البلاد - بهاء الدين.م - فتحت الرباط صفحة جديدة من الهجوم والتصعيد مع الجزائر، بعد مرور نحو شهرين عن إطلاقها مبادرة قالت إنها "لتجاوز الخلافات وتلطيف الأجواء مع الجارة الشرقية"، في ضوء التطورات المتسارعة للقضية الصحراوية. واتهم رئيس الحكومة المغربي، سعد الدين العثماني،أمس الأول، الجزائر باستمرارها "في نهج المؤامرات التي تحاك ضد المملكة المغربية"، على حد تعبيره. وقال العثماني، خلال اجتماع مجلس الحكومة بالرباط، في تعليقه على تصويت البرلمان الأوروبي على الاتفاق الفلاحي مع المغرب، أن "الجهات التي تقوم بمناورات ومؤامرات ضد المغرب، سيتم مواجهتها بالطرق القانونية والسياسية المناسبة التي تحافظ على حقوقه وعلى سيادته، التي لا يقبل فيها أي تساهل أو مساومة"، في إشارة واضحة إلى الموقف الجزائري المتضامن مع الصحراويين في هذا الملف. ومن جهة أخرى، صعدت وزارة الخارجية المغربية من لهجتها تجاه الجزائر، عبر بيان نشره الموقع الالكتروني "كل شيئ عن الجزائر"، جاء فيه أن "الرباط يقدر العمل الذي قامت به كل المؤسسات الأوروبية والدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، والتزامها المتواصل في إطار روح المسؤولية، بهدف التصدي للمناورات والهجمات التي تشنها الجزائر والبوليساريو بهدف تقويض هذه الشراكة العريقة". وتخندق الإعلام المغربي في "تحامل" سلطات بلاده على الجزائر، منها الصحيفة الإلكترونية " le 360" التي تحاملت على السفير الجزائري ببروكسل، والمتحدث السابق باسم وزارة الخارجية الجزائرية، عمار بلاني، بادعائها أنه "حريص على خدمة مصالح الشعب الصحراوي، بدلًا من الشعب الجزائري". ويُصر المغرب على إقحام الجزائر في النزاع الدائر بينه وبين جبهة البوليساريو، بالرغم من تأكيداتها على أن دعمها لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره لا يعني أنها طرف فيه. وفتح الهجوم المتجدد على الجزائر من قبل المملكة المغربية، الباب أمام كثير من التكهنات حول مصير الدعوة التي وجهها محمد السادس شهر نوفمبر الماضي، لتشكيل لجنة عليا مشتركة للنظر في القضايا الخلافية بين البلدين، ودعا إلى وضع حد للتفرقة والشقاق مع الجزائر، وأعلن أن المغرب مستعد للحوار المباشر والصريح مع الجزائر الشقيقة، وقتها استعمل ملك المغرب لغة عاطفية ليوجه كلامه إلى القيادة الجزائرية، قائلا: "يشهد الله أنني طالبت، منذ توليت العرش، بصدق وحسن نية، بفتح الحدود بين البلدين، وبتطبيع العلاقات المغربية الجزائرية"، لكن السلطات الجزائرية تجاهلت مبادرة محمد السادس للحوار المباشر والصريح، ووصفها مصدر دبلوماسي بأنها "لا حدث" بالنظر إلى أن عودة العلاقات إلى مجاريها يتطلب "احترامُا متبادلًا"، ما يعني أن الجزائر تشكك في "نوايا" الرباط لطي صفحة الخلافات بين الجارين. وبعد أسبوعين على دعوة العاهل المغربي، طرحت الجزائر مبادرة عقد قمّة مغاربية تجمع وزراء خارجية اتحاد المغرب العربي في أقرب وقت ممكن، من أجل بحث إعادة إحياء هذا التكتل الإقليمي. وأكد بيان لوزارة الشؤون الخارجية، أن "الجزائر راسلت رسميًا الأمين العام لاتحاد المغرب العربي، لدعوته إلى تنظيم اجتماع لمجلس وزراء الشؤون الخارجية لاتحاد المغرب العربي في أقرب الآجال". وأوضح البيان أن هذه المبادرة "تنمّ مباشرة عن قناعة الجزائر الراسخة، التي عبرت عنها في العديد من المناسبات، بضرورة إعادة بعث بناء الصرح المغاربي وإعادة تنشيط هياكله". وتضع الجزائر شروطها لتطبيع علاقاتها مع المغرب، بما في ذلك إعادة فتح الحدود البرية المغلقة منذ قرابة ربع قرن، لكن الرباط ترفض لحدّ الساعة التجاوب معها.