البلاد - بهاء الدين.م - دخلت العلاقات الجزائرية الفرنسية، خلال الأيام الأخيرة، حلقة جديدة من التوتر، ميزها استدعاء الجزائر لسفيرها في باريس، للتشاور احتجاجا على "حملات عدائية ممنهجة" تقودها دوائر فرنسا. ومن أبرز تجليات هذه الأزمة الدبلوماسية، برمجة ملف الذاكرة في اجتماع مجلس الوزراء اليوم، وكذا نزول وزير الخارجية، صبري بوقادوم، وكاتب الدولة المكلف بالجالية الوطنية والكفاءات بالخارج، رشيد بلادهان، غدا إلى البرلمان لمناقشة "قضايا راهنة" حسب بيان للمجلس الشعبي الوطني. وفي مؤشر آخر يدلل على المطبات التي تمر بها العلاقات الثنائية بين البلدين، أقدمت وكالة الأنباء الجزائرية على بث برقيات وسلسلة حوارات مع مؤرخين حول جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر. وأفاد أمس، بيان لرئاسة الجمهورية، أن "رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، يترأس اليوم، اجتماعا لمجلس الوزراء بتقنية التواصل المرئي عن بعد". وأشار البيان إلى "أن جدول الأعمال يتضمن دراسة عدد من العروض الوزارية ذات العلاقة بالذاكرة الوطنية، ومخطط إعادة بعث الصناعة الوطنية، وترقية الاستثمارات الفلاحية في الجنوب، ورقمنة الإدارة، وتطوّر الوضعية الصحية الوطنية من زاويتي مواجهة تفشي جائحة كورونا والصناعة الصيدلانية، إلى جانب آفاق الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب والنظام البيئي للمؤسسات الناشئة". وبرمجة ملف الذاكرة في هذا الظرف يحمل رمزية كبيرة للرد على "حملات الإساءة التي تتعرض لها الجزائر شعبا ومؤسسات" من طرف دوائر فرنسية حاقدة. وأكدت وزارة الشؤون الخارجية، أن "هذا التحامل وهذه العدائية تكشف عن النية المبيتة والمستدامة لبعض الأوساط التي لا يروق لها أن تسود السكينة العلاقات بين الجزائروفرنسا بعد ثمانية وخمسين (58) سنة من الاستقلال في كنف الاحترام المتبادل وتوازن المصالح التي لا يمكن أن تكون بأي حال من الأحوال موضوعا لأي تنازلات أو ابتزاز من أي طبيعة كان". وأضاف البيان "لهذه الأسباب، قررت الجزائر استدعاء، دون أجل، سفيرها في باريس للتشاور". وما أقدمت عليه الخارجية الجزائرية يعد الثاني من نوعه في ظرف أقل من شهرين، ففي بداية شهر أفريل المنصرم، استدعت الخارجية السفير الفرنسي بالجزائر، كسافيي دريانكور، لتبلغه احتجاج الجزائر الرسمي على حوار بثته قناة "فرانس 24"، التابعة للخارجية الفرنسية، يسيء لمؤسسات الدولة الجزائرية، ممثلة في رئاسة الجمهورية ومؤسسة الجيش، عند استضافتها لأحد الباحثين المزعومين، المعروفين بحقدهم على الجزائر منذ سنوات، المعروف باسم فرانسيس غياس، وهو ما بدا وكأن الأمر كان مخططا له بإحكام من قبل هذه القناة التي تتلقى التوجيهات من "الخارجية الفرنسية". وإلى جانب ملف الذاكرة الذي سيناقشه مجلس الوزراء، أعلن المجلس الشعبي الوطني عن اجتماع برلماني مهم غدا الاثنين، بحضور وزير الخارجية، صبري بوقادوم، وكاتب الدولة المكلف بالجالية الوطنية والكفاءات بالخارج، رشيد بلادهان. وجاء في بيان للغرفة التشريعية السفلى على صفحتها الرسمية بشبكة "فيسبوك"، أنّ لجنة الشؤون الخارجية والتعاون والجالية للمجلس الشعبي الوطني، برئاسة عبد القادر عبد اللاوي، رئيس اللجنة، ستعتقد الاثنين المقبل (10.00 سا) جلسة عمل مع كل من بوقادوم وبلادهان ل«مناقشة قضايا راهنة". ويأتي الاجتماع المرتقب، أياما قليلة بعد الحملة التضليلية الكاذبة التي باشرتها فرنسا وبثّ قنواتها لبرامج تتهجم من خلالها على الشعب الجزائري ومؤسساته، بما في ذلك الجيش الوطني الشعبي، ما دفع وزارة الشؤون الخارجية لاستدعاء صالح لبديوي سفير الجزائر لدى فرنسا. خلّفت الوثائقيات حول الحراك الشعبي، والتي بثتها بعض القنوات الفرنسية العمومية، ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء، موجة واسعة من الاستنكار والاستهجان من طرف الجزائريين على شبكات التواصل الاجتماعي، وحتى من طرف المختصين في مجال الإعلام، الذين اعتبروا أن هذه الحملة بمثابة الجبل الذي تمخض فولد فأرا. ولم تشفع الحملة الدعائية الإعلامية، التي تواصلت طوال أسبوعين، حسب المتتبعين، لتجنيد المشاهدين وشحْذ اهتمامهم لتحقيق الهدف المرسوم مُسبقاً، رغم الدعاية الواسعة عبر مختلف وسائل الإعلام مسموعة ومرئية ومكتوبة، بما في ذلك شبكات التواصل، فانقلب السحر على الساحر سُخْرية وازدراء وتهكما، وسقط مخطط الانحراف الإعلامي على رؤوس أصحابه.