الغزيرة وهي ظاهرة سابقة في الجزائر، مؤكدين مساندتهم للقضية كحق دستوري كباقي فئات المجتمع بل وأكثر حين يتعلق الأمر بمربي الأجيال، مضيفين أن الجهات الوصية لا تملك رؤية مستقبلية لعالم الشغل مستنكرين استغلال هذه الفئة طيلة السنوات الماضية والاستغناء عنها حاليا بالرغم من كل ما قدموه من خدمة ترفع من المستوى العلمي للوطن، منتقدين الإصلاحات التي وصفوها بالغامضة التي تسود وزارة التربية الوطنية. أما فئة الأساتذة التي افتقدت منسقها الوطني الأستاذ بشير سعيدي يوم أمس إثر نقله إلى المستشفى بعد تعرضه للإغماء، كلهم عزم وإصرار على مواصلة مسيرتهم بالرغم من الإصابات التي تعرضوا لها، والتي تلقى بعضهم عطلا مرضية تصل ال 30 يوما بسببها، نظرا لخطورة وضعهم مما أدى بهم إلى تغيير خطة الإضراب الذي أعادوا تنظيمه يوم أمس بدخول 10 أساتذة في الإضراب المفتوح مع زيادة أستاذين مع مرور كل يوم، موضحين أن هذه الخطوة مفادها عدم الهزيمة ومواصلة المسيرة حتى الإعلان عن قرار الإدماج في مناصب العمل دون شرط أو قيد.