توقعت الناشطة السياسية والمحامية المعتمدة لدى مجلس الدولة والمحكمة العليا، فتيحة شلوش، ومتاسسة في قضية القرن الخاصة بتركيب السيارات، في حوار مع “الجزائر الجديدة”، أن تكون ظروف المرافعة في جلسة الاستئناف مبرمج عقدها بعد أيام ، أحسن من تلك التي جرت بالقطب الجزائي بسيدي أمحمد، سيما وأن الدفاع لن يقاطع الجلسة القادمة المزمع عقدها برويسو، متوقعة تخفيف العقوبات. في نفس السياق، اكدت المحامية على ان إحضار الوزير الفار عبد السلام بوشوارب من الخارج من قبل الشرطة الدولية الانتربول حتمية، وهذا بحكم الاتفاقيات الدولية التي تربط الجزائر بدول الأعضاء، مشيرة إلى أن الإكراه البدني هو وسيلة لتعويض الأطراف المدنية المتضررة كما هو الشأن للخزينة العمومية، كما شددت على ضرورة ان يلعب كل من مجلس المحاسبة و البرلمان بغرفيته دورهما من خلال لجان الاستعلام لحماية المال العام . حوار: توفيق محمودي – يرى بعض المتابعين لقضايا الفساد المتعلقة بمصانع تركيب السيارات التي هزت الرأي العام الوطني، أن هيئة الدفاع رفضت محاكمة كبار المسؤولين السابقين في الدولة، بسبب الخوف على سمعتكم ومستقبلكم المهني، ما تعليقكم على الأمر؟ غير صحيح ، لان كل محاكمة يلزمها شروط موضوعية وقانونية حتى تكتسي صفة العادلة، و نحن كمحامين ننظر للملفات والمتهم وفق قرينة البراءة ، فهو ليس مدان حتى تثبت التهمة عليه. نحن رفضنا المرافعة على المتهمين ليس من باب حكم الشعب على المتهمين، ولانعدام شروط الموضوعية و منها الضيق و الاكتظاظ الكبير الذي ميز قاعة المحاكمة حيث لم يتسنى للأسرة الدفاع حتى فرصة الولوج للقاعة في اليومين الأولين والتحرك بحرية و هو شرط في غاية الأهمية حتى يكون المحامي في راحة. أما السبب الثاني فهو قانوني و يتمثل في عدم احترام آجال الإحالة، حيث لم يمهل المحامي فترة القانونية المحددة ب20 يوم ، سيما و أن الملف معقد جدا و تقني و يستلزم من الدفاع وقتا قانونيا لدراسته و ليس ثلاثة أيام ، و يضاف إلى هذا ضم القاضي للملفين قبل الشروع في المحاكمة و هو أمر مرفوض أيضا، وهذا في نظرنا خرق للقانون. أما بالنسبة للأسباب السياسية التي اعترضنا عليها، فتتمثل في تزامن المحاكمة والتحضير للانتخابات الرئاسية ل 12 ديسمبر، ما جعل القاضي حتميا تحت الضغط وبالتالي فان الجو ليس مناسب أبدا. – كيف يمكنكم الدفاع عن متهمين تمت إدانتهم من قبل الرأي العام و الحراك الشعبي الذي رفع شعارات ” كليتو البلاد سراقين “؟ المحامي لديه مهمة نبيلة ومقدسة وهي الدفاع عن المتهمين وهذا وفق قاعدة قرينة البراءة حيث ينظر القانون للمتهم كبريء، إلى أن تثبت إدانته بالأدلة القاطعة، و من هنا تبرز الأهمية الكبيرة التي يضطلع بها المحامي في المجتمع وحماية حقوق الإنسان، و إذا كان المحامي يرفض الدفاع عن المتهمين فمن يدافع عنهم. – المتهم أحمد أويحيى طالب بأن تتم محاكمته في محكمة خاصة وفقا للمادة 177 من الدستور، مارأيك ؟ نعم من حقه المطالبة بهذا باعتباره كان مسؤولا ساميا في الدولة ، والمحكمة الخاصة تنشئ بموجب قانون عضوي، و بالتالي كان يفترض أن تنصب المحكمة من اجل الحصول على محاكمة أحسن وفقا الدستور و القانون. – تأسستم للدفاع عن الوزير الأسبق للصناعة و المناجم يوسف يوسفي، ماهي حججكم للرأي العام ؟ السيد يوسفي كان مسؤول طيلة فترة طويلة والدليل انه أدار أهم شركة وطنية وهي سوناطراك باستحقاق، حيث قلد الوسام الشرفي من قبل الدولة اليابانية بعد أن امن برعاية الجيش الوطني الشعبي طبعا أرواح الرعايا اليابانيين في حادثة الاعتداء الإرهابي تيقنترونين . وعندما نصب على رأس وزارة الصناعة والمناجم ، وضع مرسوم تنفيذي جديد رقم 3144/17 في نوفمبر 2017، من اجل بداية عهد جديد في مجال تركيب السيارات، لكن الوزير خدع من محيطه والمسؤولين الذين كانوا في ادني مسؤولية منه، لأنهم يعرفون جيدا الملفات التقنية وتشعباتها فعملوا على تطبيقها وفق ما يحقق مصالحهم . الجميع ينتظر جلسة الاستئناف التي ستجرى فصولها بمجلس قضاء العاصمة ، كيف تتوقعون مجرياتها و هل ستكون أحسن من تلك التي جرت بمحكمة سيدي أمحمد ؟ نعم أتوقع أن تكون جلسة الاستئناف أحسن بكثير من جلسة المحاكمة الابتدائية ، بالنظر لتوفر الشروط و أهمها اختلال في الآجال و أيضا عدم وجود الضغط الذي تسببه الانتخابات الرئاسية الماضية ، حيث يكون القضاة ووكلاء الجمهورية و المحامين في أريحية ، فضلا عن كون القاعة هناك أحسن من قاعة سيدي امحمد، كما ستشهد الاستئناف وجود 3 قضاة لان المجلس مكون من 3 قضاة و لديهم تجربة وكفاءة عالية للنظر في هذا الملف المعقد و الهام في نفس الوقت. -هل يمكن أن يتم اللجوء للإكراه البدني لإرجاع الأموال المنهوبة ؟ الإكراه البدني هو إجراء قانوني يطبق بعد صدور الحكم النهائي ، بمعني بعد مرور القضية على المحكمة الابتدائية و الاستئناف و المحكمة العليا، كما يراعي في تطبيق الإكراه البدني أن يتم التبليغ للمدان في ظرف 20 يوما، من صدور الحكم عبر محضر قضائي بشكل رسمي. أما آلية تطبيقه فهي بممارسة الحجز على ممتلكاته وثروته من عقارات وسيارات وحسابات بنكية، وعرضها في مزاد علني للبيع، من اجل اقتطاع قيمة التعويض لتعويض الضرر المنطوق به في الحكم النهائي للطرف المدني ، كما هو الحال مثلا بالنسبة للخزينة العمومية مثلا . في حالة عدم تغطية المبلغ بعد عملية البيع في المزاد العلمي ما هو الإجراء القانوني الأخر الذي يتم اللجوء إليه لتعويض الأطراف المدنية ؟ في حالة عدم تغطية المحجوزات التي يتم بيعها في المزاد العلني، للمدان من اجل تعويض الطرف المدني المتضرر، يتم اللجوء الى أقارب المدان من الزوجة والأبناء إلى درجة القرابة الرابعة ، حيث تحجز ممتلكاتهم و أموالهم إلى غاية تغطية الأموال الخاصة بالضرر. – المحاكمة العلنية كانت محل انتقادات عديدة ، رغم ذلك وكيل الجمهورية اعتبرها ضرورية لمد جسر الثقة بين السلطات و الشعب مستقبلا واستعادة عذرية العدالة التي كانت تسيير حسب البعض بالتلفون، ما رأيكم ؟ أنا ضد المحاكمة العلنية لأنها نوع من التشهير بالمتهمين و هم لا يزالون في مرحلة المحاكمة ، في نظري إعادة الثقة في العدالة لا تتأتي إلا عبر التطبيق الكامل للقانون و احترامه من القمة إلى القاعدة ، فاخلقه الحياة العامة لن تمر عبر قناة أخرى إلا عندما يكون المواطنين سواسية أمام القانون. لاحظنا في أطوار المحاكمات أن الكثير ممن تم اقتيادهم للمحاكمة يجهلون المسؤوليات التي كانت على عاتقهم، فأين الخلل ؟ الخلل يرجع لعدة أسباب أبرزها التكوين السياسي، حيث كان في السابق مثلا تضطلع الأحزاب السياسية على تكوين ممثليها في هرم السلطة و التكوين يتم باستمرار، حيث كان الافلان مثلا مدرسة لتكوين الإطارات وتوجيهها من قبل القيادة و جعلها في تنجح في الدور المناطق بها في هرم السلطة ، اليوم اختلفت الأمور و الدليل البرلمان مثلا. تحدثتي عن تقصير بعض المؤسسات خارج وزارة الصناعة في أداء دورها ، إلى ماذا تلميحين ؟ انا اقصد المجلس العشبي الوطني ومجلس الأمة والمجالس المنتخبة المحلية، فجميعها تؤدي دور رقابي على الجهاز التنفيدي ، فمثلا البرلمان كان في متسع نوابه ان يقوموا بتحريك لجان الاستعلام و طرح أسئلة شفوية جريئة على الحكومة في مجال تركيب السيارات وغيرها من الملفات الأخرى ، لكن أغلبية النواب اليوم يفضلون الصمت . اما المؤسسة الثانية الهامة جدا فهو مجلس المحاسبة ومديريات الضرائب والجمارك التي لم تحرك ساكنا، فهي الأخرى لم تؤدي أدوارها كما ينبغى، لهذا اعتقد أنها تتحمل جزء كبير من المسؤولية فيما حدث. – لكن مكتب المجلس كان قبل حراك 22 فيفري لا يبرمج أي سؤال يتعارض مع سياسة الحكومة ؟ في هذا الحالة كان الأجدر بالنواب تقديم استقالاتهم ماداموا يعجزون على تمثيل الشعب و إيصال صوته. – في الأخير هل تعتقدين أن المحاكمات تكون كافية لردع المسؤولين في المستقبل و أخلقة الحياة العامة؟ في نظري أن التكوين السياسي للمسؤولين على مستوى الأحزاب هو الانطلاقة الصحيحة للمسار المنهي لأي مسؤول ، فالأحزاب هي المدارس التي تكون الإطارات و تجعلها تطبق برامجها ، وأنا لا أعتقد أن الردع هو وسيلة لأخلقة الحياة العامة ، بل القانون و احترامه من قبل الجميع الشعب و الحكام ، لان العديد من الانتهاكات والتجاوزات نلاحظها اليوم تتكرر في اليوميات البسيطة للمواطن، و بالتالي فان القانون هو اللبنة الأولى لإرساء دولة الحق والقانون و ليس الردع.