في سابقة ''شريدة ''صحت مصر المتشردة والمرهونة المآل بين مسخ ''شعبولا'' شعبي ينوي أن يكون ''ريس'' وبين مجلس عسكري يتسوق له ''طهارة'' من على جثة من كان سيده وولي نعمة مشيره طنطاوي، صحت تلك المصر على أن ثورة ميدان التحرير أنتجت في ظرف وجيز عدالة تمتلك سيفا مستقلا (؟؟) ذا سيادة يمكنها أن تصدر أوامر بسجن حتى فخامة الرئيس· وبصرف و''ظرف'' النظر عن أن الأمر الذي أصدره النائب العام المصري بحبس من كان قاضي وجلاد مصر ثلاثين حولا من ''عبادة'' الأمة لرجل ألهته استكانة شعبه، سابقة في القضاء و''الغدر''، إلا ن مهزلة أن يجرجر من رقبته رجل بمرتبة ومكانة وتاريخ مبارك الرئاسي، فيه من الإهانة لمصر العظيمة (؟؟) ما فيه من الإهانة لرئيس نتفق على أنه كان ''خسيسا'' لكنه يبقى أنه كان ''الرئيس'' وكان عزيز القوم الذي يجب أن تحفظ له من كانت ''مصره'' بعضا من كرامة ''الدفن''، فنحر الرجل لا يبرر ترك جثته عرضة لغربان كانت نعم ''الحمام'' ونعم ''الكناري'' المغرد في حديقة من كان مولى و''باشا'' مصر الأول قبل أن تهوي به قاهرته·· المآل الذي رست عليه مزايدة الثورة بالعظيمة (؟؟) مصر حيث الكل بطل والكل شهيد والكل ''فلة، شمعة، منورة''، الأطفال والشباب والشيوخ والجمال والحمير وليلى علوي ويسرا و''السفارة'' في ''عمارة'' المشير ''طنطاوي''، انتهى، أي ذاك المآل، إلى تحالف وضيع بين جميع اللاعقين، على انه وحده حسني مبارك الخائن الذي لن تحفظ له مصر ولا مجلس ''طنطاوي'' كرامة أن يموت في صمت وفي احترام من أم الدنيا، وأم الفن وأم ''ثورّني ورقصني يا جدع''، لكرامة عجوز مثّل ثلاثين عاما من السلطة دور الكومبارس المحترف، وحينما بلغ الثمانين من أرذل العمر وتهاوى به دوره أخرج ''طنطاويون'' سكاكينهم ليذبحوا وينحروا هرمه الثمانين غير مبالين بأن التاريخ لم يسجل يوما بطولة تدعى طعن أو شنق الجثث، فمن مات يسمى مات والسلام· ترى ماذا ستسفيد ''الثورة'' ومجلس طنطاوي وعدالة مصر ''المستغلة'' من سجن حسني مبارك مهما كانت أوزار أعوامه الثلاثين إلا أنه يظل يحمل صفة رئيس الجمهورية الذي لم يفر من مصر حينما غرقت به في تمسك محترم منه بحق أن يكون موته ودفنه مصريا بحتا··بعيدا عن معزوفة ولحن أن العدالة في مصر تحررت من قبضة رنين هاتفني في السحر، فإن قرار سجن عجوز بعمر حسني مبارك لم يوقعه نائب عام حر ولكن ''طنطاوي'' عام، كان قبل شهرين من حادثة سقوط الثور مجرد خادم يأتمر و''يختمر'' بصورة وصوت الزعيم، ليصبح الآن الثائر الأول على فساد وكساد مبارك، في انقلاب غريب طال كرسي الزعيم لكنه لم يطل سياسات الزعيم ومواقفه ومعاهدات تستلزم إعادة صياغتها ومراجعتها وقعها من كان زعيما· فبعيدا عن مسرحية و''مسخرة'' ثروة الريس وأرصدة عيال الريس، فإن مشكلة مصر الأولى لم تكن يوما في مقدار ما نهب من مال عام، وإنما في أين هي مصر؟ فلو قسنا الأمور بمعيار ''الثروة'' والمال فإن خزينة مصر ستظل عقودا من الزمن مدانة لحسني مبارك كون مواقف فخامته من قضايا الأمة العربية بداية من العراق وانتهاء بغزةوالقدس أدرت سمنا وعسلا أمريكيا على خزينة عمومية كان يتهددها الإفلاس لولا صفقات الريس· فالقضية، إذن، ليست في ''الثروة'' ولا في ''بدلة'' وتسريحة الريس وسوزان وعيال الريس، الذين استهلكوا ما جنت مواقف والدهم، ولكن في التلاعب بعقول الشعب سعى ''مماليك'' مصر اليوم لتغطية ما يجب أن يكون بشجرة محاسبة وسجن الرئيس المخلوع، في مفارقة الثورة التي تسائل وتسجن رئيسا بتهمة تسريحة الشعر، فيما تتعامى عن أن ''العمارة'' لاتزال تحت سيطرة ونفوذ وإرادة ''السفارة''··كان يمكن أن نصفق لقرار النائب العام المصري بحبس مبارك ونصفه بالجرأة، لا الجرعة السياسية المخدرة والمشبوهة، لو أن القرار استمد مشروعيته من قضايا أمة مدان لها الرئيس السابق بشنق نفسه في ساحة القدس حتى يكفّر عن خطاياه العظيمة يوم أرسل جنود و''مجندات'' المشير طنطاوي إلى جبهة القتال بالعراق ليضاجعن المارينز قبل أن تطأ أمريكا عنق بغداد، كان يمكن أن نعترف بحق وعدالة الثورة في محاكمة وسجن وإذلال الرئيس الذليل لو أن الباشا توبع بتهمة إبادة أطفال غزة بعدما شارك ''تسيبي ليفني'' وزيرة خارجية إسرائيل في إعلان الحرب على غزة يوم 27 ديسمبر 2008 من منصة القاهرة حيث تزامن قصف غزة بالفسفور مع تناول ليفني كأس شاي بقصر عابدين رفقة الريس المخدوع، كان يمكن أن نزهو ونرقص وأن نحتسب سجن وإذلال وقهر عجوز في الثمانين من عمره في ميزان أن مبارك أغلق معبر رفح ومعابر الحياة في وجه أطفال غزة، لكن ولأن كل ما سبق لم يكن جزءا من حيثيات قرار الحبس ولا من حيثيات قرار الثورة والعدالة ''المستغلة'' التي تم بموجبه بهدلة رئيس أعزل لم يكن يستجدي غير ''دفن'' مكرم بعدما أصر على الموت في مصر ولم يختر فرارا كان تحت يده في جنح ظلام يمكن أن يمنع عنه ''الغوغاء''، فإن ما فعلته مصر برئيس بات في فراشها ثلاثين عاما ليس له علاقة بالعدالة ولا بالقصاص، وإنما بالتعمية وبشجرة مبارك التي يراد عبرها إخفاء غابة أن ''الثورة'' التي لا تحدث تغييرا في موقع ''السفارة في العمارة'' لا يمكن أن تخرج عن إطار ''ماتش'' الكورة العادي الذي ينتصر فيه من يلعب ويسجل أكثر··· نهاية الأمر والمر المصري المروج له في مصر، أن مبارك المتهم بالإضافة إلى الاستغلال غير المشروع للثورة، اتهم بقتل متظاهري ميدان التحرير، ومفارقة ''المفرقعات'' في تهمة القتل تلك، أن النائب العام كان عليه قبل أن يوقع قرار حبس مبارك أن يوقع قرار حبس المشير طنطاوي ومجلس العسكري كونه إذا كان مبارك قد أعطى أوامر ''القتل'' فإن العالم كله تفرج وعلى المباشر كيف كان أفراد القوات المسلحة يدافعون ببسالة عن متحف ميدان التحرير فيما وقفوا متفرجين في حادثة ''الجمل''، وهو ما يعني في عرف القانون أن جيش المشير طنطاوي لم ينقذ مواطنين كانوا في حالة خطر· فرغم تواجد القوات المسلحة بالميدان، إلا أن دورها لم يخرج عن دور حماية المتاحف، ليتطور الأمر بعد نجاح الثورة وسقوط مبارك وتظهر فاعلية القوات المصرية المسلحة في الدفاع عن السفارتين الإسرئيلية والأمريكية اللتين كانتا في حالة خطر··· والسؤال الأخير: ترى متى تنتهي مسرحية مصر الطويلة، فقد أضحى المشهد بصيغته الحالية ''بايخ أوي'' وخاصة بعدما اتضح للعيان وللعميان أن الثورة والعدالة اللتين تستثنيان من محاكمتهما الشعبية لغم ''السفارة في العمارة''، مجرد ''ثورة'' في فنجان يسمى مرحلة مبارك، ثم مرحلة ما بعد مبارك، ثم مرحلة حبس مبارك فمرحلة ما بعد سجن مبارك· وفي انتظار مرحلة موت مبارك، وبعدها مرحلة ما بعد موت مبارك، فإن مصر العظيمة لم يعد لها من محور دوران إلا طاحونة هواء تدعى ''مبارك'' تحول إلى جثة لكن ضرورات الثورة تفرض أن يبقى حيا لغاية في نفس مجلس عسكري حاكم عاش من ظهر مبارك يوم كان حيا وهو يعيش من على ظهره وهو ميت، فبالله عليكم أخبرونا ماذا فعلتم في موضوع السفارة، فإن السجين منذ زمن لم يكن إلا ''مصر'' أما مبارك فإنه مجرد هالك