تتعاقب الأيام على كرة القدم الجزائرية وتتشابه ليس في النتائج وتحسن المستوى والرقي بهاته الرياضة التي تعد المتنفس الوحيد للشباب الجزائري، بل تتشابه في تنامي ظاهرة العنف وتواصله على نطاق واسع كل ما تعلق الأمر بمباراة فيها رهان رياضي كبير وهو الأمر الذي وقف عليه ليس الجزائريين أول أمس في مبارتي شبيبة القبائل ومولودية الجزائر في نصف نهائي كأس الجمهورية ومباراة البطولة بين مولودية وهران وشباب بلوزداد اللتان تخللتهما أحداثا خطيرة جدا، فالمباراة الأولى عرفت انزلاقات خطيرة راحت ضحيتها أرواح بشرية، إصابات بالجملة واعتداءات على الممتلكات العامة والخاصة. كما أن أرضية ميدان الشهيد حملاوي تحولت لميدان لرماية الحجارة والمقذوفات وكل الأشياء التي لا تمت للرياضة بصلة أمام صمت رهيب أولا من الرسميين في اللقاء سواء الحكم أو المحافظ. أما بملعب أحمد زبانة، فلم تختلف المشاهد كثيرا، حيث اجتاحت الجماهير أرضية الميدان مباشرة بعد تسجيل الفريق الضيف للهدف الثاني الذي كان إشارة لاندلاع أعمال عنف بالمدرجات وحتى خارج أسوار الملعب، حيث شهدت ليلة الجمعة شدا وجذبا بين قوات الأمن والأنصار. كما لحقت أضرار كبيرة بالسيارات والمحلات، ناهيك عن عمليات السرقة التي طالت الأشخاص. يحدث هذا في الوقت الذي كان ممكنا على الاتحادية وعلى اللجنة المؤقتة لتسيير الرابطة تفادي هذه الأمور بداية بالإجراءات الردعية في صورة رفض تنقل الأنصار للملاعب أو حتى وضع ترتيبات، خاصة فيما يخص الملاعب والبرمجة التي جاءت في يوم حداد على شهداء الواجب في بوفاريك. ويبقى التساؤل المطروح بقوة متى ستبقى هذه المشاهد لصيقة بكرة القدم الجزائرية في الوقت الذي يبقى فيه المشرفون عليها يتفرجون وكأنهم ينتظرون وقوع أرواح أكثر أو معايشة سيناريو "بور سعيد" المصرية لا قدر الله؟ أليس الوقت المناسب لوقف هذا التعفن وكرة القدم الوطنية التي جرت علينا المآسي والخيبات فنيا وحضاريا وأثرت على سمعة وصورة الجزائر في الخارج؟ ألم يحن الوقت للاتحادية الحالية التي وعدت بعدم تكرار سيناريو سابقيها لتجد نفسها في المطب نفسه، بل أكثر من ذلك، لأن ما حصل في قسنطينة كان مجزرة حقيقية. الفاف برمجت مباراة في يوم حداد! هذا وقد لام الشارع الرياضي الاتحادية ومعها لجنة الكأس على برمجة مقابلة مهمة في نصف نهائي كأس الجمهورية، في يوم حداد وطني على وفاة 257 من خيرة شباب الجزائر في حادثة تحطم طائرة عسكرية يوم الأربعاء في بوفاريك، حيث اكتفت الهيئة بدقيقة صمت رغم هول ما حصل. ويبدو أن الأجواء الصعبة التي كانت مخيمة أثرت بشكل سلبي على الأحداث في ملعب الشهيد حملاوي.