يجد المتجول في أزقة السوق الشعبي لمدينة البليدة المعروف بالسويقة كل ما لذ وطاب مما تشتهيه الأنفس من خضروات وفواكه ولحوم بيضاء وحمراء وأسماك، وهو ما جعله يستقطب أعدادا هائلة من المواطنين تأتي إليه كل يوم من شتى مناطق الولاية ومن الولايات المجاورة أيضا للتسوق· وتضم هذه السويقة المئات من المحلات التجارية وعددا كبيرا من الباعة المتجولين موزعين على شوارع ضيقة مخصصة للراجلين فقط· ورغم ذلك، فإن المرء يجد صعوبة في السير على أقدامه من كثرة الازدحام خصوصا خلال أيام رمضان· وتتميز السويقة بطعم خاص حتى أن المرء الذي يقصدها لأول مرة يغادرها ناويا العودة إليها من جديد· فهي لا تخلو من الصياح والصخب ومختلف العبارات التي يصيح بها الباعة من أجل استمالة المتسوقين· فهذا يعلو صوته ”باطل يا مواطن” وذاك يبرح ”سلعة اليوم ماشي كل يوم” وذلك ”····” وهو ما ينمي قابلية الشراء للمستمع حتى ولو لم يكن بحاجة ماسة إلى تلك السلعة· وما يحفز المواطنيين للتسوق من هذا المكان باستمرار هو توفر مختلف أنواع الخضر والفواكه الطازجة التي يجنيها سكان الأرياف من حقولهم ليعرضوها للبيع في نفس اليوم يانعة وبأسعار تنافسية لتلك السلع المحمولة من أسواق الجملة· وما من شيء يخطر ببال كل متسوق إلا ويجده في السويقة حتى لوازم الأكل من توابل وأعشاب نادرة التي يقطفها رجال ونساء على حد سواء من أعالي جبال الشريعة ويحملونها داخل قفف لتباع في إحدى زوايا السوق· يجدر الذكر أن سويقة البليدة قديمة لها أصالة تعود إلى التواجد العثماني· وحافظت المحلات التجارية التي بداخلها على طابعها المميز وكان عددا منها يحسب ملك حبوس يعمل لفائدة جامع ابن سعدون المتواجد بوسطها·