أعطى التقرير العربي الأول للتنمية الثقافية الصادر عن مؤسسة الفكر العربي، أرقاما مخيفة عن واقع الثقافة في الجزائر خصوصا ما تعلق بحركة النشر والسينما، في حين سجل أن المسرح الجزائري عرف بعض الانتعاش مقارنة بالسنوات السابقة. يسلط التقرير الذي أشرف على إعداده نخبة من الأساتذة والباحثين من بينهم الجزائري محمد فاضلي، الضوء على واقع التنمية الثقافية في المجتمع العربي، وأدوات الإنتاج الثقافي في مجالات الإعلام والإبداع الفني والأدبي، وحركة النشر إضافة إلى قطاعات التعليم والبحث العلمي وتكنولوجيا المعلومات وإعداد خريطة معرفية للمؤسسات الثقافية العربية في مختلف قطاعاتها. وقد شارك في رعاية التقرير المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا، ومركز الخليج للأبحاث، ويعد هذا التقرير الذي تجاوز سبعمائة صفحة. أول تقرير سنوي تصدره مؤسسة عربية بتمويل عربي حول مقومات التنمية الثقافية في 22 دولة عربية من بينها الجزائر، ويشتمل على خمسة ملفات أساسية هي: التعليم العالي في البلدان العربية والإعلام العربي في تجلياته المقروءة والفضائية والإلكترونية، وحركة التأليف والنشر في 18دولة عربية، والإبداع الأدبي في ''الإبداع الشعري والسردي، السينما، المسرح، الدراما، الموسيقى والغناء''، والحصاد الثقافي السنوي في العالم العربي. لعل الجديد الذي تضمنه التقرير، يتمثل في الأرقام والنتائج التي خلص إليها في رصده للواقع الثقافي العربي، ففي مجال حركة التأليف والنشر تضمن التقرير تحليلا استند إلى قاعدة بيانات ضخمة قام بإعدادها فريق بحثي عن إجمالي الكتب التي نشرت في العالم العربي سنة 2007، وبلغت 90872 كتاب، ولا تمثل الكتب المنشورة في العلوم والمعارف المختلفة من هذا الرقم سوى51 %، بينما تصل نسبة الكتب المنشورة في الأدب والأديان والإنسانيات إلى 56 %، وأورد التقرير أن هناك كتاب يصدر لكل 21 ألف مواطن عربي، بينما يستفيد كل إنجليزي من 500كتاب ولكل ألماني 900كتاب أي أن معدل القراءة في العالم العربي لا يتجاوز 4 % من معدل القراءة في إنجلترا. كما اهتم التقرير بموضوع الصناعات الثقافية في العالم العربي التي لا تتوافر عنها إحصائيات دقيقة لما تمثله في الدخل القومي، بينما تشكل هذه الصناعات الثقافية ما بين 5 % و10 من قيمة المنتجات في العالم. صورة ثقافية سوداء عن الجزائر ذكر التقرير أن نسبة الأمية في الجزائر هي 51,03 بالمائة، وهو رقم خطير إن أخذنا عدد سكان الجزائر الذي بلغ 53 مليون نسبة وفق آخر الإحصائيات، في حين احتلت الصومال المرتبة الأولى بنسبة 53,26 بالمئة، كما أورد التقرير أن الوطن العربي يطبع في المتوسط ما بين 1000و3000 نسخة من كل كتاب وهناك دور نشر تطبع 500نسخة في الطبعة الأولى أي أن كل 977011 مواطن عربي يستفيد من نسخة واحدة ويمثل هذا الرقم ما نسبته 9000,0 بالمئة من عدد سكان العرب، كما أن مجموع ما أنتجته الجزائر من الكتب عام 2007بلغ 597 عنوان جديدا مودعا رسميا في المكتبة الوطنية الجزائرية وإذا عرضنا هذا الرقم الذي يظل بعيدا عن أرقام وزارة الثقافة ''مشروع ألف كتاب وكتاب''، على عدد السكان وجدنا أن كل 15204 فردا من السكان أنتجوا عنوانا جديدا أو استفادوا من عنوان جديد منتج وفق التقرير الذي سجل أن أكثر إنتاج حركة النشر في الجزائر خلال عام 2007هو في الأدب والبلاغة ب 478عنوانا ونسبته المئوية إلى المنشورات في تلك السنة 1,06 بالمئة وتليه أرقام المنشورات في التاريخ والجغرافيا ب 231 عنوانا جديدا أي مانسبته 6,61 بالمئة وتليه العلوم الاجتماعية ب 75عنوانا ويمثل نسبة 4,9 بالمئة ثم التكنولوجيا والعلوم الطبيعية والرياضيات بنسبة 1,7 بالمائة ثم الأديان ب 16عنوانا وبنسبة 2 بالمئة ثم الفنون ب 15عنوانا ونسبة 1.9 بالمئة، ويلاحظ، بحسب التقرير، تقدم منشورات الأدب والبلاغة والتاريخ وربما كان ذلك، حسب ذات المصدر، بمناسبة تظاهرة الجزائر عاصمة للثقافة العربية لعام 2007كما لاحظ التقرير أن رقم كتب التكنولوجيا والعلوم النظرية والتطبيقية ليس مشجعا.