عاد الجدل مجددا حول مسألة تجريم الاستعمار الفرنسي للجزائر، ومطالبة فرنسا بإعلان اعتذار رسمي واعتراف بالجرائم الدموية التي ارتكبتها في الجزائر طيلة فترة 132 سنة من الاحتلام، وذلك على خلفية "الحملة الممنهجة" التي تقودها وسائل إعلام فرنسية بعد نشر الوزير الأول الفرنسي مانويل فالس لصورة رئيس الجمهورية. كشف موسى عبدي، النائب عن حزب جبهة التحرير الوطني، أنه يسعى حاليا لإعادة مشروعه القديم الجديد لتجريم الاستعمار في الجزائر، وذلك بعد الحملة التي تقودها العديد من الأطراف في باريس ضد الجزائر مؤسساتها وثوابتها، موضحا في اتصال أمس ب"البلاد" أنه يجري العديد من اللقاءات والمشاورات مع نواب كثر ون مختلف التشكيلات السياسية، لجمع التوقيعات لإعادة إحياء مشروع تجريم الاستعمار وإيداعه لدى مكتب المجلس الشعبي الوطني، ليأخذ مجراه القانوني. وأوضح المتحدث أن الذاكرة الوطنية وبناء التأريخ يجب أن يكونا فوق كل الاعتبارات والاختلافات السياسية بالجزائر، داعيا في ذات السياق الأحزاب السياسية والنخب الفاعلة إلى وضع أمن واستقرار البلاد فوق كل اعتبار، انطلاقا من العمل على تجنب الصراعات والتراشقات خاصة في هذا الوقت بالذات التي تواجه فيه الجزائر تحديات لا يستهان بها على الصعيد الاقتصادي والأمني. وفي إجابته على سؤال يتعلق بأسباب عرقلة مشروعه في وقت سابق، قال النائب عبدي أن السبب حينها كان الوضع الأمني الإقليمي وتداعياتها على الوضع الداخلي، بالإضافة ل"اللوبيات التي كانت تقودها فرنسا" لضرب استقرار الجزائر، الأمر الذي لم يتح –حسب النائب- تمرير المشروع في حينها، غير أن التمادي في "الحملة الممنهجة" دفع النائب عبدي للعمل على إحياء مشروع تجريم الاستعمار على مستوى الغرفة السفلى للبرلمان، وفي ذات السياق قال النائب أنه ليس متخوفا من عرقلة هذا المشروع على مستوى مكتب المجلس الشعبي الوطني، بالنظر للعديد من الإيحاءات الإيجابية، آخرها كان رد فعل مجلس الأمة الذي أدان هذه الحملة عبر بيان شديد اللهجة حذر فيه فرنسا من "تعطيل" مسار العلاقات الثنائية بين البلدين. ومن المتوقع أن تشهد الساحة السياسية وشعبيا قويا لدعم مشروع تجريم الاستعمار الفرنسي الذي عام 132 عاما، من سنة 1830 إلى 1962، خاصة وأنه ليست المرة الأولى التي يعاد فيه طرح هذا الملف، حيث سبق وأن طرف سنة 2007، وتكاتف 120 نائباً وجمعية وهيئة للوصول بمشروع قانون تجريم الاستعمار إلى مرحلة نهائية تشكل فيها محكمة جنائية تتولى محاكمة فرنسا عن الحقبة الاستعمارية، غير أن المشروع أجهض، لتتشكل مرة أخرى في سنة 2013 ما يسمى ب"جبهة الدفاع عن السيادة والذاكرة" ضمت 14 حزبا سياسيا طالبوا البرلمان بإقرار قانون تجريم الاستعمار، ردا على قانون أصدره البرلمان الفرنسي في فبراير 2006، يزعم بإيجابيات حققها الاستعمار لدول شمال إفريقيا بما فيها الجزائر. وللإشارة، فقد سبق لمكتب المجلس الشعبي الوطني، خلال العهدة الممتدة بين 2007 و2012 الذي كان يديره عبد العزيز زياري، أن أسقط مشروع قانون اقترحه النواب يتضمن تجريم الاستعمار والإشادة به، وإنشاء محكمة في الجزائر لمحاكمة مجرمي الحرب من قيادات الجيش الفرنسي. مع العلم أن مشروع القانون الذي كان يضم 20 مادة أولاها "تجريم الاستعمار الفرنسي عن كامل الأعمال الإجرامية التي قام بها في الجزائر"، ويطلب في مادة أخرى استرجاع الأرشيف الجزائري الذي استولت عليه فرنسا.