رجال المال والأعمال يتداولون 3500 مليار دينار خارج الأطر الرسمية أكد، أمس، خبراء اقتصاديون ل«البلاد" أن إجراءات الحكومة في القضاء على التهرب الضريبي ستفشل لا محالة، سواء بتمديدها للآجال إلى غاية 2017 أو في التعديلات التي وضعتها هذه الأخير مع إصلاحات قانون المالية والتي تفرض رسما جزافيا يقدر ب7 بالمائة في حالات التسوية الجبائية الطوعية، في الوقت الذي لا يزال عديد من أصحاب المال والأعمال يتداولون 3500 مليار دينار جزائري في السوق الموازية ولم يعترفوا بها لدى المؤسسات المالية. وقدم الاقتصاديون جملة من الحلول منها إلغاء الرسم الجزافي وإعادة دراسة قوانين المالية والبحث في أسباب تخلي أصحاب المؤسسات عن وضع أموالهم لدى البنوك والاعتراف بها كونها السبب الرئيسي للتهرب من دفع الضريبة التي اعتبرها المختصون "آفة عابرة للقارات". المحلل الاقتصادي رزيق: العفو العام بدل ضريبة 7 بالمائة هو الحل وفي هذا الصدد، قال المحلل الاقتصادي والأستاذ الجامعي كمال رزيق في حديثه مع "البلاد"، إن الإجراء الذي اتخذته الحكومة في فرض 7 بالمئة على الشخص الذي يمتثل ضريبيا لن يعود عليها بالنتائج الإيجابية وهذا ما ستكشفه الأيام وحتى وإن تم تمديد الآجال إلى غاية 2017، مضيفا بالقول إنه على الحكومة أن تبحث في أسباب عزوف أصحاب المال بوضع أموالهم في المؤسسات المالية وإعادة إرجاع الأموال المتداولة في السوق السوداء والسعي لجذب هؤلاء للاعتراف بما يملكون بالعفو العام بدل ضريبة 7 بالمئة.من جهة أخرى، أشار الخبير الاقتصادي إلى أن العديد من الأشخاص يفضلون إبقاء أموالهم خارج البنوك التي تتعامل بالربا كونها تتنافى وشرع الله، لذلك دعا رزيق الحكومة إلى إعادة النظر في المؤسسات المالية من بنوك وحتى مصارف والنظام الذي تسير به كونها تحول وقناعة الأشخاص ومبادئهم المستمدة من التعاليم الإسلامية وإنشاء بنوك تخلو من التعاملات الربوية.في حين آخر، اعتبر المتحدث أن أسباب التهرب الضريبي راجعة أيضا إلى شعور صاحب المؤسسة أو المواطن بثقل معدلات الضريبة وعبئها وعدم الاستفادة -في المقابل- من أي خدمات حكومية، أو الاستفادة من خدمات مفتقدة للجودة فلا يرى المواطن حينئذ أثرا للضرائب التي يؤديها للدولة يعود عليه بالنفع، بالإضافة إلى الإحساس بعدم شرعية الضرائب في الأساس، إذا كان النظام الحاكم نفسه فاقدا للشرعية الديمقراطية ويطبق ضريبة على الأجير في الوقت الذي لا يحاسب أصحاب المال. البروفيسور في المالية الإسلامية: التهرب الضريبي آفة تنخر الاقتصاد والأمر نفسه أشار إليه البروفيسور محمد بوجلال ل«البلاد" الذي كشف عن مشروع اقتصادي يحمل آراء من طرف مختصين في الاقتصاد سيقدم للحكومة خلال الدخول الاجتماعي، وقال بوجلال إن التهرب الضريبي آفة اقتصادية يخلق عدة مشاكل اقتصادية للبلاد، مؤكدا أن إجراء الحكومة بخصوص الامتثال الضريبي التطوعي هو كالباحث عن الماء في السراب، مشيرا إلى أن الوضعية الجبائية متعلقة بالمواطن وإدارة الضريبة والالتزامات التي يقدمها الشخص تجاهها ولكن المشكل المطروح في الجزائر لا يكمن في الشخص الذي سوى وضعيته تجاه الضرائب بل الأشخاص الذين ينشطون في الخفاء ويتداولون أموالهم بطريقة بعيدة عن الضرائب كونهم غير مصرحين لدى أي جهة. وأوضح البروفيسور بوجلال أن الامتثال الضريبي يسهل المهمة لأصحاب الأموال خارج الدائرة المصرفية وبالتالي تصبح أموالهم رسمية، وفي نفس الوقت بعيدة عن الضرائب وهذا ما عجزت الحكومة عن تحقيقه. وأرجع المتحدث أصل المشكلة إلى فقدان الثقة بين المواطن والمؤسسات المالية.يجدر الذكر أن الحكومة الجزائرية، مددت في إطار التحضير لمشروع قانون المالية 2017، إجراءات للقضاء على التهرب الضريبي، نظرا إلى انعكاساته على الاقتصاد الوطني. وبادرت الحكومة إلى إيجاد حلول للقضاء على التهرب الضريبي، من بينها تمديد آجال الامتثال الضريبي الطوعي إلى غاية نهاية 2017، سيسمح برفع نسبة التحصيل الضريبي، التي تقدر حاليا ب4 ملايير دينار جزائري، حسب الأرقام المتداولة، حيث لم يتعد عدد الملفات التي سويت على مستوى المديرية العامة للضرائب 250 ملفا منذ انطلاق العملية منتصف أوت 2015.من جهته، أرجع المدير العام للضرائب عبد الرحمن راوية، بطء عملية الامتثال الضريبي الطوعي إلى تخوف المعنيين من تسوية وضعياتهم الجبائية، رغم الضمانات المقدمة لهم من قبل الحكومة.