"لن نتراجع عن الدعم الاجتماعي تحت أي ظرف" اعترف الوزير الأول، عبد المالك سلال، أمس، خلال افتتاح أشغال الثلاثية، أن الوضع "صعب والعوائق حقيقية والغد غامض"، إلا أن الجزائر "تقاوم جيدا"، وطمأن سلال بأن الدولة متمسكة بالنموذج السياسي والاجتماعي الذي شيدته منذ الاستقلال "ولن تتراجع عنه تحت أي ظرف"، موضحا ضرورة إعادة النظر في نظام التقاعد بطريقة "عادلة" تضمن حقوق العمال. وأكد سلال، أمس الأحد، أن البلاد تقاوم "جيدا" السياق الاقتصادي الصعب في ظل تراجع مواردها المالية بأكثر من النصف. وصرح سلال خلال افتتاح أشغال الاجتماع ال19 للثلاثية (حكومة- المركزية النقابية ومنظمات أرباب العمل) قائلا "أقولها دون ديماغوجية: الوضع صعب والعوائق حقيقية والغد غامض، إلا أن الجزائر تقاوم جيدا"، مشيرا إلى أن الجزائر تعاني، بعد سنتين كاملتين على بداية تراجع أسعار النفط السريع والحاد، من تراجع مواردها المالية بأكثر من النصف، غير أن "الجزائر تقاوم رغم هذا السياق الصعب وتطوره غير الواضح"، يؤكد الوزير الأول. واستدل سلال على ذلك بآخر المؤشرات الاقتصادية للبلاد التي تؤكد حسبه أن قدرة الجزائر على تحسين النمو تبقى "فعلية"، وسجل الاقتصاد الوطني تراجع حجم الواردات ب13.07 % في الأشهر الأولى ل2016 مقارنة بالفترة نفسها من 2015، كما أن نسبة التضخم بقيت مستقرة عند 11.4٪ مع تواصل ارتفاع القروض الموجهة للاقتصاد (+9 % في الأشهر الأولى ل2016 مقارنة بالفترة نفسها من 2015). كما بلغت احتياطيات الصرف 9.136 مليار دولار مع تسجيل سيولة نقدية في البنوك تصل إلى 1.684 مليار دج، حسب المعطيات التي عرضها الوزير الأول. ولفت سلال في هذا الإطار إلى أن دولا أغنى قامت بمضاعفة أسعار الوقود وتقليص الدعم الاجتماعي وقطع الماء والكهرباء وإحالة الموظفين إلى البطالة التقنية، بسبب تدهور أسعار النفط. وفي هذا السياق انتقد سلال المعارضة بشكل ضمني دون ذكرها بالاسم قائلا "راهن البعض على تزعزع سريع للجزائر وفر آخرون من السفينة كي لا يحاسبوا على غرق كان يبدو لهم حتميا"، حسب الوزير الأول الذي أشاد في الوقت نفسه ب«حكمة الشعب الجزائري وعبقريته الذي رفض دائما خطاب الخوف والهلع والمغامرة السياسية والذي أكد في كل مرة خياره من اجل الاستقرار والتنمية وثقته في الرجل الذي فوضه بكل سيادة لتسيير البلاد". وقال سلال أن قدرة البلد على المقاومة "لا يجب أن تبرر الجمود ومنطق ننتظر ونرى الذي ستكون عواقبه وخيمة"، داعيا إلى ضرورة أن "نتحرك جميعا الآن لمواصلة تحول اقتصادنا إلى خلق الثروة ومناصب العمل"، مؤكدا أن "عناصر الإقلاع الاقتصادي موجودة"، موضحا أنه "حان الوقت لتوظيف تلك العوامل الإيجابية وتعبئة كل الفاعلين في إطار حوكمة ومخطط يجمع بين النظرة الاستراتيجية والبراغماتية والمسؤولية الاجتماعية والسياسية"، مضيفا أن العدالة الاجتماعية يتعين على الدولة تجسيدها بين كافة فئات المجتمع وفي كل الميادين من المساواة أمام القانون إلى توازن الأقاليم إلى تكافؤ الفرص إلى الإنصاف في تطبيق النظم والمعايير. وأوضح سلال أن واجب العدالة الاجتماعية "خط ثابت" في عمل الجهاز التنفيذي وسنلتزم به خلال التعديلات التشريعية القادمة لقانون العمل ومنظومة التقاعد بعد تحقيق الإجماع في الثلاثية. من جهة أخرى، وجه سلال رسالة إلى الجزائريين، أكد فيها أن "الوطن آمن ومستقر يقوده المجاهد الذي اختاروه والذي تقف خلفه بكل التزام كل مؤسسات الدولة"، مشددا على أن "الجزائر حرة وسيدة في قرارها السياسي والاقتصادي"، معترفا أن الدولة "تمر بصعوبات اقتصادية لكنها لن تتنكر أبدا لالتزاماتها مع من يبدأون حياتهم العملية أو الذين يعملون اليوم أو أولئك الذين هم في راحة مستحقة بعد سنوات طويلة من الجهد". وقال "رغما عن الذين أعمى الحقد بصيرتهم، الجزائر واقفة وستبقى واقفة". تنصيب محمد لوكال على رأس بنك الجزائر "مؤشر قوي" لصالح الاستثمارات قال عبد المالك سلال، إن تنصيب محمد لوكال كمحافظ جديد لبنك الجزائر يمثل "مؤشرا قويا" على الإرادة في دعم الاستثمار وتحسين الوضع الاقتصادي للبلد. وصرح سلال خلال اجتماع الثلاثية أن "المحافظ الجديد مصرفي وهي المرة الأولى التي يعين فيها مصرفي على رأس بنك الجزائر"، مضيفا "أنه (لوكال) يشجع الاستثمار وتنصيبه يعتبر مؤشرا قويا على الإرادة في دعم الاستثمار". وأردف يقول "أنا واثق أنه (المحافظ الجديد) سيكون في المستوى وسيساهم في تحسين الأمور بما يخدم الاقتصاد الوطني". سيدي السعيد : على الصناعة الوطنية أن تستغل ظرف تراجع أسعار النفط أكد الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، أنه يتعين على "الصناعة الوطنية أن تستغل ظرف تراجع أسعار النفط"، مشيرا خلال اجتماع الثلاثية إلى أن "تراجع أسعار النفط يجب أن يكون حافزا على بعث النسيج الصناعي"، داعيا إلى "بناء اقتصاد وطني منتج بغية الخروج من ظاهرة الاستيراد". وأضاف "ضرورة عدم الاعتماد على الريع النفطي" بغية القدرة على رفع تحديات التنمية المستديمة التي لا يمكن أن تتحقق إلا في كنف الاستقرار". وأكد الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، أن إحدى تحديات البلد "تتمثل حاليا في تحقيق التقدم الاجتماعي وتعزيز مكانته على الساحة الدولية". استحداث لجنة لمتابعة القرارات المتخذة كشف الوزير الأول عبد المالك سلال، أمس الأحد بالجزائر العاصمة، أنه سيتم استحداث لجنة لمتابعة تنفيذ قرارات اجتماع الثلاثية (حكومة-مركزية نقابية ومنظمات أرباب العمل). وصرح سلال في رده على انشغالات الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين للحكومة خلال الاجتماع ال19 للثلاثية أن: "استحداث لجنة لمتابعة القرارات التي سيتخذها اجتماع الثلاثية ستكون في توصيات أشغال الاجتماع". وكان الوزير الأول قد أكد خلال افتتاح الاجتماع أن "الثلاثية أصبحت أكثر من مجرد إطار للتشاور، بل فضاء حقيقي للابتكار في خدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلادنا".