محمد .سلطاني / /فتيحة . ز دعت الدكتورة فتيحة بن عبو، الخبيرة في القانون الدستوري، إلى إعادة الاعتبار لمعاني المسؤولية السياسية في العلاقة التي تحكم السلطات السياسية في الجزائر خلال التعديل الدستوري المرتقب. وقالت ضيفة ''فوروم البلاد'' إن الديمقراطية تفقد أبسط معاني كينونتها إذا لم تقابلها مسؤولية سياسية. كما أن أي تعديل يغيب المسؤولية السياسية سيجعل مفرغ من محتواه وأضافت المتحدثة أن هيمنة السلطة التنفيذية في الجزائر على السلطة التشريعية والقضائية أحدث اختلالا كبيرا في دستور 96 الذي جعل الحل والربط بيد الرئيس في نظام سياسي، فضلت وصفه بن عبو، بالرئاسوي ويوافقها في ذلك الدكتور بوشعير تقول، رغم اختلاف الفقهاء الدستوريين الجزائريين وغيرهم في توصيف النظام السياسي الجزائري بين من يذهب إلى نعت ذات الدستور بشبه الرئاسي وبين ذاهب إلى وصفه بالرئاسي. فيما رجّحت، كما سبقت الإشارة إليه الدكتورة بن عبو، بأنه رئاساوي تأكيدا على الصلاحيات الكبيرة الممنوحة للقاضي الأول في البلاد دون أن يقابل بأدنى مسؤولية سياسية أمام ممثلي الشعب سواء بعد التعديل الأخير وبالأحرى قبله مع منصب رئيس الحكومة فيما يجمع آخرون على أنه خليط مستحدث لم يعرف له مثيل في الفقه الدستوري. وقالت بن عبو إن إعادة الاعتبار لمعاني المسؤولية السياسية كفيل بإقحام الجزائريين في الفعل السياسي ومنح ممثلي الشعب إمكانية المساءلة والمراقبة والانتقاد. وعرجت بن عبو على النظام الرئاسي وعلى نموذجه المدرس في الجامعات ممثلا في النظام الأمريكي، مؤكدة أن الرئيس الأمريكي لا يستطيع أداء مهامه دون توافق مع الكونغرس الأمريكي، فضلا عن الاستقلالية التامة للقضاء في هذا البلد. كما عرجت على النظام شبه الرئاسي في فرنسا، مؤكدة أن هذا النظام هو الآخر فيه من الآليات ما يمكن النواب من أداء دورهم، شأنهم شأن باقي ممثلي السلطات الأخرى سواء التنفيذية أو القضائية دون هيمنة سلطة على أخرى، وعلى هذا المنوال جزمت بن عبو أن الاحتكام للشعب سواء في النظام الرئاسي أو شبه الرئاسي أو حتى البرلماني كما هو الحال في بريطانيا يعتبر الامتحان الأكبر بالنسبة لرؤساء الأحزاب والمترشحين للمناصب العليا في الدول . كما أشارت بن عبو إلى أن الدستور الجزائري بشكله الحالي وبما فيه من اختلال، يجعل من أي ديمقراطي بامتياز في العالم إن انتخب في منصب القاضي الأول في الجزائر يستأثر بالسلطة، الأمر الذي دعاها إلى ضرورة الحديث عن أهمية المراجعة الشاملة للدستور باستهداف الاختلالات الكثيرة، معتبرة أن أي تعديل للدستور إن افتقر لمعاني إعادة الاعتبار للمسؤولية السياسية، فإن الجزائر ستستصحب الحال في فرصة تاريخية للتغيير هي كفيلة بالزج بالجزائر في بوابة المستقبل، تقول الدكتورة. لا نريد دستورا على شاكلة ''مصحف عثمان'' حذرت الدكتورة بن عبو من تكريس منطق فمصحف عثمان'' في التعديل الدستوري المرتقب، وذلك