ساعات فقط تفصل المجتمع الدولي على مؤتمر برلين الذي يُعول عليه كثيرا لحل الأزمة الليبية، التي تتجه نحو المزيد من التعقيد، والتي باتت قاب قوسين من التدخل العسكري الأجنبي وما يحمله من مخاطر للبلد وكل دور الجوار، وعلى رأسها الجزائروتونس. وتشارك الجزائر في المؤتمر إلى جانب كل من الولاياتالمتحدة الأميركية وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين وألمانيا، وتركيا وإيطاليا ومصر والإمارات والكونغو، كما يحضر المؤتمر المرتقب، فايز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، واللواء المتقاعد خليفة حفتر، في وقت أثار عدم استدعاء تونس الكثير من الجدل. وسترافع الجزائر إلى المرافعة عن مقاربتها في حل الأزمة الليبية عن طريق ركيزتين أساسيتين تتمثل الأولى في رفض التدخل الأجنبي، وحشد جهود المشاركين لإجهاض أي محاولة لذلك، في وقت تتمثل الركيزة الثانية في إعادة طرفي النزاع إلى طاولة الحوار وفق الشرعية الدولية بما يضمن حلولا سلمية وسلسة لهذه الأزمة. وكشف بيان لرئاسة الجمهورية عقب محادثات أجراها الرئيس عبد المجيد تبون مع رئيس مجلس الوزراء الإيطالي، جوسيبي كونتي، عن مقاربة الجزائر لحل الأزمة والمتمثلة في "تكثيف الجهود ومضاعفة التنسيق والتشاور من أجل تثبيت وقف إطلاق النار الساري المفعول لتيسير سبل استئناف الحوار بين الأطراف المتنازعة وإعادة بعث مسار السلام الذي ترعاه منظمة الأممالمتحدة، حفاظا على وحدة ليبيا أرضا وشعبا وحماية لسيادتها بعيدا عن التدخلات العسكرية الأجنبية"، و "عدم جدوى الحلول العسكرية مهما طالت الأزمة". وتتجاوز الرؤية المتبناة من قبل الجزائر، بخصوص الصراع في ليبيا، العامل الجغرافي بحكم أن البلدين يتقاسمان شريطا حدوديا يمتد على طول 982 كيلومتر، لتشمل عقيدة ثابتة لديها ترسم سياستها الخارجية وترتكز أساسا على احترام سيادة الدول والنأي عن التدخل في شؤونها الداخلية مع تغليب الحلول السلمية والخيارات الدبلوماسية. وستجدد الجزائر أمام المشاركين في مؤتمر برلين دعوتها للدفع بالأمور في ليبيا نحو الانفراج بدل جعلها فضاء لتصفية الحسابات وتحقيق المصالح الضيقة لبعض الأطراف. وفي هذا المنحى، كثفت الجزائر في الآونة الأخيرة جهودها لإطفاء فتيل الحرب وحقن الدماء الليبية من خلال مساعيها الحثيثة لجمع الأطراف المتناحرة على طاولة الحوار والمصالحة، وهو النهج الذي أكد عليه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون من خلال تصريحاته بأن الجزائر هي أكثر المعنيين باستقرار ليبيا، وبالتالي فإنها ستبذل المزيد من الجهود من أجل الحفاظ على وحدتها الشعبية والترابية. كما نبه الرئيس تبون إلى أن الجزائر يجب أن تكون شريكا في أي مسار لحل الأزمة وأنها لن تقبل أن يتم إبعادها عن أي حل في ليبيا، ليتقرر في هذا الصدد، وخلال اجتماع للمجلس الأعلى للأمن، إعادة تفعيل وتنشيط دور الجزائر على الصعيد الدولي، خاصة فيما يتعلق بالأزمة الليبية والوضع في مالي. وقد شهدت الجزائر مؤخرا إنزالا دبلوماسيا لأطراف ذات صلة مباشرة بالصراع الدائر في ليبيا، حيث توالت زيارات مسؤولين رفيعي المستوى، كان أولهم رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج والوفد المرافق له ثم وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو ورئيس الدبلوماسية الإيطالية لويجي دي مايو بالإضافة إلى وزير الخارجية المصري سامح شكري ورئيس مجلس الوزراء الإيطالي جيوسيبي كونتي. كما حل بالجزائر أيضا وفد ممثل للمشير خليفة حفتر في زيارة اندرجت في سياق جهود الجزائر الرامية الى تقريب وجهات النظر بين كافة المكونات ومختلف الأطراف الليبية من أجل العودة إلى مسار الحوار الشامل.