تراها في الصف في مسيرات العودة مقبلةً غير مدبرة وعيونها وقلبها يخفق شوقاُ إلى فلسطين، هي “رزان النجار” الشاهدة على طغيان آلة القتل الإسرائيلية التي شهدت على إجرام العدو الإسرائيلي ضد أبناء شعبنا الفلسطيني. الدكتور وسيم وني لم يشفع لها رداء “ملائكة الرحمة” الأبيض أمام وحشيّة احتلال اغتصب أرضها وقتل شعبها، وذنبها الوحيد أنها خرجت متطوّعة تطبّب جراح أبناء مدينتها الذين أصابهم رصاص الغدرالإسرائيلي، وبرصاصة واحدة غادرة في صدرها اغتالتها اسرائيل ضاربة بعرض الحائط قوانين المجتمع الدولي وحقوق الإنسان وذنبها الوحيد أنها تمارس إنسانيتها في أرض لم ترحمها ألة القتل الإسرائيليةمن قتل وحصار وتجويع. إنها ابنة غزة هاشم “رزان النجار” ذات الإحدى والعشرين ربيعاً والتي تطوعت في هيئة الإغاثة الطبية في غزة ومع بدء مسيرات العودة في غزة حملت إنسانيتها وواجبها الوطني ورابطت في الميدان شرق محافظة خانيونس معرضة حياتها للخطر وكل ذلك يهون بالنسبة لها فداء لفلسطين، وقبل أن تتحرك المسعفة لتلتحق بطواقم الإسعاف التي تتمركز بالنقاط الطبية في مخيمات العودة شرق قطاع غزة، وفي خانيونس تحديدا، كتبت على صفحتها الشخصية: “راجع ومش متراجع.. وارشقني برصاصك ومش خايف.. وأنا كل يوم هكون بأرضي وبأهلي حاشد.. مستمرون.. جمعة من غزة إلى حيفا”. ووجهت رسالة إلى أمها قبل وفاتها بساعات كتبت “أُمِّي يا الله فعلت كل ما بوسعها لتسعدني فأسعد قلبها يا ربّي بكل ما هو جميل، وَ لِأُمي أَنتَمِي .. وَبِأُمي أَكتَفِي .. وَدُونَ أُمي أَنتَهي“ كتبت رزان هذه الكلمات وكأنها تعلم بأنها آخر كلماتها وهي تدرك تماماً خطورة مهنتها ورسالتها الإنسانية التي يقابلها الاحتلال بالإجرام والقتل أمام أعين العالم في صمت مخزي ومريب. بالقوة قابل جنود القناصة الإسرائيليين رقة رزان النجار، حيث توجهت قرب الحدود الشرقية لخانيونس جنوب قطاع غزة لإسعاف أحد الجرحى ولم يشفع لها بأنها قامت برفع يديها إلى الأعلى، بالإضافة إلى أنها كانت ترتدي ملابس طبع عليها شارة الإسعاف وأنها تتبع لجمعية الهلال الأحمر أحد القناصة لم يأبه لتلك الإشارات، فباغتها برصاصة قاتلة دخلت في صدرها وخرجت من ظهرها، وملأت دمائها تلك الملابس، في جريمة من أبشع الجرائم الإسرائيلية ضد الإنسانية. وأخيراٌ مازال مسلسل الإجرام الإسرائيلي مستمرا ضد أبناء شعبنا الفلسطيني سواء أكان قتل المدنين بدم بارد أو تدمير القرى والبيوت وإبعاد أبناء شعبنا عن مدنهم وتدمير المستشفيات واستهداف سيارات والإسعاف وحتى دور العبادة لم تسلم من إجرامهم، وقد شاهد العالم أجمع بربرية جنود الإحتلال في استهداف الأطفال في حضن ذويهم كالشهيد محمد الدرة وغيرها من الجرائم التي لا تعد ولا تحصى والتي تصنف كجرائم ضد الإنسانية كما يعرفها القانون وخارج فلسطين أخذ هذا الكيان المجرم بنشر إرهابه بجرائم حرب عديدة على رأسها مجزرة قانا في جنوبلبنان وغيرها من الجرائم والانتهاكات اليومية للحدود اللبنانية وآخرها الإعتداءات المستمرة على سوريا، ويمكن القول هنا إن إسرائيل تعتبر من أكثر دول العالم (وأود التنويه هنا هي ليست دولة بل كيان مغتصب) اليوم ممارسة للإرهاب ولجرائم الحرب ولولا التحالف الوثيق بينها وبين الولاياتالمتحدة وشلل المجتمع الدولي وتبعيته الكاملة للولايات المتحدة لُقدم قادة إسرائيل للمحاكمة كمجرمي حرب وهذه الجريمة بإغتيال الشهيدة رزان تعد سلسلة من الجرائمالتي لا تسقط بالتقادم وسيأتي يوم نحاكم فيه مجرمي الحرب من إسرائيليين وغيرهم، فالشهيدة رزان ستبقى خالدة في قلوبنا جميعا وذكرى تأبى النسيان فهي أيقونة مسيرات العودة وسيبقى اسمها رمزا لفلسطين كل فلسطين.