كما حدث مع ميثاق السلم والمصالحة. وقالت بن عبو إن مستوى الجزائريين يؤهلهم لاختيار الدستور الذي سيحكمهم والنظام السياسي الذي يليق بهم. كما فنّدت بن عبو بقوة أكذوبة عدم استعداد الجزائريين لتمثل الديمقراطية والحرية، مؤكدة في ''منتدى البلاد'' أن المجتمع الجزائري ليس أقل شأنا من المجتمعات الأخرى حتى الغربية منها من حيث الكفاءات والقدرات، ودعت في هذا السياق إلى فتح نقاش وطني حول التعديل المرتقب، وأوضحت أن ما صح في التاريخ وفي المجتمعات القديمة عبر الأزمنة التاريخية للانتقال من حكم الفرد إلى بناء الدولة، إلى الديمقراطية يصح حاليا في الجزائر في سنتين أو ثلاث، سواء زاد أو نقص ولكن تستدرك المتحدثة نافية ما يدّعيه بعض الحكام العرب من أن الديمقراطية تتطلب عقودا وعقودا من الزمن من أجل ترسيخها وتكريسها، مؤكدة أن النقاش يعني ببساطة إشراك الجزائريين في تحمل مسؤوليتهم وفي الشعور بانتمائهم الفعلي للوطن انتماء كاملا غير منقوص، وممارسة كاملة للأهلية المواطنية، تقول الدكتورة، التي واصلت مؤكدة أن فرض دستور جديد على الجزائريين دون إشراكهم سيبقي الجزائر تتخبط في مشاكلها. وأعادتنا الدكتورة إلى النقاشات التي عرفها الميثاق الوطني في سبعينيات القرن الماضي، مؤكدة أن الاستئناس بالشكل ممكن وإن كانت تفضل، تقول، إشراك المعنيين من أحزاب سياسية ومن فقهاء قانونيين ومثقفين، ومختلف فعليات المجتمع المدني وغيرهم من أهل الرأي في المجتمع. ورفضت الدكتورة بن عبو الفكرة الداعية إلى مجلس تأسيسي، وهو ما يعني بلغة المفهوم من حديثها رفض منطق نقض الغزل الدستوري بعد الاستقلال والاعتراض على العودة إلى المربع الأول، الذي سيفتح النقاش على مصرعيه في مسائل أضحت من الثوابت التي لا يمكن مراجعتها، وهو ما جاء في المواد الصماء من الدستور، بمعنى استحالة مراجعتها في أي تعديل دستوري أو مراجعة له. وجاء رفض الدكتورة رغم الإلحاح عليها تلميحا إلى خلفيات الداعين إلى ذلك والراغبين حسب بعض القراءات في مراجعة المادة الثانية خاصة والتي تنص على أن الإسلام دين الدولة لاستبدالها بمادة تنص على أن الإسلام دين الشعب، وهو ما يعني مأسسة العلمانية دستوريا في الجزائر. وأشارت الدكتورة إلى أن أي مشروع مجتمع أو نص دستوري يُنكر البعد الحضاري والثقافي والتاريخي الجزائري لن يستقيم. محمد سلطاني المختصة في القانون الدستوري الدكتورة فتيحة بن عبو تعديل الدستور من أجل التعديل لا معنى له قالت المختصة في القانون الدستوري، الدكتورة فتيحة بن عبو، إن تعديل الدستور الجزائري لن يكون مجديا إن لم تكن هناك إصلاحات أخرى، ذات أهمية بالغة في الحياة السياسية في بلادنا. وأضافت الدكتورة بن عبو في منتدى ''البلاد'' أن الإشكال المطروح في الساحة حاليا لا يتمثل في تعديل الدستور فقط، معتبرة أن التعديل إن كان على شكل التعديلات السابقة، سيكون لا معنى له، على حد تعبيرها، موضحة أن