كروفر …ومرضى تحت رحمة المنحرفين و المسبوقين قضائيا تعج محاكم الجلفة بعشرات القضايا المرفوعة، كان مسرحها مستشفيات الولاية، حيث تجد الإدارة نفسها مضطرة لمتابعة أهالي مرضى قصدوا تلك المستشفيات بحثا عن العلاج وعن الإسعاف، ليجدوا أنفسهم في النهاية محل متابعة قضائية على خلفية تكسير ممتلكات عمومية، في الوقت الذي بسط فيه منحرفون ومسبوقون قضائيا سيطرتهم على الساحات المقابلة للهياكل الصحية، ليجبروا المرضى وأهاليهم على دفع «إتاوات» توقيف السيارات المسعفة، وكم من حادثة «إسعاف» عاجل انتهت إلى ضارب ومضروب، الأول مكانه مقر الأمن والثاني الاستعجالات الجراحية، كما أن قضية فتح مناصب مؤقتة أضحى هاجسا كبيرا للمدراء، لكون المسبوقين قضائيا يكونون أول من يطلب هذه المناصب بالقوة وليس بشيء آخر، ولعل حادثة مستشفى مسعد لخير دليل على ذلك، حينما تم احتلاله بالكامل في وقت سابق وإغلاقه في وجه سيارات الإسعاف من طرف أشخاص ليعيثوا فيه رعبا في العمال والمرضى، وهي القضايا التي جعلت مستشفيات الجلفة طرفا في صراعات قضائية لا تزال العديد منها قائمة إلى حد الآن. لا إسعاف للمرضى… ادفع ولا قلّع!! غياب الأمن بمستشفيات ولاية الجلفة، ندخله من مسألة مواقف السيارات التي أضحت ظاهرة «غير صحية» بجميع المقاييس، بل أكثر من ذلك تحولت إلى أداة للتعدي والضرب والجرح العمدي، فبمجرد توقف أي سيارة تحمل مريضا أو مجروحا على جناح السرعة، يبادرك أفراد غلاظ مفتولو العضلات بعبارة «خلّص ولا قلّع». وعلى الرغم من أن المريض يكون لا يزال في السيارة الخاصة، إلا أن مسعفه يكون مجبرا على الدفع، والظاهرة موجودة واستفحلت أمام مستشفى الطفل والأم بعاصمة الولاية المجاور لمديرية الصحة والمقابل لمساكن الأمن، حيث بسط أفراد معروفون هناك سيطرتهم على الطريق ليبتزوا أهالي المرضى بالقوة، فلا مكان لإسعاف المريض من دون دفع قيمة توقف السيارة المسعفة، وتوجد العديد من الشكاوى على مستوى مصالح الأمن وعلى مستوى الجهات القضائية، رفعها مواطنون ضد هؤلاء على خلفية التعدي بالضرب. وعاينت «البلاد» حادثة تعرض مواطن للاعتداء أمام المستشفى المذكور، حيث قصده هؤلاء بمجرد ركن سيارته التي كانت تحمل زوجته الحامل على وشك وضع مولودها، ليدخل في مناوشات لكونه قال لهم إنه لا الوقت ولا المكان مناسبان، والأولوية هي إدخال زوجته إلى مصلحة الولادة، لينتهي الأمر إلى التعدي عليه من قبل فردين بمبرر «ادفع ولا قلع»، وعلى الرغم من أن الظاهرة استفحلت إلا أن الوضع لايزال قائما في انتظار تحرك المصالح المعنية التي لا تزال إلى حد الساعة نائمة. منحرفون يوظفون أنفسهم بقوة النار والحديد! على الرغم من أن مصالح الصحة الجوارية بأغلبية بلديات الولاية، تعيش خواء كبيرا من حيث العمال، حيث يتم ببساطة معاينة ذلك، بل إن هناك قاعات علاج واستطباب يقوم فيها الممرض والطبيب بمهام عمال النظافة والحراسة، إلا أن ذلك لا يعني نقص المناصب بل العكس تماما. فما حدث وأي هي وجهة قصدت تلك المناصب؟ «الحاصول» أن مناصب العمل المؤقتة على مستوى العديد من مراكز الصحة الجوارية، تم تأميمها من قبل منحرفين ومسبوقين بالقوة وبحد السيف والنار، ليتبوأوها من دون تقديم أي خدمة تذكر، يعني «خدام بالسيف». ولعل حادثة اقتحام المؤسسة العمومية الاستشفائية لمدينة مسعد من قبل مسبوقين قضائيا في وقت سابق لخير دليل على ذلك، حيث تم ترهيب العمال والمرضى وعاثوا في المستشفى المذكو فسادا، مطالبين بمنحهم مناصب عمل فورا، وتم اقتحام حتى مكتب المدير ليتطور الأمر إلى إغلاق المستشفى بالكامل في وجه حركة الإسعاف، وتركت الحادثة استياء كبيرا وتم توقيف العمل بعدها لساعات لكون الأمن لم يعد متوفرا بالمرة، حتى أن حراس أمن المستشفى وقفوا عاجزين عن صد هذه الهجوم. واستنجد مدير المستشفى بالمصالح الأمنية في حينها دون جدوى، ليضع مديرية الصحة في الصورة عبر تقرير وجه إلى مدير الصحة والسكان، كما أن القضية المذكورة طرحتها «البلاد» على هذا الأخير وعلى مدير أمن الولاية، ليؤكدا في تصريح لهما على هامش زيارة والي الجلفة لفرع عبد المجيد، أنه سيتم التنسيق من أجل تزويد المستشفيات بمزيد من رجال الأمن، والصورة المذكورة يمكن إسقاطها على أي مستشفى آخر، لأن الظاهرة عمت واستفحلت وضحيتها المرضى والعمال معا، فمناصب العمل المؤقتة تحولت إلى أداة للتعدي واحتلال المستشفيات وترهيب المرضى والعمال. مستشفيات ضحية غضب أهالي المرضى!! تأسست العديد من مستشفيات الجلفة كضحايا في قضايا تم رفعها على مستوى المحاكم، بعد أن تم تكسير ممتلكات عامة وأجهزة طبية من قبل أهالي المرضى، صبوا جام غضبهم على ما وجوده أمامهم، بعد أن وقفوا على غياب التكفل الصحي حسبهم. وتوجد العديد من القضايا التي لا تزال محل تحقيق قضائي بمحكمة عاصمة الولاية، وعاينت «البلاد» في أحد المواقف، ثورة العديد من المواطنين بمدخل مصلحة الاستعجالات الجراحية والطبية بحي الحدائق، حيث تم تكسير جزأ منه، بعد أن توفيت سيدة نتيجة حادث مرور، قال ابنها في حينها إن غياب التكفل والاستهتار بحياة الناس هو سبب ذلك، ليصب أفراد عائلته جام غضبهم على مدخل المصلحة المذكورة وتم رفع شكوى بذلك وسماع ابن المتوفاة بمحكمة الجلفة. والظاهرة المذكورة غير محصورة في عاصمة الولاية، بل على مستوى بقية المؤسسات الاستشفائية ومراكز الصحة الجوارية. ويؤكد عمال من مصلحة الاستعجالات الجراحية أن التعدي عليهم أضحى من قبل أفراد «ثائرين» شيئا عاديا، بل بشكل دوري ويومي لكنهم دوما يتنازلون عن متابعة هؤلاء بالنظر إلى الحالة التي يكونون فيها. والثابت في نهاية هذه الورقة أن الأمن لم يعد متوفرا داخل المستشفيات والمرضى وأهاليهم والعمال والإداريون أضحوا في رعب وخوف.