آلاف الأشخاص يتجمعون في الحسيمة ويهتفون "دولة فاسدة" و"نظام بوليسي" خرج الآلاف من سكان الحسيمة بمنطقة الريف بشمال المغرب في مظاهرة حاشدة للمطالبة بإطلاق سراح الرجل الذي أرعب القصر الملكي بالمغرب، زعيم الحراك الشعبي ناصر زفزافي. وتجمعت الحشود الغفيرة من المواطنين وسط المدينة هاتفين "كلنا زفزافي" و«عاش الريف ولا عاش من يخونه" ومنددين ب«فساد" الدولة. وأكد مسؤول في وزارة الداخلية خبر توقيف زفزافي، الذي كان ملاحقا من القضاء منذ مساء الجمعة بتهمة تهجمه على إمام مسجد أثناء إلقائه خطبة "هجومية" ضد الاحتجاجات و«مهادنة" للسلطات يوم الجمعة الماضي. وكان زفزافي (39 عاما) وهو عاطل عن العمل، تحول إلى رمز للتحركات الشعبية التي تسمى "الحراك" وتهز منطقة الريف منذ أن قتل في نهاية أكتوبر 2016 بائع سمك سحقا داخل شاحنة نفايات. ولم يكف في رسائله على موقع "الفيسبوك" للتواصل الاجتماعي، عن مهاجمة نظام المخزن مدينا "الديكتاتورية" و«الفساد "و"القمع" و«الدولة الأمنية". وقد عقد عددا من "المؤتمرات الصحافية" المباشرة على وسائل التواصل الاجتماعي وفي شوارع المدينة وحتى في صالة منزل عائلته، وهو يندد بتجاوزات النظام الملكي. وتمكن زفزافي من تعبئة حشود تضم آلاف المتظاهرين. وأظهر تسجيل فيديو على هاتف محمول نشر على "الفايسبوك" زفزافي وهو يهاجم الإمام وينعته بالكاذب يوم الجمعة المنقضي. وهتف زفزافي في التسجيل "هذه المساجد لله أم للمخزن؟ وتابع "الإمام جاء ليغتصب أمهاتنا ونسائنا ومحاصرة شبابنا واعتقالهم باسم الدين، والدين بريء من هذا". وتظاهر أمس آلاف الأشخاص في الحسيمة لليوم الرابع على التوالي وهم يهتفون "دولة فاسدة" و«كرامة" و«كلنا زفزافي". وسار المتظاهرون داخل المدينة قبل أن يتجمعوا مجددا في الساحة الرئيسية، حيث ألقى منظمو الحركة الاحتجاجية كلمة أمام الحشد نددوا من خلالها ب«فساد" الحكومة والسياسيين المحليين وب«المافيات" المحلية و«الروح القمعية" للدولة وأجهزة استخباراتها التي "لا تزال تتحكم بمؤسسات الدولة" وب«الحضور القوي" لكل أطياف الأجهزة الأمنية من درك وشرطة وعسكر. كما نددوا ب«تهميش" المنطقة. وفي هذا الصدد، يرى المحللون أن تصاعد الاحتجاجات واستمرارها في الريف المغربي مرتبط ب«عدم جدية" السلطات المغربية في معالجة الأزمة بل وأكثر من ذلك، حيث عمد مسؤولوها إلى "صب النار على زيت الغليان الاجتماعي" بتصريحات تتجاهل الأزمة وأسبابها وتهين الحراك وتسيء لسكان الريف، فبدلا من أن تقوم الأحزاب المشاركة في الحكومة المنتخبة من قبل الشعب بالتعامل بطريقة إيجابية مع الاحتجاج وتحاول تهدئة الشارع الغاضب، عمدت إلى اتهام الحراك بالعمل وفق أجندات خارجية وبحمل توجهات انفصالية. وحسب المتتبعين لتطورات الوضع العام في المغرب، فإن احتجاجات الحسيمة والريف عموما "تعكس الإشكالات الكبرى التي يعاني منها المغرب"، الذي تشكل "العلاقة الملتبسة" بين المؤسسة الملكية والحكومة إحدى حلقاته. ويشهد إقليم الحسيمة في منطقة الريف مظاهرات منذ وفاة بائع سمك محسن فكري نهاية أكتوبر الماضي سحقا داخل شاحنة لجمع النفايات خلال محاولته الاعتصام بها لمنع السلطات الأمنية حينها من مصادرة أسماكه. وقد اتخذت هذه المظاهرات مع مرور الأشهر طابعا اجتماعيا وسياسيا للمطالبة بالتنمية في هذه المنطقة "المهمشة". وتسعى الحكومة منذ سنوات إلى احتواء الاستياء. وبادرت إلى عدد من الإعلانات المتعلقة بتنمية اقتصاد المنطقة، مرسلة وفودا وزارية في الأشهر الستة الأخيرة، لكنها عجزت عن تهدئة الاحتجاجات. وأحيت في الأسابيع الأخيرة سلسلة من المشاريع التنموية للمنطقة، معتبرة أنها "أولوية إستراتيجية"، وأكدت أنها "تشجع ثقافة الحوار".