حيثيات القضية تعود إلى استقبال فرقة الجنايات بالمصلحة الولائية للشرطة القضائية، شكوى رسمية أودعت من قبل مواطن بعد تعرفه بالسوق الأسبوعية على مواصفات مختلفة كان يجزم على أساسها بأنها لشاحنتة (من نوع: « H 100»)، التي سرقت منه بإحدى المناطق المتواجدة بإقليمالجزائر العاصمة، وهذا منذ مدة لا تتجاوز الثلاثة أشهر، والتي هي في تلك الأثناء معروضة للبيع بسوق السيارات بمدينة سطيف من قبل أحد الأشخاص. وإثر ذلك تم فتح تحقيق معمق في ملابسات القضية، جندت لها كل الإطارات والعناصر المزاولين بالفرقة الجنائية بالمصلحة الولائية للشرطة القضائية، استهلت بمساءلة الشخص الذي أقدم على نقل هذه الشاحنة إلى غاية فضاء السوق الأسبوعي بغية بيعها. وبعد تأكد العناصر وكعادتهم من أن المعني يمكن أن يكون غير متورط إطلاقا، لكنه قد يكون ضحية عملية نصب واحتيال، ومن باعه هذه الشاحنة أحد أفراد عصابة يحتمل أن تكون خطيرة، منظمة ومختصة في سرقة الشاحنات، خاصة أن كل الوثائق التي سلمت للمعني بموجب عملية البيع هذه لم تكن تبدو إطلاقا مزورة. وبفضل احترافية الأمن تم التأكد وفي فترة قياسية من أن الشخص الذي قام بعملية البيع، هو أحد الأشخاص الذين يحتمل تورطهم في قضايا تزوير، دون وجود دلائل مادية أو قرائن يمكنها أن تدينه من قبل. وبعد أن تم تحديد محل إقامة الشخص الذي دونت باسمه البطاقة الرمادية للشاحنة محل السرقة قبل أن تباع، وبعد الحصول على إذن بتمديد الاختصاص إلى غاية إقليم مدينة بريكة بولاية باتنة، تم تكليف محافظ الشرطة رئيس الفرقة الجنائية شخصيا لتأطير هذه المهمة لخطورة هذه العصابة، والذي تم الترصد له إلى غاية توقيفه بالقرب من مقر إقامته الكائن بأحد شوارع المدينة، وتحويله بعد ذلك إلى مقر الفرقة المتنقلة للشرطة القضائية للتحقيق معه. وحفاظا على عدم إتلاف أو تحويل أية أدلة من محل إقامة المعني، كان مقر إقامة المشتبه به تحت المراقبة في انتظار استغلال تصريحاته، حيث كانت شكوك عناصرالأمن في محلها بعد وضع هذا التشكيل، إذ قدم أحد شركائه إلى منزل المشتبه به رفقة شخص آخر كان يقود شاحنة، وهم بتحميل أغراض مختلفة وأكياس تحوي وثائق مختلفة إلى جانب جهاز إعلام آلي بلواحقه المختلفة وأغراض أخرى حملها باستعمال حقيبة يدوية وضعها داخل الشاحنة، عقب ذلك انطلق سائق هذه الشاحنة مسرعا إلى وسط المدينة، فيما عاد الآخر إلى المسكن، ليجبر عناصرالأمن على مغادرة المكان تعقب صاحب الشاحنة وتوقيفه بعد ذلك. جمهورية التزوير العملية تمت في سرية تامة ومكنت المحققين من الوقوف على أحد أخطر بؤر الإجرام المختصة في التزوير واستعمال المزور وتقليد الأختام الخاصة بالإدارات والهيئات الرسمية، باعتبار كل الأغراض التي تم ضبطها بهذه الشاحنة، والتي حاول شريك المتهم إخفاءها بالاستعانة بأحد عناصر هذه الشبكة الإجرامية، كانت أغلبها وثائق رسمية تتوفر على جميع المواصفات بما فيها مختلف الأختام الرسمية الخاصة بالهيئات الرسمية التي تصدرها، ولم يبق سوى تدوين هويات أصحابها الوهميين، مجموعة