تمثّل مسرحية ''شظايا'' للمسرح الجهوي لسيدي بلعباس، الجزائر، في الدورة الخامسة عشر لمهرجان دمشق المسرحي التي تنطلق اليوم السبت وتتواصل إلى غاية الخامس من ديسمبر المقبل، بمشاركة 33 عرضا مسرحيا من 19 دولة عربية وأجنبية، مع تكريم الفنان القدير أمحمد بن قطاف إلى جانب 19 شخصية مسرحية استطاعت أن تحقق حضورها على صعيد مختلف مجالات الإبداع المسرحية. مسرحية ''شظايا'' للمخرج حسان عسوس ذات طابع عبثي، جاءت على شكل قصيدة بصرية متكاملة قدّمت كاتب ياسين بإيقاع حداثي جميل، وتحكي أحداثها قصة أمّ فقدت ولدها في لحظة من الزمن كان فيها طاعون الحرب منتشرا في الأرض الطاهرة، ففعل فعلته الدنيئة والمدنسة لنشر الحزن والغبن والظلم وأشياء أخرى لا علاقة لها بالقيم الأخلاقية والمبادئ السامية لمعالم الحياة والإنسانية. وحوّلت ''شظايا'' المرأة الأمّ، المرأة الرمز، والحب والوطن، إلى مجرد مجنونة تبحث في غياهب الزمن اللامحدود والمتناثر الأفق عن ''لخضر'' الابن المفقود، وقد جعلها ذلك الموت المفاجئ تتفنّن في التلاعب مع جميع أنواع الأحزان وفق سينوغرافيا أبدعها عبد الرحمن زعبوبي وزادت من جمال العرض بشكل رائع، مما يدفعها لأن تطغى في كثير من الأحيان على جوانب العرض من الناحية الإبداعية وتستفزّ المتفرّج. تعتبر مسرحية ''شظايا'' من بين أهم المسرحيات التي اقتبسها يوسف ميلا من معظم روايات والنصوص المسرحية وأشعار المبدع الجزائري الكبير الراحل كاتب ياسين، من ''الجثة المطوقة''، ''نجمة'' إلى ''الأجداد يزدادون ضراوة''، وتعتبر الشخصيات المشاركة في هذا العمل استحضارا لشخوص أعمال كاتب ياسين، حيث تجسّد النساء الثلاث، الظلم، الأم التي تفقد أبناءها والحبيبة ''نجمة''، وجسّد المحبوب شخصية الشهيد والشاعر الرافض للظلم، بينما يجسّد باقي الفنانين شخوص الشهداء والأجداد، والجثث المرمية على الطرقات، ويجسّد الشيخ الحكيم شخصية التاريخ أو الزمن الشاهد على الظلم، وانتصار الحق في الأخير الذي يظل انتصارا نسبيا في أعين الأجداد الشهداء. ويشارك إلى جانب ''شظايا''، اثنا عشر عرضا سوريا من أهمّها ''راجعين'' للمخرج أيمن زيدان المأخوذة عن قصة الأديب الجزائري الراحل الطاهر وطار بعنوان ''الشهداء يعودون هذا الأسبوع''، ''أناس الليل'' للمخرج العراقي المقيم في دمشق باسم قهار، ''حكاية بلا نهاية'' للؤي شانا، وتشارك السعودية بعرض ''كنا صديقين''، قطر بعرض ''أنا أنت الإنسان''، تونس ب''حقائب''، المغرب ب''طعم الطين''، الأردن ب''أحلام شقية'' و''جمهورية الموز''، لبنان ب''مساحات أخرى'' و''ماشي أون لاين''، العراق ب''كامب''، ومن السودان ''الرقصة الأخيرة''، من مصر ''صحوة الربيع''، من فلسطين ''هبوط اضطراري''، من الكويت ''دراما الشحادين'' ومن ليبيا ''فليسقط شكسبير''، وتضاف إلى ذلك أربعة عروض من السويد، بريطانيا، قبرص وتركيا. ويُكرّم المهرجان 20 شخصيةً مسرحيةً عربيةً، منها امحمد بن قطاف من الجزائر، عبد الغني بن طارة وعز الدين قنون من تونس، سامح مهران وعصام السيد من مصر، ميراي معلوف ورفيق علي أحمد من لبنان، إسماعيل عبد الله من الإمارات، شفيق المهدي وشذى سالم من العراق، عبد الرحمن المناعي من قطر، عبد الرحمن بن زيدان من المغرب ويوسف عيدابي من السودان، وسيتضمن المهرجان ندوة فكرية تحمل عنوان ''المسرح والشباب'' يشارك فيها كلّ من الدكتور نبيل الحفار، والدكتورة ميسون علي، والدكتور محمد قارصي، بالاشتراك مع مسرحيين شباب هم نورا مراد، رأفت الزاقوت، رغداء شعراني، وعبد الله الكفري، هذا إضافةً إلى ندوة تطبيقية عن كلّ عرض عربي.وجديد هذا المهرجان هو انطلاق مشروع تظاهرة ''المنصة المسرحية لحوض البحر الأبيض المتوسط''، واستضافة سوريا للدورة الأولى لها، والعروض المشاركة ضمن هذه التظاهرة هي ''نيغاتيف'' لنضال سيجري، ''حتى إلي يعود'' من فرنساوتونس، ''مكان ما في منتصف العالم'' من تركيا، ''ماشي أون لاين'' من لبنان و''باش'' من قبرص. وانطلق مهرجان دمشق المسرحي للمرة الأولى عام ,1969 واستمر في الانعقاد مرة كل عامين قبل أن ينقطع عام 1988 لستة عشر عاما، ليصبح الآن مهرجانا سنويا، يعد من أبرز المهرجانات المسرحية العربية إلى جانب مهرجان قرطاجالتونسي.