بالرغم من الاستتباب الأمني الذي شهدته خلال السنوات القليلة الماضية قرية بوجبرون بمراد بولاية تيبازة بعد أن عانت ولسنوات من ويلات الإرهاب الذي أباد عائلات بأكملها، إلا أن آثار هذه الظاهرة لاتزال متجلية بالمنطقة التي غزتها البنايات القصديرية التي شيدها الفارون من بطش الإرهاب الذي تسبب في تفقير المئات من العائلات التي تنتظر رحمة الله بهذه القرية المنسية، التي تعاني إلى جانب العزلة والحرمان غياب المشاريع التنموية التي من شأنها أن تعيد الأمل إلى نفوس هؤلاء «البؤساء في الأرض» شهدت منطقة بوجبرون التي تعد من بين أكبر التجمعات السكنية عبر إقليم بلدية مراد خلال العشرية الماضية، نزوحا معتبرا للعائلات الفارة من بطش الإرهاب بعدد من الدواوير المتناثرة عبر البلدية كدوار أولاد الباجي، بلحاج وغيرها من الدواوير الأخرى التي هجرها سكانها خشية تصفيتهم من طرف تجار الموت، حيث قامت بإنجاز أكواخ وبيوت قصديرية فاق عددها حسب آخر الأرقام التي تحصلت عليها «البلاد» 500 بيت فوضوي تنعدم به أدنى مستلزمات الحياة الكريمة حتى أن البعض منها حسب معاينتا لها رفقة بعض ضحايا العشرية السوداء التي مرت بها المنطقة لا تعدو أن تكون مجرد جحور لا تصلح حتى لمبيت الحيوانات. وحسب ممثل السكان فإن عدد البنايات الفوضوية المشيدة خلال السنوات السوداء التي عاشتها المنطقة تجاوزت ال500 بيت قصديري غير موصول بشبكات التطهير حيث عمدت جل العائلات إلى إنجاز حفر العفن التي عادة ما تفيض في الخلاء عند امتلائها بالمياه المستعملة مشكلة سيولا من هذه المياه الوسخة التي تنبعث منها روائح كريهة على مدار أيام السنة لاسيما في فصل الصيف الذي يعاني فيه السكان الأمرين جراء انتشار الحشرات الضارة كالبعوض الذباب. وفي هذا السياق فقد أبدى محدثونا تخوفهم الشديد من انتشار الأمراض المتنقلة عبر المياه خاصة وفصل الصيف على الأبواب. سكان بوجبرون الذين يعانون من عزلة خانقة فرضها موقعها الجغرافي وبعدها عن مقر البلدية، اشتكوا بمرارة كبيرة من غياب الإنارة العمومية وتدهور وضعية الطرق التي قالوا عنها إنها منعدمة جراء عدم صلاحيتها للاستعمال وهو ما وقفنا عليه أثناء زيارتنا الاستطلاعية للقرية التي لاتزال تتخبط في براثين الفقر والحرمان بكل أشكاله. وقد خلص محدثونا إلى مطالبة الجهات الوصية بالتدخل العاجل لإصلاح وضعية الطرق التي لم تستفد حسبهم منذ الحقبة الاستعمارية وإلى يومنا هذا من أية عملية ترميم أو صيانة مما جعلها عرضة للتآكل والاهتراء. والمفارقة العجيبة التي لم يتمكن السكان من هضمها بعد أزمة المياه الخانقة التي يعانون منها منذ سنوات رغم توفر منطقتهم على العديد من الموارد المائية غير المستغلة كسد بوجبرون الذي يعاني الإهمال رغم أنه بإمكانه أن يزود بلدية مراد بأكملها وباقي البلديات المجاورة لها بالمياه الصالحة للشرب وهذا بشهادة العديد من وزراء قطاع الموارد المائية الذين كانوا قد زاروه خلال زيارتهم التفقدية له دون أن يحركوا في الوضع شيئا بدليل بقاء الوضع بالسد على حاله، علما أن هذا المورد المائي الهام كان مستغلا إبان الفترة الاستعمارية. التهميش الذي تعانيه منطقة بوجبرون التي لم تأخذ بعد نصيبها من التنمية المحلية، انعكس سلبا على الظروف الاجتماعية للسكان الذين لايزالون يتخبطون في مشاكل كالفقر والبطالة التي قضت على أحلام المئات من الشباب الذين اتخذوا من ظلال الأشجار الباسقة مكانا مفضلا لهم لقتل الوقت على حد قول محمد 30 سنة بطال، قلوبهم التي اكتوت بنار الفراغ والحرمان. وتبقى قرية بوجبرون إحدى بؤر الفقر والحرمان بولاية تيبازة التي تخفي في طياتها صورا وحقائق يجهلها الكثير ممن يسمع عن تيبازة الساحلية مدينة البحر والشمس ولكنها هي أيضا لمن لا يعرفها معقل للتخلف والفقر والحرمان بالكثير من المجمعات بما فيها الواقعة على بعد كيلومترات معدودات عن مقر المدن الحضرية.