من الوثائق الإدراية الشاغرة (vierges) وصول إيداع ملفات تسجيل مركبات مختلفة فارغة وممهرة بأختام رؤساء مكاتب حركة تنقل السيارات، نسخ من سجلات شهادات الميلاد بها أختام رئيس الفرع البلدي لبلديات مختلفة، شهادات بيع فارغة مختومة، شهادات بيع فارغة تتضمن أختام مديرية ولائية للأملاك، نسخ من تصريح البيع فارغة بها أختام عن رئيس المجلس الشعبي البلدي وبتفويض منه، استمارات بيع فارغة، محاضر قبول بصفة انفرادية فارغة خاصة بمديرية المناجم والصناعة، قسيمات سيارات شاغرة، رخص سياقة دولية شاغرة، وحتى بطاقات طالب العمل زرقاء اللون صادرة عن وكالات تشغيل الشباب ومختلف الوثائق الرسمية. بالإضافة إلى أحدث المعدات والوسائل التقنية المستعملة في تزوير تلك المحررات والوثائق الإدارية الرسمية (جهاز إعلام آلي ذوا جودة عالية، جهاز سكانير ذو خصائص وجودة عالية، طابعة، ذاكرات محمولة وأقراص مضغوطة، مجموعة تشغيل KIT خاصة بمركبات مختلفة يستعمل لسرقة السيارات، مجموعة من الأختام مختلفة الأحجام و الأشكال عددها 28 ختم ومن بينها ختم معدني دائري جاف يستعمل في تزوير بطاقات الهوية و البطاقة الرمادية ومختلف الوثائق الرسمية، والذي يعد أهم ختم تم حجزه، رغم أهمية باقي الأختام كل حسم اختصاصه.، أدوات خاصة بتقطيع الأوراق، رخص سياقة مزورة. بالإضافة إلى عدد كبير من الملفات القاعدية الخاصة بالمركبات المختلفة وأيضا لوحات الصانع المزورة. القضية أخذت مأخذ الجد، خاصة بعد الوقوف على وجود من بين الوثائق التي تم استرجاعها، بطاقة رمادية لشاحنة من نوع «سوناكوم» تمت سرقتها بواسطة التهديد باستعمال سلاح ناري خلال سنة 2003، الأمر الذي أجبر لمحققين على التعامل بأكثر حذر والقيام بعملية حجز كل ما قد يساهم في تعميق التحقيق، كما تم فتح تحقيق معمق مكن المصالح من تحديد جميع هويات الأشخاص المتورطين في القضية، بعد استكمال ملف التحقيق ضد أفراد هذه العصابة المتكونة من 6 أشخاص، لا يزال أربعة منهم في حالة فرار، تم تقديم المتورطين اللذين تم توقيفهما أمام وكيل الجمهورية لدى محكمة سطيف الذي أمر بإيداعهما الحبس المؤقت بعد إحالتهما على التحقيق. المعنيان أودعا الحبس المؤقت بمؤسسة إعادة التربية بسطيف، ومكنت العملية مصالح الأمن من شل نشاطات إحدى أخطر العصابات المختصة في تقليد أختام الدولة التزوير واستعمال المزور في وثائق ومحررات رسمية، سرقة العربات باستعمال تقنيات متعددة بالإضافة لعدة عمليات نصب واحتيال مع إسترجاع شاحنة محل سرقة، وعدة وسائل كانت تساهم وتساعد مختلف الأشخاص والشبكات الإجرامية، من الحصول على وثائق وسندات رسمية مزورة تسهل تحركاتهم وأنشطتهم غير المشروعة، فيما تم حجز شاحنة من نوع «سوناكوم» وضعت على مستوى الحظيرة لتبقى تحت تصرف العدالة. يذكر أن الفرقة ذاتها وفي إطار محاربة ظاهرة سرقة السيارات، تمكنت بداية هذا الأسبوع من إسترجاع مركبتين من صنف «رونو سامبول» تمت سرقتهما من إقليمالجزائر العاصمة، هذا بعد فتح تحقيق معمق لا تزال تحرياتها قائمة لحد الآن.