قفل رئيس المجلس الشعبي الوطني عبد العزيز زياري عائدا من باريس حيث أدى زيارة على مدار ثلاثة أيام بغية المشاركة في رئاسة تنصيب اللجنة الفرنسية الجزائرية بدعوة من نظيره برنار أكويي. وقد التقى زياري جيرار لارشار رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، وكذا رئيس المجلس الدستوري جون لوي دوبري، كما جمعته عدة لقاءات مع برلمانيين من الجمعية الوطنية الفرنسية. وقد انتهت زيارة الرجل الثالث في الدولة الجزائرية تزامنا مع إعلان باريس على لسان الوزير المنتدب للدفاع وقدماء المحاربين، جون ماري بوكيل، عن موعد زيارة الرئيس بوتفليقة المرتقبة خلال الخريف القادم. وعلى الرغم من عدم إثارة الزيارة المرتقبة للرئيس بوتفليقة إلى فرنسا خلال تواجد زياري بباريس ولم يرد بشأنها أي تصريح ذي بال من قبل المسؤولين الفرنسيين ولا المسؤول الجزائري، إلا ما قاله زياري بشأن ''قضية توبة باريس عن جرائم الحقبة الاستعمارية و إعلان اعتذارها مؤكدا أنها ''لا تشكل نقطة خلاف بين العاصمتين ولا شرطا مسبقا محددا من قبل الجزائر''، مشيرا إلى أن ''القضية طرحت بعدما صادق البرلمان الفرنسي على قانون تمجيد الاستعمار، فاعتبرنا ذلك استفزازا فاضطررنا لرد الفعل''، قبل أن يواصل زياري القول ''إنه من الطبيعي وجود رد فعل جزائري كلما وجد استفزاز''. إضافة إلى التصريحات المعهودة في الخطاب الدبلوماسي، إلا أن المهمة التي قادت زياري إلى باريس وإن لم تحظ كما يرى مراقبون بنفس بروتوكولات الندية التي حظي بها أدنى مسؤول فرنسي عندما يزور الجزائر. و قد تأكد أن الزيارة كانت محل بحث الطرفين بحيث يكون قد أوكلت إليهما مهمة تذويب الجليد الذي خيّم على العلاقات الجزائرية الفرنسية والتحضير لزيارة أثارت جدلا على ضفتي المتوسط، خاصة بعدما تأكد أن بوتفليقة لن يزور باريس في شهر جوان كما سربت الخارجية الفرنسية في وقت سابق. الأمر الذي حمل المتتبعين للشأن الجزائري الفرنسي على التأكيد أن العلاقات بين البلدين قد فقدت حرارتها المعهودة، وبالأخص قبل وبعد المواعيد الانتخابية الرئاسية سواء في فرنسا أو في الجزائر. وهو ما يؤثر بدوره على جملة الملفات العالقة بين الطرفين سواء تعلق الأمر بالماضي أو المستقبل المشترك وكذا المصالح المتبادلة في مختلف المجالات من الاقتصاد إلى التكنولوجيا إلى ملف النووي مرورا بالملف التاريخي، والثقل الذي يضفيه على العلاقات الثنائية بين الجزائر وباريس وغير ذلك من الملفات الأخرى. وفي انتظار تأكيد الجزائر موعد الزيارة المرتقبة لبوتفليقة، وبغض النظر عن الجرعة الزائدة في تصريح زياري بشأن قضية الاستعمار، فإن طابع العلاقات الجزائرية الفرنسية سيبقى ذا طابع بسيط إلى درجة التعقيد الذي لا يخلو من مفاجآت وذلك بالنظر للحساسية الجزائرية المفرطة من جهة، والتقلب في السياسة الفرنسية حيال الجزائر من جهة أخرى. تقلبات كبحت المد والجذب في سياق التقارب المنشود بين البلدين مما يوجب، حسب الملاحظين السياسيين، تحريك الدبلوماسية البرلمانية وتفعيل دورها المعطل لنجدة السياسيين الذين يواجهون الانسداد تحت وطأة ضغوط العائلة الثورية بالجزائر واللوبيات الضاغطة في فرنسا.