حشيشي يؤكد على ضرورة الالتزام بآجال المشروع الجديد لضغط الغاز بغرد النص    عشرات الشهداء والجرحى والمفقودين في غارات عنيفة شنها الاحتلال الصهيوني على غزة    غزة والضفة الغربية تواجهان كارثة صحية غير مسبوقة في ظل تصاعد العدوان الصهيوني    الاحتلال الصهيوني يواصل عدوانه على مدينة طولكرم ومخيميها لليوم ال53 على التوالي    بطولة إفريقيا للمحليين 2025 : المنتخب الوطني يجري ثاني حصة تدريبية له    مونديال 2026: "الخضر" يكثفون تحضيراتهم قبل التوجه إلى فرانسيس تاون    وزير الداخلية و الجماعات المحلية و التهيئة العمرانية في زيارة عمل إلى ولاية قسنطينة    وفاة الصحفية السابقة بالإذاعة الوطنية فاطمة ولد خصال    الجمعية الثقافية السينمائية "أضواء" تحيي الذكرى ال63 لعيد النصر    الملتقى ال17 لسلسلة الدروس المحمدية بوهران: إبراز أثر التزكية في تربية الوجدان وبناء الانسان    حزب جبهة التحرير الوطني يجدد دعمه الكامل للمواقف الدبلوماسية الحكيمة للجزائر    "بريد الجزائر" يطلق صفحة خاصة بتطبيق "بريدي موب"    رئيس الجمهورية يعزّي في استشهاد الطيّار المقدم بكوش    اختبار صعب ل"الخضر" في طريق التأهل لمونديال 2026    يوسف بلايلي سلاح بيتكوفيتش في مباراة بوتسوانا    المسموح والممنوع في الخدمات الرقمية نحو الخارج    لهفة الصائمين تعترض مساعي الحد من تبذير الخبز    في باكستان.. حرصٌ على اللباس المحتشم    ورشة مفتوحة لتغيير وجه المدينة    خطوات جديدة لمرافقة وترقية الاستثمار    مظاهرات حاشدة في المغرب لإسقاط التطبيع    مجموعة فرنسية تنظم مسيرة لإطلاق المعتقلين الصحراويين    نجوم في بيت الفن والسمر    إحباط تمرير 30 قنطارا من الكيف عبر الحدود مع المغرب    الجزائر تدين بشدة الهجوم الإرهابي على موكب الرئيس الصومالي    سلطة الضبط توجه إعذارات ل5 قنوات تلفزيونية    7 متنافسين على المقعد الرياضي الأكثر نفوذا    النوري يزور مديرية الوثائق    الخضر يبحثون عن الفوز للاقتراب من المونديال    مهرجان للإنشاد والمديح بسكيكدة    حج 2025 : اجتماع تنسيقي لمتابعة عملية تسيير رحلات الحج    الجزائر- تونس: ابراز الإرادة المشتركة في التصدي للظواهر السلبية بالمناطق الحدودية    البيع المباشر لمنتجات تربية المائيات: إقبال متزايد من المستهلكين على سمك التيلابيا الحمراء    قسنطينة: وضع حيز الخدمة لمركز متنقل لتحويل الكهرباء بمنطقة سركينة    رابح ماجر:عمورة مستعد للعب في الدوري الإنجليزي    رئيس الجمهورية يعزي في استشهاد الطيار المقدم بكوش نصر    متى يباح الإفطار للصائم    أجمل دعاء يقال في رمضان    قال إن المنتخب الجزائري يملك توليفة رائعة من اللاعبين.. صهيب ناير سعيد باللعب مع الجزائر    مغدوري: عيد النصر…فرصة للتذكير بضرورة احترام رموز الثورة التحريرية    حوادث المرور: هلاك 8 أشخاص وجرح 235 آخرين خلال ال24 ساعة الأخيرة    الجزائر تستنكر صمت مجلس الأمن أمام " الفظائع" المرتكبة في غزة    نسيج وجلود: رقم أعمال