الأهم في الإصلاحات، إن حدثت فعلا، هو اتخاذ خطوات من أجل دمقرطة الحياة السياسية وفتح المجال أمام النقاش الواسع تشارك فيه مختلف الأطياف السياسية وممثلي المجتمع المدني. وأكدت المتحدثة أنه سبق وأن أجرى الرئيس بوتفليقة تعديلا محدودا على الدستور في سنة ,2008 واستنادا لما جاء في المادة 77 من الدستور، فإنه باستطاعة الرئيس أن يعين الوزير الأول والوزراء وينهي مهامهم. كما يمكنه أن يفوض جزءا من صلاحياته للوزير الأول لرئاسة اجتماعات الحكومة، مع مراعاة أحكام المادة 87 من الدستور، بالإضافة إلى إمكانية تعيين نائب أو عدة نواب للوزير الأول بغرض مساعدة الوزير الأول في ممارسة وظائفه وإنهاء مهامه أو مهامهم، ومن خلال هذه التعديلات، فإن رئيس الجمهورية أصبح مركز السلطة التنفيذية. وفي سياق ذي صلة، ذكرت المتحدثة أنه من الناحية الدستورية لا يوجد فرق بين منصب رئيس الحكومة ومنصب الوزير الأول، مشيرة إلى أن الوزير الأول في الكثير من الدول هو من يشرف على تسيير السلطة التنفيذية وقد يكون جنبا إلى جنب مع رئيس الجمهورية. وعليه، فإن ما حدث في الجزائر هو تحديد للصلاحيات ومحاولة لإزالة اللبس الذي كان موجودا في الدساتير السابقة. وعن تشريح التعديلات، قالت بن عبو إن رئيس الجمهورية يتمتع بكل الصلاحيات ولديه برنامج قائم، والوزير الأول يقوم بتطبيق هذا البرنامج ولديه مخطط سياسي مطالب أن يعرضه أمام المجلس الشعبي الوطني. وفي الأخير تطرقت ضيفة ''البلاد'' إلى أنه من خلال هذه التعديلات، فإن رئيس الجمهورية يتمتع بسلطة سياسية ولا يتحمل المسؤولية السياسية. بينما نجد أن الوزير الأول ليس له أي سلطة سياسية، لكنه مسؤول أمام المجلس الشعبي الوطني. فتيحة / ز صلاحيات رؤساء الحكومة غامضة عادت الدكتورة بن عبو إلى الصراعات والخلافات التي شهدها الجهاز التنفيذي ممثلا بين رؤساء الجمهورية ورؤساء الحكومة منذ دستور ,89 بداية بالخلاف بين المرحوم قاصدي مرباح ثم حمروش وبعده بن بيتور، مؤكدة أن الخلافات لا تعود فقط لعدم وضوح صلاحيات كل من رأسي الجهاز التنفيذي، بقدر ما تعود إلى هيمنة قبة النظام السياسي، في إشارة إلى الرئيس في الدساتير الجزائرية على باقي المناصب الأخرى بشكل أعطى هذا الأخير صلاحيات واسعة منحته حق التدخل حتى في التشريع، وهو أصلا من صلاحيات البرلمان، وذلك من خلال مواد الدستور. وعلى الرغم من أن بن عبو أكدت أن تباين القراءات كان سببا في الخلافات، إلا أنها كشفت أن حمروش كان ميالا إلى الانتقلال للنظام البرلماني بشكل سلس، غير أن الأحداث، قالت بن عبو، عصفت به. محمد سلطاني السلطة مطالبة بإعادة الثقة بين الحاكم والمحكوم دعت الدكتورة بن عبو السلطة في الجزائر إلى التعامل مع المطالب الشعبية بتريث وحكمة وتعقل، خاصة وأن العديد من الثورات التي قامت في عديد البلدان بدأت بمطالب وتحولت إلى مسرح للحرب والتدخل الأجنبي، تقول ضيفة البلاد، مؤكدة أن عدم