≥ أمريكا سبقت الجزائر بأشهر وقالت الحقيقة بخصوص "الحشيش المغربي" يبدوا أن نظام المخزن لم يكن ليفوّت تصريحات وزير الخارجية عبد القادر مساهل التي لا تعدوا أن تكون سوى "تعليقات شخصية" و "دردشة عامة" مع مجموعة من رجال الأعمال ورؤساء المؤسسات ولا ترقى أبدا لموقف رسمي أو خطاب رسمي يمثل الدولة، خصوصا وأن الدبلوماسية الجزائرية معروفة بمبادئها التي تقوم أساسا على العمل بصمت دون ضجيج وبعيدا عن الشتائم و السياسات الهجومية التي تتقنها جيدا وبامتياز الدبلوماسية المغربية، ولعل أن كلمة عمر هلالي، السفير المغربي لدى الأممالمتحدة قبل حوالي أسبوعين و التي هاجم فيها الجزائر بكل الأوصاف "غير اللائقة" و ذكرها في كلمته أكثر من 40 مرة لدليل قاطع على ذلك. وهو "التجريح" الذي تغاضت عنه كليا الجزائر واستمرت دبلوماسيتها في العمل بصمت دون الالتفات إلى الشتائم المغربية، وهكذا عودتنا دائما الدبلوماسية الجزائرية. ومن المتعارف عليه أن العمل الدبلوماسي في كل الدول يعي جيدا الفرق بين المواقف الرسمية والتعليقات الشخصية للمسؤولين و الوزراء، وكلام مساهل خلال مشاركته في فعاليات جامعة منتدى رؤساء المؤسسات يندرج في الإطار الثاني و لا يمكن أبدا أن يصل إلى درجة التصعيد واستدعاء السفراء وإثارة كل هذه العاصفة التي هي في الحقيقة مجرد "عاصفة في فنجان" لأن هدفها واضح جدا وهو تحويل أنظار المغاربة نحو وجهة أخرى، وتعليق شمّاعة الفشل الداخلي، خصوصا ما يحدث على مستوى الريف المغربي، على تصريحات مساهل أو بالأحرى "التعليقات" التي وردت في "الدردشة" التي جمعته برجال الأعمال الجزائريين. والتي جاءت كرد فعل على "إلحاح" رجال الأعمال في أسئلتهم وتدخلاتهم على مقارنة الجزائر بالمغرب بخصوص الاستثمارات التي يقوم بها الأخير على مستوى القارة الإفريقية. وهو ما دفع بالوزير مساهل إلى وضع النقاط على الحروف و الإدلاء بتعليقات بخصوص هذه المقارنة التي تفتقد للموضوعية. وحتى من ناحية ما ذكره وزير الخارجية من وجود عمليات تبييض لأموال الحشيش تقوم بها المغرب من خلال فروع بنوكها المنتشرة عبر دول القارة السمراء، ليس بالسر الذي يكشفه مساهل لأول مرة، بل هو حقيقة وردت في العديد من التقارير الدولية الرسمية، وآخرها تقرير الخارجية الأمريكية الذي قال بصريح العبارة أن "المغرب من أكبر منتجي ومصدري الحشيش في العالم" وهو الأمر الذي يؤكده كذلك تقرير الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات التابعة لمنظمة الأممالمتحدة. وينتج المغرب حسب التقرير الامريكي 700 طن بقيمة تقدر ب23 مليار دولار أي ما يشكل 23 في المئة من الناتج الداخلي الخام للمغرب. وهي كلها تدخل تحت مسمى "أموال الحشيش" التي تكلم عنها وزير الخارجية عبد القادر مساهل. كما أكدت هذه المعطيات أيضا الخبيرة الاقتصادية والاجتماعية، والباحثة في مركز "إميل دوركهايم"، والأستاذة المحاضرة في جامعة "بوردو" كنزة أفساحي في أطروحة أعدتها خصيصا حول الموضوع والتي خلصت فيها إلى أن الحشيش يحتل مكانة هامة في اقتصاد المغرب. ولعل أن التساؤل الذي يفرض نفسه الآن، لماذا لم يحتج المغرب لدى الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد تقريرها الأخير الذي سبق تصريحات أو بالأحرى "تعليقات" مساهل بأشهر .. ؟ ولماذا لم تقم الرباط باستدعاء سفيرها في واشنطن للتشاور؟ ولم تقم أيضا باستدعاء السفير الأمريكي لديها أو القائم بالأعمال للاحتجاج و التنديد؟ ! لعل أن الإجابة عن هذا السؤال يكمن فقط في أنّ المغرب لا يفوت أي فرصة من أجل تعليق كل مشاكله الداخلية على شماعة الجزائر، وتحويل أنظار المواطنين المغاربة نحو "مشاكسات و مشاحنات تافهة" و"عبارات غير لائقة" يوردها عبر بياناته الرسمية، ليحولهم عن المشاكل الحقيقية التي يتخبطون فيها يوميا. كما لا يخفى عن العالم ككل، والجزائريين والمغاربة بشكل خاص، الكميات الهائلة التي تضبطها الجزائر يوميا عبر حدودها من "الزطلة" و"الكيف" والتي تأتي من المغرب. وبات المغرب يُلحق الأذى بالعديد من الدول وعلى رأسها الجزائر، من خلال المخدرات المغربية التي أضحت منتشرة في المنطقة بشكل غير متخيّل. وما يشكله ذلك من تهديدات خطيرة سواء على المستوى الأمني أو الاجتماعي أو الاقتصادي للدول المتضررة.