الصحفيون وهم أصحاب السلطة الرابعة (والأربعين) في هذه البلاد سيكونون ممتنين لسيدي السعيد زعيم بقايا العمال إن نجح في سحب مشروع رفع أجور القطاع العمومي على الخواص خاصة أنه يعد بنقل الشيات ”باطل” أي بالمجان من وضع الذي كان يشرى فيه (بضم الياء) بوصل بنزين على حد رأي وزيرنا الأول والأخير أحمد أويحيى إلى وضع العيش شبه الكريم ترقية أجور القطاع العمومي لا يطرح مشكلة باعتراف الجميع تقريبا لأنها تغرف من الخزينة العمومية مباشرة أو تستخلص من أموال الإشهار خاصة مع وجود جرائد عمومية (يجزم البعض بأنها ماتت ودفنت) تحصل على 17 صفحة من الإشهار يوميا، لا يقل ثمن الصفحة عن 30 مليون سنتيم! وهو أمر غير متاح بالنسبة للجرائد الخاصة مع وجود 80 عنوانا متشابها لو تم عجنها في عنوان واحد لكان بالإمكان تقديم جريدة محترمة أكبر من وزن ”الأهرام” أيام زمان وليس أيام مبارك! ولهذا وجب النظر في المسألة بعيون أخرى قد لا يراها سيدي السعيد، فالحكومة مثلا قررت في آخر إجراء ثوري لها أن تنوب عن المنكوبين في إحدى الولايات التي أهلكها الفيضان فتكفلت بالكراء على حسابها الخاص كما تكري للنواب والقضاة (الزوالين)! وهي أيضا من قررت أن تدفع في إطار تشجيع سوق الشغل لأرباب العمل عن كل رأس يوظفونه مليون و 200 ألف على أن يتكفلوا بالباقي، وإن كان أمرا مشكوكا فيه لأن هؤلاء لن يدفعوا لأنفسهم بالباقي لأنهم قدموا مزية في البطالين! ومادام أن الدولة ”الهايلة” مررت كامل رسائلها المباشرة والمشفرة الداعية إلى التخويف من الإسلاميين وفق عقلية أمنية قائمة على الطرح الاستئصالي لحل الأزمة بكل ما تركه من كوارث وجراح عبر عدد محدود من جرائدها تقدم نفسها حاليا نجمة في الديمقراطية، فإن هذه الدولة نفسها مطالبة أخلاقيا بأن تقوم بتعويض كل من التحق بالقطاع الخاص من الصحفيين، على طريقة ما تطلبه من المستعمر الفرنسي وبنفس الإجراء الذي سيشمل أرباب العمل المدعمين! وهو الدعم المستحق الوحيد الذي يكفل بتحقيق التعادل ما بين القطاعين، ولا يعتبر مزية منها، وهذه مهمة سيدي السعيد الذي سيدافع عن الصحفيين ”الرفود” لإقناع الحكومة بعدالة قضية ”بون ديسونس”!