أضحت أكبر الأحياء الشعبية بباتنة والتجمعات السكانية الجديدة على حواف المدينة، وكذا القرى والمشاتي الفلاحية عبر بلديات الولاية، بؤرا لاحتجاجات المواطنين لم تخمد جذوتها بعد. وبات إغلاق المحاور وقطع الطرق الوطنية والولائية من قبل المحتجين أنسب وسيلة في نظرهم للتعبير عن سخطهم من إهمال الجهات الوصية وأقصر طريق لجعل المسؤولين يهرولون إلى مكان الاحتجاج للاستماع إلى انشغالاتهم. كما أن إغلاق مقرات العديد من البلديات بالولاية واحتجاز الموظفين داخلها أو منعهم من الالتحاق بعملهم يعبر بوضوح عن يأس المواطن من أن تقوم البلدية بحل مشاكله أو النظر فيها بجدية، رغم الوعود الكثيرة التي يقدمها المنتخبون ردا على الشكاوى المطروحة ولا يتحقق منها شيء. وقد اتهم بعض سكان أحياء مدينة باتنة، التي شملتها موجة الاحتجاجات أكثر من غيرها، المسؤولين المحليين بالكيل بمكيالين والمفاضلة بين جهات المدينة في تقسيم مشاريع التهيئة وبعث المرافق والشبكات الحيوية، وعدم انتهاج مبدأ الأولوية في الإصلاحات الحضرية داخل المدينة. فمواطنو حي تامشيط، مثلا، يعانون من الأوحال والأوساخ لعدم تعبيد الشوارع رغم كبر الحي وكثافته السكانية، فيما تستمر معاناة قاطني حي طريق الوزن الثقيل وهو من أكبر التجمعات بالولاية مع انعدام الماء الشروب وغياب التهيئة، حيث تسبب موقع الحي على سفح الجبل في تحويل الشوارع إلى أودية كلما سقطت الأمطار، وتجرف المياه الهابطة من الجبل جذوع الأشجار والأعشاب والأوساخ وقمامة المؤسسات الاستشفائية التي عادة ما ترمى على حواف الجبل دون أن تحرق لتستقر بين أيدي الأطفال بعد أن تجرفها مياه الأمطار إلى الحي مما يعرض صحتهم للخطر. وقد احتج سكان الحي في كثير من المناسبات على عدم الاهتمام بمشاكلهم وهددوا بالخروج إلى الشارع وقطع الطريق الوطني الرابط بين باتنة وخنشلة. أما بحي شيخي الشعبي فلا يزال الوادي الكبير المار وسط مدينة باتنة، من حي كمشيدة غربا إلى بارك آفوراج شرقا، يشكل هاجسا للسكان خصوصا القاطنين على حوافه جراء الروائح الكريهة المنبعثة منه صباح مساء والتي تسببت في متاعب صحية لمرضى الربو والمسنين والأطفال، جعلت الكثير من المواطنين يهجرون مساكنهم في فصل الصيف. كما أن التلوث الذي يسببه الوادي امتد إلى الماء الشروب، وكثيرا ما لاحظ المواطنون تغيّرا في لون أو طعم الماء. ورغم تسجيل مشروع كبير لتغطية الوادي، إلا أن وتيرة الأشغال تسير بخطى السلحفاة، بعد أن اصطدمت بعوائق تقنية.