لعل أقل ما يمكن قوله في مسرحية ”يحيى يعيش” التي عرضت سهرة أول أمس، في إطار ”أيام قرطاج المسرحية”، إنها ”انتقام مسرحي” من الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، وذلك عبر تقديم هزلي لمسؤول سابق يوضع على نحو غير متوقع تحت الإقامة الجبرية، هو مسؤول منتهي الصلاحية يثير السخرية·· بل وأحيانا الشفقة· ويقدم العرض، وهو نص لجليلة بكار من إخراج فاضل الجعايبي، الصورة المألوفة والنمطية للطاغية الذي يدعي معرفة كل شيء ويتصور أنه الأكثر كمالا، ليضعه من ثم في أكثر الأوضاع الإنسانية بؤساً واحتقارا· وهو أمر قد يذكر بما قاله شكسبير ”قالوا لي إنني كل شيء، أكذوبة فاضحة، فأنا لست محصنا ضد القشعريرة”· ورغم أنه ما من إشارة يقدمها معدو العرض تدل على أنهم يقصدون بن علي، وعلى الرغم من أن الرجل أعطى اسم ”يحيى يعيش”، فإن كثيرين رأوا فيه بن علي من دون تردد· وهذا ما ذهبت إليه الممثلة التونسيةالشابة ”نسرين”، من دون أن تفكر حتى في أن تضع الشخصية بطل العمل موضع الالتباس، حيث قالت في تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية ”رأيت أن العرض نجح في تجسيد بن علي·· لكن يحز في نفسي أن يقدم على هذه الصورة، إنه نوع من الشماتة·· لقد ارتحنا من بن علي وانتهى الأمر، لكن إنسانيا، يحز في نفسي ذلك”· لكن يبدو أن الرسالة وصلت إلى النظام أثناء حكمه، فالعرض، وفق تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية، ليس جديدا وإن طالته بعض التعديلات بعد الثورة، كما أنه أنتج قبل سنوات وعرض خارج تونس، بعدما خاض معركة صعبة مع الرقابة في الداخل إلى أن عرض تحت بصر وسمع النظام· وحسب نشرة المهرجان، فإن العمل يقدم إشكاليات عدة حول شخصية ”يحيى يعيش” الذي كان منخرطا في الواقع السياسي وأقيل من منصبه ليكون مآله الإقامة الجبرية· من ناحية أخرى، تتواصل فعاليات الدورة ال 15 لأيام قرطاج بمشاركة 66 فرقة مسرحية من تونس ودول عربية وإفريقية وأوروبية من ضمنها فرقة المسرح الجهوي لولاية بجاية التي تشارك بعرض ”ما وراء البحر” للمخرج عبد العزيز يوسفي· ويتضمن برنامج التظاهرة 53 عرضا مسرحيا تونسيا منها 10 للأطفال و6 للهواة و37 للمحترفين، إلى جانب 13 عرضا مسرحيا من دول عربية وإفريقية وأوروبية· بينما سيتم على هامش الفعاليات المسرحية؛ تنظيم ندوة فكرية دولية حول مستقبل المسرح، بالإضافة إلى تنظيم العديد من الورشات المسرحية لمناقشة واقع وآفاق المسرح العربي·