المجمع العمومي "جيتكس" يرتفع ب15 بالمائة في 2024    الذكرى ال63 لعيد النصر: تنظيم ندوة فكرية حول تجليات عيد النصر في المخيال الأدبي والفني الجزائري    تفكيك شبكة دولية منظمة تتكون من 11 شخصا    اتخاذ إجراءات ضد 53 مستورد للمورد    الجامعة منخرطة بقوة في الأهداف التنموية للبلاد 2024- 2029    الجزائر ستظل دائما وفية لمبادئ وقيم الاتحاد الإفريقي    فتح 2000 مطعم وطنيا لتقديم وجبات للمحتاجين وعابري السبيل    هل حافظت "طيموشة 3" على التألّق نفسه؟    بهجة رحال ونوري الكوفي نجما النوبة    الحويني في ذمة الله    أول رحلة للحجاج في 10 ماي المقبل    جاهد لسانك بهذا الدعاء في رمضان    هذا موعد أول رحلة حج    12 مطارا و150 رحلة لنقل 41 ألف حاج    الشروع في عملية حجز تذاكر السفر للحجاج : انطلاق أول رحلة نحو البقاع المقدسة يوم ال10 ماي المقبل    الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«حداد» بقرار جمهوري
نشر في البلاد أون لاين يوم 13 - 04 - 2012

خلال أيام حزن وموت متتالية فقد وطن العزاء هذا رجالا قُدّر لهم ألا يكونوا عابرين، لأنهم هاهنا ومن هناك وهنالك حيث محطات وطن ارتجل حريته فكان له ما أراد يوم أراد «الحياة»، صنع غابرين مثل الراحل أحمد بن بلة وقبلها سابقه في «إنك ميت وإنهم ميتون» المرحوم عبد الحميد مهري، تاريخ وصفحات وحتى «صفعات» بلد عايشه وعاش لأجله وبه جميعهم، لكنهم في نهاية المطاف غادروه فرادى مخلفين وراءهم بعد عمر مديد و«عديد»، أن الرجال يرحلون أما أعمالهم فهي جزء من خلود ومن تاريخ ومن سجلات وطن آن له أن يبكي «كباره» وهم يتهاوون بفعل سنة الله في خلق «آفلون»، لا يفرق الموت بين عظيمهم وغفيرهم إذا ما سقطت ورقة الأجل الموعود..
بن بلة أول رئيس لجمهورية رفعته إلى عل لترمي به في «جب» ربع قرن من زمن «عفوك فخامة الرئيس». بن بلة ذلك الكبير انتهى كأي كائن حي بعد ما ناهز القرن من العمر الحافل بكل الأفراح والأتراح، إلى بطن أرض كانت سلطانه كما كانت سجنه يوم نفاه رفاق الأمس معلنين إقالته من على كرسيها الكبير، وبين الزعامة فالسجن بإقامته الجبرية ووصولا إلى محطة العودة من غياهب التغييب والحبس، فإن التاريخ ، تاريخ هذا البلد المأزوم، عودنا على الاحتفاء بالعظماء حين يموتون، حيث الجميع اليوم سيدلي و«يندي» بدلوه حزنا على بن بلة وعلى غيره من أهرام راحلين، أصبح شأنهم العظيم مرتبطا بموتهم، بعدما بخسنا حياتهم وتاريخهم ووجودهم، ليبعثوا زرافات وجماعات بعد الموت، وتتباكى أمة من «الميتين» على من شيعوهم أحياء حيث لكل عظيم في هذا الوطن نصيبه من «عراجين» تمر تنتظر جنازته لتعوض عنه حاجته لحبة تمرة فقدتها حياته، فإذا بكرمنا مع عبد الحميد مهري ومع خليفي أحمد وبدرجة أقل مع بن بلة سيتجلى في واحات «نخل» ستتبرع بها دولة «المتباكين» والثكالى لمن كتب عليهم أنهم بعد موتهم ستطول أرجلهم حيث العزاء عزاء وطن وحيث الحداد حداد على أمة أتقنت سرعة الدفن لقتلاها من التهميش ومن القهر ومن التغييب..
