تشكل الأزمة الليبية أول امتحان حقيقي للرئيس الجديد للجزائر، عبد المجيد تبون، الذي جمع أعضاء المجلس للأمن، الخميس الماضي، لبحث الكيفية التي سيتم التعامل بها مع الأزمة في الجارة الشرقية. وتشهد ليبيا تطورات خطيرة خلال الأسابيع القليلة الأخيرة، فبعد أن اقترب موعد انعقد مؤتمر برلين حول ليبيا، سارعت العديد من الدول المتورطة في هذه الأزمة، إلى ما يشبه سباق ضد الزمن، من أجل حسم الأزمة عسكريا، حتى إذا انعقد مؤتمر برلين، تكون الأمور قد حسمت لصالح هؤلاء. ومعلوم أن هناك تدخلات لعدة دول في الأزمة الليبية، هي كل من الإمارات العربية المتحدة ومصر والمملكة العربية السعودية وروسيا الاتحادية وفرنسا. وبينما تورطت مصر من خلال وضع طيرانها الحربي تحت تصرف الجنرال خليفة حفتر المتهم بالعمالة للولايات المتحدةالأمريكية (حاملا لجنسيتها)، توفر كل من الإمارات العربية الطائرات المسيرة والمال لتسديد أجور الآلاف المرتزقة الجنجويد المستقدمين من السودان، فيما تسدد روسيا أجور مرتزقة فاغنر الروسية، وفرنسا تضمن الخبرة العسكرية والتدريب. وقد شجع هذا الوضع، تركيا على التدخل بدورها في ليبيا، لكن بطريقة شفافة وعلى مرأى الجميع، وذلك بعد أن أبرمت اتفاقية أمنية مع الحكومة الشرعية في طرابلس، المعترف بها دوليا، والتي يقودها فايز السراج، بما يسمح لها بنقل قوات جوية وبحرية وبرية لدعم الحكومة المعترف دوليا. تحول ليبيا إلى مسرح لقوى إقليمية ودولية، حتم على الجزائر التفكير في حلول في كيفية التعامل مع هذه القضية، لكونها تربطها بها نحو ألف كيلومتر من الحدود البرية، وعلى هذا الأساس جاء اجتماع المجلس الأعلى للأمن، الذي ترأس الرئيس تبون، وهو الاجتماع الذي يأتي بعد أقل من أسبوع من توليه منصب القاضي الأول في البلاد. و كما هو معلوم، فقد بحث المجلس الأوضاع في المنطقة الحدودية، وفق بيان الرئاسة الذي تحدث عن “إقرار تدابير أمنية لحماية الحدود مع ليبيا”، وهو قرار يعتبر الأول من نوعه منذ اندلاع الأزمة الليبية، بحيث ظلت الجزائر تتحفظ على أي تدخل خارج حدودها، وذلك استنادا إلى مادة في الدستور الجزائري تمنع ذلك. ويؤشر بيان الرئاسة على أن الجزائر ماضية في حماية حدودها الشرقية بكل الوسائل.