تصريحات الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، أحمد أويحيى، التي كانت بمثابة استنجاد بالشعب من سطوة سماسرة عششوا في دواليب الدولة ويهددون استقرارها ويخربون البلاد وينخرون اقتصادها، وتمكنهم من الحصول على إعفاءات ضريبية وجمركية بالملايير، تزامنت مع مصادقة البرلمان على قانون المالية لسنة 2017 الذي "خنق" المواطنين "الزوالية" من خلال رسوم ضريبية وإن كانت بسيطة غير أن انعكاساتها على أسعار مختلف المواد الاستهلاكية والخدماتية سيكون وقع أثرها السلبي على القدرة الشرائية. ولم يتبين من خرجة أويحيى إن كانت فعلا استنجادا بالشعب من "تغول" أصحاب المال الغشاشين، أم أنه محاولة لامتصاص الغضب الشعبي عشية تمرير "نواب الشعب" قانون المالية المتضمن إجراءات تمس جيب المواطن مباشرة؟.. وذلك مقارنة بالمنصب السامي الذي يتقلده أويحيى في هياكل الدولة كوزير دولة ورئيس ديوان برئاسة الجمهورية، وما يمتلكه من آليات قد تساعده في البحث والتحري لتحديد قائمة الغشاشين لتسليط عليهم العقوبات التي ينص عليها القانون. أمين عام الأرندي فاجأ الجميع بتحذيره من أشخاص وصفهم بمخربي البلاد، وقال إنهم أشخاص مزدوجو الجنسية لهم صلة بالمال القذر المكتسب عن طريق الغش واستفادوا من إعفاءات جمركية وضريبة، موضحا أن ثراء الغشاشين من المستوردين زاد على حساب الخزينة العمومية والمواطن البسيط، وأن سطوة أصحاب المال الغشاشين "تغولت" بفضل تلك الإعفاءات التي نالها هؤلاء! وقد تكون تصريحات أويحيى تنبيها هاما للحكومة، وفي نفس الوقت، اتهاما ضمنيا لحكومة سلال- في إطار التنافس الحزبي- بعدم التمكن من تحقيق المعادلة الاقتصادية وامتلاك الجرأة السياسية لمواجهة هؤلاء الفاسدين، حيث إن عجز الميزانية ازداد في السنوات الأخيرة، بسبب انخفاض سعر برميل النفط من 130 دولارا إلى مستويات 40 دولارا، وهو ما تسبب في تراجع مداخيل الدولة السنوية من 67 مليار دولار إلى 27 مليارا دولارا. إذن، هذه الوضعية الاقتصادية دفعت بالحكومة إلى البحث بشكل جدي عن إيرادات جديدة من خلال اعتماد ضوابط كفيلة بالتحكم الجيد في المصاريف المتعلقة بميزانية التجهيز وميزانية التسيير، ولعله كان جيب المواطن الطريق السهل والأقرب لتحقيق ذلك، من خلال ما تضمنه قانون المالية لسنة 2017، في وقت ظلت أموال التهرب الضريبي والجمركي والتصريحات الكاذبة التي تفوق 1600 مليار دينار في حوزة قلة قليلة من فئات المجتمع ولم تحصلها الخزينة العمومية، وهي الفئة التي سلط عليها أويحيى سهامه.