احترام الأقليات الموجودة في عدد من البلدان والتي تدفع إلى المطالبة بالحماية من الخارج وهو ما سيصبح في المستقبل مفتاحا للتدخل الخارجي، بحجة حماية الأقليات الموجودة في أي دولة. كما حذرت المتحدثة من حدوث انفجار شعبي تنميه المشاكل التي يعيشها الفرد الجزائري من أجل المطالبة بكرامته، معتبرة أن مطلب الشغل والسكن هو مطلب متعلق بالكرامة. كما أكدت أن ما يطلبه الجزائري دليل على أنه ذكي وأن مطالبه ما هي إلا الشجرة التي تغطي الغابة، لأنه لا حياة دون كرامة، كما قالت.. كما طالبت الدكتورة بن عبو من السلطة أن تشرك المواطنين في حالة ما تم إقرار العديد من الإصلاحات المراد منها دفع عجلة التطور والاستجابة لمطالب الشعب توخيا لإرجاع الثقة بين الحاكم والمحكوم، كما أضافت. فتيحة / ز قياس فتح العهدة الرئاسية في الجزائر مع الدول الغربية مغالطة قالت بن عبو إن فسح المجال أمام ترشح الرئيس لما شاء من العهدات الرئاسية قياسا على ما يحدث في فرنسا أو غيرها من الدول الغربية مغالطة، ذلك أن آليات المسؤولية السياسية في فرنسا مثلا قائمة والعهدة بالنسبة للقاضي الأول في هذه البلدان امتحان لا تظهر نتائجه إلا مع نهاية العهدة، ذلك أن المسؤولية السياسية معتبرة في الفعل السياسي بهذه البلدان من خلال الرقابة الانتخابية والشعوب تمتلك آليات المحاسبة بناء على المسؤولية السياسية. بينما في دول العالم الثالث المتشابهة الدساتير إلى حد المطابقة، تفتقر لآليات ممارسة المسؤولية السياسية وفي بعض الأحيان يكون الرئيس في هذه البلدان غير مسؤول سياسيا كما هو الحال عندنا في الجزائر، سواء قبل تعديل دستور 96 أو بعده، باعتبار أن أقصى ما يمكن أن يحاسب بالفعل هو الوزير الأول، باعتباره كبش فداء معد للتضحية به وعلى هذا الأساس عادت الدكتورة إلى ضرورة تحديد العهدة الرئاسية دون أن تقدم رأيا فيما إذا كانت تحبذ الواحدة القابلة للتجديد أو الواحدة غير القابلة للتجديد. النظام الجزائري ''رئاسوي'' وصفت الدكتورة بن عبو النظام الجزائري الحالي، بالنظام الرئساوي مؤكدة أنها درست هذا النظام وقوانينه وقتا طويلا، ووافقها في اختيار هذا المصطلح وفي هذا الطرح المختص في القانون الدستوري الدكتور السعيد بوشعير، لأنه لا يمكن كخبيرة في القانون الدستوري أن تقول إنه رئاسي أو شبه رئاسي. وقالت ضيفة ''البلاد'' إن السلطة التنفيذية برأس واحد، حيث تمنح المادة 124 من الدستور لرئيس الجمهورية صلاحية التشريع بمراسيم، بمعنى أنه الحاكم الوحيد، مضيفة في هذا السياق أن النظام الرئاسي هو النظام المتوازن بين مختلف السلطات ودون هيمنة سلطة على أخرى. وعللت هذا الوصف بأن النظام الأمريكي نظاما رئاسيا، لأن الرئيس مقيد ومسؤول أمام الكونغرس والمحكمة العليا ولا يمكنه أن يعمل دون أن يوافق على ما تقدمه هاتين السلطتين، مشيرة إلى أن النظام الرئاسي موجود في الولاياتالمتحدةالأمريكية فقط. فتيحة / ز