الطفل الإماراتي الذي يدردش بإنجليزية سليمة مع أطفال العالم في مواقع التواصل الاجتماعي ويمتلك برامج الألعاب الجديدة أربعة أشهر قبل أن يمتلكها نظيره في العالم حسب اتفاقية بين الحكومة وشركات هذه البرامج، هو نفسه عضو في الفرق الفنية الشعبية، وهو نفسه المقبل بشغف على معارض الكتاب، منها معرض الشارقة القرائي للطفل، ليشتري كتابًا ورقيًا. هذه الروح هي ثمرة لتكامل واضح بين المنظومات المختلفة منها المنظومة الثقافية، حيث نلمس مثلًا في البرنامج الثقافي المسطر من طرف "هيئة الشارقة للكتاب" لتفعيل يوميات الدورة الثامنة من مهرجان الشارقة للطفل الممتد إلى 30 أفريل الجاري سعيًا إلى الربط بين أمس الطفل وحاضره وغده حتى يكون متوازنًا فكريًا ونفسيا. هذا الرهان ناقشته ندوة "الرحلات في أدب الأطفال وعوالم السحر والأسطورة والحكايا الخيالية"، بمشاركة د. فاطمة الصايغ، والكاتبة إنجيلا ماك اليستر، حيث اعتبرت الصايغ أنه من الأخطاء التي تقع فيها المنظومات التربوية الحديثة اعتبارها تجنيب الطفل القصصَ القيمية شرطًا تربويًا يراعي سنه ومداركه، مما أنشأ جيلًا جديدًا يميل إلى السهولة في يومياته، عكس الجيل القديم الذي تربى على هذه القصص الثرية بالقيم، والذي كان يوازن بين حياته الخاصة والحياة العامة. في السياق ذاته قالت أنجيلا ماك اليستر إنها تطالب بضرورة تفعيل الأدب الشعبي في مواجهة التقنية الحديثة، مرجعة تميز تجربتها في الكتابة للطفل وإقبال القراء عليها إلى تفتحها على الحكايا الشعبية التي تسمعها مباشرة من طلاب المدارس. ومما قالته الكاتبة الجزائرية جميلة يحياوي في ندوة "كتاب الأطفال وعصر العولمة" أن الطفل حساس وهش ولا ينبغي أن نغفل هذا المعطى في تعاملنا معه حتى لا نخدش رغبته في الاجتهاد. تضيف: " يجب أن نقدم له ما يحتاجه من معلومات تتناسب مع مرحلته العمرية، ولذلك فأدب الطفل مقسم بحسب الفئات العمرية، فلكل فئة احتياجاتها، وكل ما يقدم لها تخزنه في ذاكرتها، وبناءً على ذلك يتم تحديد شخصية الطفل المستقبلية". ، مشيرة إلى أن العولمة لعبت دوراً في فتح آفاق المعرفة أمام الطفل، وقدمتها له بوسائل غير تقليديه تختلف عن الكتاب. وتطرقت القاصة السورية نبيلة علي في ندوة "موسوعات الأطفال .. ضرورتها وواقعها"، إلى أن الموسوعة هي توثيق وجمع للثقافة الإنسانية، وتكمن أهميتها في أنها تشكل مصدراً لتوفير المعلومات الأولية، ومع ظهور الانترنت فقد كثر ظهور الموسوعات ومن أبرزها "انترميديا" و"ويكيبيديا". ونبهت القاصة السورية إلى جملة من السلبيات التي يمكن للطفل أن يقع فيها إذا افتقد إلى التأطير منها غرقه في المواضيع الفرعية وابتعاده عن موضوعه الرئيسي في البحث. وعلى هامش المهرجان الذي تجاوز عدد زواره خلال الأيام الخمسة الأولى 120 ألف زائر، وقع كل الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة "كلمات"، وعبد الرحمن محمد العويس، وزير الصحة ووقاية المجتمع، مذكرة تنفيذ مبادرة "كتابي الأول" التي تسعى إلى نشر أهمية القراءة، وتحفيزها لدى الآباء والأمهات من خلال توعيتهم بأهمية الحديث مع أطفالهم، وتنمية أسس التواصل معهم، ابتداءً من فترة الحمل وحتى ما بعد الولادة، ومساندة كل منهما الآخر لجعل القراءة جزءاً لا يتجزأ من حياة أبنائهم وعادة يومية. كان ذلك بالموازاة مع استضافة المجلس الإماراتي لكتب اليافعين نظيره البريطاني أحد فروع المجلس الدولي لكتب اليافعين وضم الوفد كلاً من صوفي هلام، ممثلة عن المجلس البريطاني لكتب اليافعين، وجوليا اكليشار، الكاتبة المتخصصة في أدب الأطفال؛ ودايان هوفمير، مؤلفة كتب الأطفال، وأليكسيس ديكون، المتخصص في رسوم كتب الأطفال. وشارك الضيوف البريطانيون المهرجان، بالعديد من ورش العمل والندوات.