يخرج اليوم ملايين الجزائريين ليودعوا رجلا عظيما، يقول عنه البعض انه جنرال وعسكري، ويقول الشعب أنه شهيد تأخر في تلبية نداء السماء، إلى أن أكمل مهمة الشهداء . ملايين الجزائريين يتقاطرون من كل ولايات الجمهورية، لتوديع البطل القايد صالح، انها صور كان المخلوع بوتفليقة يحلم بها كثيرا، ولأجل تلك الصور التي تنقلها قنوات الاخبار العالمية، اصر بوتفليقة والمحيطين به، أن يظل رئيسا فوق صدور الجزائريين حتى يموت، لقد كان بوتفليقة يريد جنازة شعبية ورسمية لا تقل مهابة عن جنازة بومدين، لكن أبى القدر إلا أن يبقى بوتفليقة حيا، ليرى بعينيه، جنازة القايد صالح، وهي تنافس جنازة الهواري في عظمتها، بينما يشاهد هو الحشود العظيمة عبر التلفاز من مسكنه بالأبيار. هذا يعني : أن الله يمنح كل شخص على قدر ما في قلبه، وحسن الخاتمة الرائعة التي كانت في مكتوب القايد صالح، ما كانت لتكون لولا أنه كان صادقا مع شعبه، ومع ربه، وكان صاقا مع رفقاء السلاح الذين دفنهم كما قال بيده. كما يعني أن الشعوب تحب من يصدقها، حتى وان كان عسكريا يضع كاسكياطا على رأسه، وتكره المتعجرفين الخونة، حتى وإن كانوا مدنيين.. المعيار هنا هو الصدق والاخلاص لله والوطن، وها هو الشعب الجزائري عن بكرة أبيه اليوم، بمن فيهم بعض الذين شتموه قبل اليوم، يبكونه بحرقة، ويعدونه أن يكونوا خير خلف لخير سلف. فرحم الله آخر الشهداء في هذا الوطن، فقد كان عظيما في حبه للجزائر، فكانت جنازته أيضا عظيمة بقدر ذاك الحب.