انضمت خمس عشرة دولة من أعضاء منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، إلى ألمانيا في مسعاها للتوصل إلى اتفاق جديد للحد من الأسلحة مع روسيا، تفاديا لمزيد من التوتر في أوروبا. اختبار القوة الأساسي في العالم، يرتسم من جديد إذا حول اللاعب الروسي، وطموحاته في إعادة الاعتبار للمدى الجيو سياسي لروسيا، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. والمخاوف الغربية، تتنامى من مزيد من النزاعات في غياب إمكانيات الردع، والتوازن الاستراتيجي. وقال وزير الخارجية الألماني فرانك وولتر شتانماير "أمن أوروبا في خطر، ومهما كانت العلاقات صعبة مع موسكو فإننا بحاجة أكثر من أي وقت مضى للحوار"، ولا يبدو أن كل ذلك في وارد موسكو. فالكرملين المسكون كما يفترض بهاجس خسارة ما يعرف بحرب النجوم أمام الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان، مصر على الاستمرار في مغامرة التوتير، وسباق التسلح. وصفقات تسليحه لإيران التي انطلقت حتى قبل وضع حبر الاتفاق النووي الإيراني على الورق، مستمرة، بل وعلى نحو أكبر. فبعد أن تسلمت إيران من روسيا في ديسمبر العام الماضي، أنظمة صواريخ الدفاع الجوي إس 300، يجري الحديث الآن عن وصول المفاوضات بين الجانبين إلى مراحل متقدمة، في صفقة سلاح بمليارات الدولارات، تحصل طهران بموجبها على دبابات تي-90 وأنظمة مدفعية وطائرات هيليكوبتر من موسكو. يصب الزيت على نار المخاوف الأوروبية أيضا، مفاوضات تركية مع روسيا من أجل إبرام صفقة شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية إس 400. ومنطقيا، إذا قامت روسيا أيضا بإنهاء جو المنافسة السائد بين أنقرةوطهران، وضمهما إلى محورها، سيكون باستطاعتها تغيير قواعد الحرب في الشرق الأوسط، والإخلال بنظام ما بعد الحرب في أوروبا. ومن غير المستبعد انسحاب تركيا من حلف الناتو، الأمر الذي يخشاه الحلف العسكري الأميركي، لما يعنيه من إضعاف له، مقابل نفوذ أكبر لموسكو. ولا تهدأ المبادرة الألمانية للحد من الأسلحة مع موسكو، من مخاوف واشنطن، التي تخشى على ما يبدو أي تحرك يقلب توازنات عالم ما بعد الحرب الباردة. فتبرر دوائر أميركية المخاوف، بتاريخ روسيا المتسم بعدم الالتزام، بأي من الاتفاقيات والمعاهدات القائمة.