البلاد - بهاء الدين.م - سلّم مجلس المحاسبة "تقارير سوداء" حول تسيير الحكومة للمال العام خلال العشر سنوات الأخيرة إلى الجهات القضائية وفقا لما أفادت به مصادر متطابقة. وتكشف التقارير المفصلة التي جاءت بطلب من النيابة العامة حسب نفس المصادر ضياع مئات المليارات من الدولارات من مستحقات الدولة لدى رجال أعمال وتجار في شكل تهرب ضريبي، فضلا عن تجاوزات بالجملة في إنفاق الميزانية ووجود تقصير فادح في أداء العديد من الوزارات. ولم تستبعد المصادر الشروع قريبا في استدعاء رؤساء حكومات ووزراء سابقين لتحديد مسؤولياتهم حول تلك التجاوزات. وقدّم مجلس المحاسبة كل التقارير الخاصة بتسيير القطاعات الوزارية خلال الفترة الماضية إلى العدالة بعد أن حرك مجلس المحاسبة ملفات فساد ثقيلة أدت إلى تبديد الملايير من المال العام على مستوى هذه الوزارات. وستباشر المحاكم المختصة تحقيقاتها حول ما توصل إليه مجلس المحاسبة من معطيات تضمنتها التقارير الصادرة عنه والتي كشفت عن فضائح مالية ثقيلة وقعت خلال ال10 سنوات الماضية. وتناولت التقارير أيضا سلسلة من الخروقات الخاصة بصرف الميزانيات الضخمة في عدة وزارات ضمن خانة المشاريع الاستعجالية زيادة على سوء التسيير والمتابعة في ملف الجباية. ورفعت التقارير الستار عن الكثير من النقاط السوداء والثغرات المالية التي لم يجد المجلس لها أثرا على أرض الواقع خاصة في ميزانية التجهيز الخاصة بالوزارات، حيث لم يستبعد المجلس تضخيم الفواتير والتوجه نحوالنفقات الثانوية من أجل إكمال الميزانيات قبل نهاية السنة. ولم تتوقف الخروقات والتعدي على القانون عند هذا الحد حسب المؤسسة المالية المكلفة وفق الدستور بالرقابة على أموال الدولة والجماعات الإقليمية والمرافق العمومية، حيث حملت التقارير تفاصيل أخرى مفادها عدم تسديد المؤسسات الاقتصادية لما يزيد عن 300 مليار دولار من القروض الاقتصادية، حيث لم يتعد حجم التعويض 1.4 بالمائة. تقصير الحكومة في جمع الأموال المستحقة لم يشمل الضرائب فقط حسب مجلس المحاسبة الذي لفت في تقاريره إلى انخفاض التحصيل الجمركي بحدود 10 بالمائة قبل سنتين على سبيل المثال، بعدما تراجعت من 404 مليارات دينار (4 مليارات دولار) إلى 369 مليار دينار (3.3 مليارات دولار). وكانت الضبطية القضائية قد فتحت تحقيقا على مستوى وزارة التضامن متعلق بالفساد وسوء التسيير، يشتبه في كون الوزيرين السابقين جمال ولد عباس وسعيد بركات متورطين فيها، حيث يجري حاليا تفعيل إجراءات رفع الحصانة عنهما بمجلس الأمة ليتسنى متابعتهم قضائيا. 1000 عملية رقابية إلى ذلك أكد رئيس مجلس المحاسبة عبد القادر بن معروف، أنه من حق مجلس المحاسبة مُساءلة كل شخص استعمل المال العام. وكشف بن معروف، عن تحويل 10 تقارير خلال سنة 2018، خاصة بالوقائع ذات الطابع الجزائي على العدالة. وأشار إلى أنّ المجلس يقوم بنحو ألف عملية رقابة لكل مؤسسة كل عام على أساس الوثائق الثبوتية. وحسب بن معروف، يسجل كل سنة عدد من المحاسبين المدانين للخزينة العامة، كما يحصي كل سنة حوالي ملايين الدنانير التي يتم استرجاعها وهذا النوع من الرقابة هو رقابة محاسبية ولا يعني أن العدالة ستأخذ مجراها في قضايا أخرى. وكانت الجزائر قد تحركت مؤخرا لتوجيه طلب لعدة دول بخصوص تجميد 162 حسابا جاريا وحسابات إدخار مملوكة لشخصيات سياسية سامية ورجال أعمال جزائريين قاموا بتحويل مبالغ فلكية باليورووالدولار الأمريكي، بشكل غير قانوني عبر عملية تضخيم الفواتير. وحسب مصادر عليمة فإنه من بين هذه الشخصيات يوجد وزراء سابقون ونواب وأعضاء في مجلس الأمة ومدراء عامين ورؤساء مدراء عامين لمؤسسات ومجمعات كبيرة ومتعاملين اقتصاديين، في قطاعات مثل صناعة النسيج والأدوية والصناعات الغذائية والأجهزة المنزلية والبناء والأشغال العمومية ووكلاء وأحاب مصانع تركيب سيارات. وتفيد المصادر بأن هذه الحسابات تم ملؤها بمبالغ ضخمة تم تحويلها بين عامي 2009 و2019 في إطار عمليات استيراد تجهيزات ومستلزمات التجميع ومنتجات نهائية ونصف مصنعة ومواد أخرى، كلها تمت بفواتير مضخمة بفضل تواطؤ الشبكات المصرفية الوطنية والدولية. هذه الأموال، التي تم تبييضها في العقارات والسيارات الفاخرة، ودفع دروس لأبنائهم والرحلات، كما تم إيداعها في شبكات دولية مختصة في تبييض الأموال، قد تم تحويلها بانتهاك فاضح للقوانين والنصوص المعمول بها والمتعلقة بتحويل رؤوس المال والعملات الأجنبية. من بين المؤسسات المالية التي شملها هذا الطلب، توجد بنوك إسبانية وسويسرية وفرنسية وكورية وبريطانية وعربية وإفريقية. وتكشف المصادر أن هذه رؤوس الأموال المهربة، تنبهت لها العديد من الهيئات العمومية والخاصة ذات السمعة الدولية وبنوك. وفي الموضوع نفسه، كشفت المصادر أن عمل المحققين المتخصصين جار على قدم وساق لفحص كل الملفات، وقد تشمل طلبات التجميد حسابات أخرى في المستقبل القريب على أساس المعطيات التي سوف يجمعونها خلال التحقيقات.