عبرت العديد من الأوساط الأمنية والسياسية والإعلامية عن تخوفاتها من توسع انتشار الإرهاب في الدول المغاربية بعد الفوضى الأمنية التي عاشتها وتعيشها ليبيا، وتخوف هؤلاء من أن تتحول الجارة الشرقية للجزائر وتونس إلى مرتع للجماعات الإرهابية التي يجد عناصرها بيئة مناسبة لهم في ظل حالة الغموض الأمني والسياسي التي بات يعيشها هذا البلد بعد سقوط نظام معمر القذافي الذي حكم البلاد على مدار 42 سنة كاملة· وكان المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، مارك تونر، قد قال إن الولاياتالمتحدة أثارت مع الثوار الليبيين مخاوف حول أنباء عن حصول تنظيم القاعدة في شرق ليبيا على أسلحة متطورة، جاء ذلك بعدما كشفت الجزائر أن ”تنظيم القاعدة يستغل الصراع في ليبيا للحصول على أسلحة منها صواريخ أرض جو وتهريبها إلى معقله في شمال مالي”، وعبرت عن قلقها من كونها تملك بالفعل دلائل على أن القاعدة تستغل الصراع في ليبيا كي تحصل على أسلحة وتهربها إلى منطقة الساحل· وتحدث مصادر إعلامية، نقلا عن مصادر أمنية، ”عن مغادرة قافلة من ثماني شاحنات صغيرة من طراز طويوطا شرق ليبيا وعبرت الحدود إلى تشاد ثم إلى النيجر ومن ثم إلى شمال مالي حيث سلمت خلال الأيام القليلة الماضية شحنة من السلاح”· وأضافت أن السلاح يتضمن قاذفات صاروخية مضادة للدبابات من طراز ”آر بي جي”7 الروسية الصنع ورشاشات آلية ثقيلة وبنادق كلاشينكوف ومتفجرات وذخائر· وأشارت المصادر إلى أنه كانت لديه معلومات بأن جناح تنظيم القاعدة في شمال أفريقيا المعروف باسم تنظيم ”القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” حصل من ليبيا على صواريخ ”ستريلا” الروسية الصنع وهي صواريخ تحمل على الكتف ومضادة للطائرات وتعرف في دوائر حلف شمال الأطلسي باسم ”سام .”7 هذه المخاوف عبر عنها أيضا قائد كبير في حلف شمال الأطلسي عندما أقر بوجود عناصر من ”القاعدة” بين الثوار الذين نجحوا في حسم معركة العاصمة طرابلس واعتقال عدد من أفراد عائلة القذافي ومحاصرة هذا الأخيرة أمام أسوار باب العزيزية، خصوصا وأن عددا كبيرا من هؤلاء لا ينكرون أنهم أسسوا معسكراً خاصاً للتدريب في أفغانستان قبل أن يعبروا إلى العراق ومنه الى الشرق الليبي· وتقول صحيفة ”لوفيغارو” الفرنسية، نقلاً عن مايك شيرر المسؤول السابق في ال ”سي آي أيه” المسؤول السابق عن مطاردة بن لادن· ”علينا أن نكون يقظين جداً حين يجري الحديث عن تسليح متمردي ليبيا، والأمريكيون لا يجهلون أن الليبيين الذين ينتمون إلى القاعدة كانوا من بين أكثر من أرسلوا ”الجهاديين” إلى العراق· ففي العام 2007 وضعت القوات الأمريكية يدها في مدينة سنجار على 700 وثيقة تكشف بلدان الإرهابيين ودوافعهم ومسار تسللهم الى العراق، وأن ما تضمنته تلك الوثائق لا يمكن إلا أن يثير القلق· وتمضي الصحيفة قائلة إن تصاعد دور الليبيين في نشاط القاعدة يعود إلى أن زعيم القاعدة المقتول أسامة بن لادن أولى منذ العام 2007 اهتماما خاصا ب”الجماعة الليبية المقاتلة” التابعة للقاعدة· كما تبرز بقوة مخاوف من هيمنة القادة والزعماء الميدانيين للمقاتلين الثوار على الوضع العام في ليبيا، خصوصا في ظل غياب وجود مؤسسات دولة قوية يمكنها إعادة ترتيب الوضع خلال المرحلة الموالية لسقوط نظام الطاغية، لاسيما أن المجلس الانتقالي الحالي الذي يقود ليبيا بعد رحيل القذافي لا يحظى بنفوذ وسلطة قوية على المقاتلين في الميدان· ولعل الجميع هنا يذكر نفي رئيس المجلس مصطفى عبد الجليل علمه بقضية استدعاء قائد أركان جيش الثوار عبد الفتاح يونس للتحقيق معه مما أدى إلى اغتياله في النهاية، وهو مؤشر واضح على عدم قدرة هذا المجلس على فرض رؤيته في المرحلة المقبلة· كل هذه المعطيات تثير هواجس جدية لدى البعض من تزايد نفوذ أولئك القادة الميدانيين بالشكل الذي قد يعيد معه تكرار سيناريو الصومال، حين تشكل أمراء حرب يسيطرون على تفاصيل الحياة السياسية والأمنية في البلاد بعد ثورتهم على التواجد الأمريكي في بلادهم·