خلال مدة لا تتعدى الشهرين، غيب الموت أكثر من وطن في شخص كان هو الوطن، فبعد حكيم عصره عبد الحميد مهري، ها هو نفس الموت نفسه يختطف منها تاريخ «عصره»، أحمد بن بلة، حيث كان صاحب القرن من عمر متعدد المحطات، شاهد عصر على الثورة وعلى الاستقلال وعلى «الاختلال» فالاستغلال، رجل تكمن أهميته في أنه كان محورا لأحداث هي الوطن، فمن البدء إلى نهاية الآن، حيث صدر «قرار بحداد جمهوري» على فقيد الجزائر، فإن الثابت أن أول رئيس للجمهورية الجزائرية، قد رحل ولا تزال «الغصة» في حلقه، ليس لأنهم عزلوه وحبسوه وأذلوه وهو عزيز قومه، ولكن لأن الوطن الذي أراده هو ورفاقه الغابرون والسبّاقون إلى الشهادة والموت، لم تتجسد منه على أرض الواقع سوى قدرته على وضع أكاليل الزهر فوق القبور في اعتراف منه بأن «الكبار» حين يموتون فإنهم لا يشيعون في صمت، وإنما تصاحب جنازاتهم أهازيج حزن وطبول شجن، تؤذن في الناس أنهم رحلوا وأن الله وحده كافلهم على ما فعلوا وعلى ما كان يجب أن يفعلوا.. نعم، أحمد بن بلة نال من رفعة الشأن، قبل رحيله الرسمي، ما يمكن أن يخفف عمن أهانه وتآمر عليه من رفاق نادمين، بعضا من عقدة ذنب تاريخي، رحل ضحيته، ومعه بدلا من سر واحد أسرار أمة وأسرار تاريخ وصفحات، ما كان لها أن تمزق، لأنها ليست من حق كائن من كان إلا الوطن، فماذا قال المرحوم بن بلة وماذا حمل معه إلى القبر من رحلة قاربت القرن من عمر لم يكن عمره وإنما عمر بلد، حارب لأجله وكان رئيسه ونفي بعد أن حبس داخله، وحينما حرروه من أسوار السجن، حاصروا فيه حقه في الكلام بعدما صادروا منه وقته ووقت بلد كان يريد أن يسمعه ويسمع منه فإذا بالرئيس يرحل وإذا بجيل كامل يصحو على «خبر» أن بلة الزعيم التاريخي، كان بيننا، ومنذ متى؟ منذ أكثر من ثلاثين عاما، كان يتجول ويسير ويدخل المقهى، لكنهم وحدهم من كانوا يعرفون أنه «حي» يرزق، أما ولدي الذي يبلغ من عمره الآن الخامسة عشرة فقد سألني ببراءة الأميين.. من هو بن بلة هذا الذي مات؟ لتأتيه الإجابة الصادمة من جدة، هي جدتي، قارعت المائة عام وعاشرت زمن ديغول وبن بلة وبومدين والشاذلي ومن جاء بعدهم: بن بلة مات «بكري» يا أوليدي...
وحين حاولت إفهامها أن الراحل بن بلة مات قبل يوم أمس، وجدت أن ذاكرتها التي تفرق بين الممثل التركي «مهند» في فيلم «نور» وبين دور نفس المهند في فيلم «العشق الممنوع» ، ترفض أن تعترف بأن «بن بلة» كان حيا قبل دفنه يوم أمس.. كانت كما الكثيرون يعتقدون أن الرجل خرج من السجن فمات، ترى من أخرج الرئيس الأسبق من سجنه الإسمنتي، ليغلق عليه باب الحياة في سجن افتراضي، لم ننتبه إلى أن الرجل أسير فيه إلا بعد أن أعلن رسميا عن وفاة أول رئيس للجمهورية..
في حكاية أقرب و«أغرب»» إلى الخيال والخبال، حدثت قبل عشر سنوات على مستوى مقر الجريدة، كنا نترقب بشغف وننتظر مجيء شخصية من نوع خالص، كان جميعنا متأهبا ومترقبا، فضيفنا من نوع خاص رجل يحمل من التاريخ ومن الحضور ومن الزخم ما يمكنه أن يحدث ضجة أينما مر، لكن على مستوى مكتب الجريدة، فإن المفاجأة في العرق البارد نزل من «كلنا»، أن الرجل المهم، والذي لم يكن سوى الرئيس السابق أحمد بن بلة، جلس في قاعة الانتظار بعدما منعه «حاجب» الجريدة من الدخول، والسبب الذي أحرجنا وأضحك «فخامة» الرئيس.. أن الحاجب لم يتعرف عليه.. فعفوك فخامة الرئيس، فقد غيبوك سجينا و«أغابوك» حرا..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.