إن النصوص الإسلامية زاخرة بالحض على كفالة الفقراء والمساكين ومشاركتهم آلامهم وتنفيس الكرب عنهم وبذل العون لهم ماديا ومعنويا. ان الإسلام في مواجهة المشكلات الاجتماعية يفرض الحد الأدنى لاستقامة الحياة وجريانها على الصلاح ثم يفتح المجال أمام التطوع والإحسان مع الترغيب فيه والحث عليه وبيان ما ينتظر صاحبه من جزاء في الدنيا والآخرة. وكما هو شأن الإسلام في مواجهة مشاكل الحياة والاجتماع فاننا نجده يسلك نفس السلوك في مشكلة الفقر ففي الوقت الذي يفتح فيه فرص العمل أمام الجميع ويزيل العقبات والعراقيل أمام الفقراء ليعملوا فانه يفرض على المجتمع المسؤولية الكاملة عن فقرائه الذين لا يجدون عملا أو لا تتسع مواردهم للوفاء بحاجتهم وذلك من خلال فريضة الزكاة التي تتمثل في قيمة 2,5 % من ثروة المجتمع تجنيها الدولة كل سنة لتردها على الفقراء والمساكين وغيرهم من مصارف الزكاة الذين حددهم الله تعالى في القرآن ألكريم بقوله :((انما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم)) . كما يعلن مسؤولية الدولة عن توفير العمل لمن لا يجد عملا وايجاد ميادين العمل وفتح أبوابه أمام العاطلين, بل انه يجعل للإمام في الحالات التي يهدد فيها التوازن الاجتماعي وتميل فيه الكفة نحو احتكار المال في أيد محدودة يجعل له الحق في أن يعيد الأمور إلى نصابها ويتخذ من الإجراءات ما يراه كفيلا بإعادة التوازن إلى المجتمع ,ثم يفتح بعد ذلك الطريق أمام التطوع والإحسان ويحض عليه ابتغاء الدار الآخرة والثواب من الله تعالى: (( ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب )),(( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ))((فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون))